الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاربة الإرهاب.. والحزم الأميركي المفقود

17 سبتمبر 2014 23:59
جون ديكرسون محلل سياسي أميركي قد يستغرق الأمر سنوات كي يتحدد ما إذا كانت خطة أوباما الرامية إلى محاربة «داعش» من شأنها تقليص قدرات التنظيم أو تدميره تماماً، لكن النقاشات السياسية خلال الأسابيع المقبلة ستطلعنا على ما إذا كان يمكن للولايات المتحدة أن تجري نقاشاً عاماً بشأن استخدام القوة العسكرية في وقت يتزايد فيه القلق. وفي الوقت الراهن لا يبدو أن المحادثات ستجعلنا أكثر فهماً وإلماماً؛ إذ تُظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين خائفون ويريدون التحرك. وفي مسح أجرته «إن بي سي/ وول ستريت جورنال» أعرب غالبية الذين شملهم الاستطلاع عن اعتقادهم بأنهم أقل أمناً الآن من أي مرحلة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2011. وفي استطلاع مركز «بيو»، أكد 62 في المئة أنهم كانوا يشعرون بقلق عميق من ظهور التطرف في أرجاء العالم، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2007. ويساور 53 في المئة الخوف من المشكلة ذاتها داخل الولايات المتحدة، وهي وإنْ كانت أغلبية محدودة لكنها تمثل ارتفاعاً قياسياً. ويقول «الجمهوريون»إن الرئيس تباطأ كثيراً في التحرك، بينما يندفع «الديمقراطيون» نحو الموافقة. وانطلاقاً من ذلك، بدأت تتحدد توجهات سياسة خارجية واسعة النطاق، إذ جرت العادة على قول «إن مؤشر البوصلة انحرف كثيراً بعد رئاسة بوش الابن، ولا بد أن تعود الولايات المتحدة في الوقت الراهن إلى سياسات خارجية أكثر حزماً». وسواء أكان الموضوع هو سوريا أو التطرف أو روسيا، فلابد أن تتمحور التحركات ضمن إطار إظهار الضعف أو القوة. وعندما تُنحر رؤوس الأميركيين، ولا يرغب أحد أن يُتهم بالضعف، فليس هناك إذن كثير من النقاش بشأن ماهية الضعف أو القوة الحقيقة في ضوء السياق الراهن. ولعل غياب الرؤية هو ما يجعل أوباما يبدو عاجزاً، فالحافز هو فقط «إظهار القوة»، بغض الطرف عما يعنيه ذلك. وسرعان ما تغير المزاج العام لمصلحة التحرك العسكري، حيث يعتقد نحو ثلثي الأميركيين أن في مصلحة الولايات المتحدة مواجهة «داعش». ويؤيد زهاء 34 في المئة بأنحاء الولايات المتحدة نشر قوات برية. وقبل عام مضى، عندما فكر الرئيس في التحرك ضد النظام السوري عقب استخدام أسلحة كيميائية، لم ير سوى 21 في المئة فقط أن مثل ذلك التحرك تقتضيه المصلحة الوطنية. وقد تراجعت أيضاً معدلات تأييد الرئيس بشكل حاد. وفي الاستطلاع الأخير الذي أجرته «إن بي سي/ وول ستريت جورنال»، أعرب 32 في المئة فقط عن موافقتهم على السياسات الخارجية للرئيس، وهو أدنى مستوى على الإطلاق في كافة الاستطلاعات. وزاد تأييد الحزب «الجمهوري» بفارق 18 نقطة على الحزب «الديمقراطي» بشأن أي الحزبين يمكنه التعامل مع قضايا السياسة الخارجية، بارتفاع 11 نقطة عن العام الماضي. ويتقدم «الجمهوريون» بفارق 38 نقطة بين الناخبين عندما سئلوا عن الحزب القادر بصورة أفضل على ضمان دفاع وطني قوي. وهو أعلى فارق يحصل عليه الحزب الجمهوري منذ أكثر من عشرة أعوام. وفي أحدث استطلاعات «واشنطن بوست» سجّل الرئيس مستوى منخفضاً جديداً فيما يتعلق بمسألة القيادة، إذ يصف 43 في المئة فقط من الأميركيين أوباما بأنه زعيم قوي، بانخفاض 11 في المئة عن العام الماضي إلى أدنى مستوى في سجل رئاسته. ولكن ما تعنيه تلك الضغوط السياسية بصورة عملية هي أن دلالات إظهار القوة بغرض البقاء سياسياً تطغى على دلالات تقييم السياسة الخارجية حسب المميزات وتقديرات المصالح الوطنية وما تقتضيه الحكمة. وعليه، إذا كان الجمهور يعتقد أن الرئيس الذي لا يحظى بشعبية كبيرة شديد الحذر والتردد، فيجب عندئذ فعل الشيء المخالف لذلك، أو على الأقل يجب التظاهر بذلك، من خلال الوعود بالتحرك والتفاخر بالحسم، وكل ذلك من أجل تأكيد التحرك الأساسي نحو إظهار القوة. فعلى سبيل المثال، أصبح من المتعارف عليه الآن أن أوباما كان عليه أن يسلح المعارضة السورية من وقت طويل، ولو أنه فعل ذلك من قبل، ربما لم ينمُ تهديد «داعش». وتقول «وول ستريت جورنال» ذلك ويؤكده كل من «ديك تشيني» و«هيلاري كلينتون»، بينما يكرر أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون، الذي يحاولون الاستمرار في عام صعب، ذلك الزعم. وفي أول مناظرة لها قالت «كاي كاجان» عضو مجلس الشيوخ «الديمقراطية» في نورث كارولينا، إنه كان على أوباما تأييد المعارضة. ولا ينتقد «الديمقراطيون» سرعة أوباما في الماضي فحسب، ولكن أيضاً فهمه للتهديد الذي تواجه الولايات المتحدة. بيد أنه كانت هناك مخاطر جمّة من تسليح المعارضة السورية عندما نوقشت المسألة للمرة الأولى قبل بضعة أعوام؛ خصوصاً أنه كان من الصعب تمييز «الثوار الطيبين»، ولربما سقطت الأسلحة في أيدي «داعش» والجماعات المتطرفة الأخرى، ولا تمتلك الولايات المتحدة تاريخاً قوياً في دعم الحركات المعارضة. وتظهر الأبحاث أن تسليح المعارضة من شأنه أن يفضي إلى حروب أطول وأكثر تكلفة. وفي الحقيقة، انتقد السيناتور «راند باول» الرئيس بسبب الأسلحة المحدودة التي قدمها للثوار السوريين من الأساس، مشيراً إلى أن الدعم انتهى به المآل إلى أيدي «داعش». ومن جانبه أكد السيناتور الديمقراطي «مارك بيجيتش» من ولاية ألاسكا أنه لم يوافق على تسليح المعارضة السورية، مضيفاً: «لابد أن نتأكد من أننا لا نسلح متطرفين سينقلبون علينا في النهاية ويستخدمون الأسلحة ضدنا». وفي كولورادو، قال السيناتور الديمقراطي «مارك أودال»، الذي يواجه منافسة صعبة لإعادة انتخابه، «إنه لن يمنح أوباما شيكاً على بياض لبدء حرب بريّة أخرى». ولم يبدأ الرئيس بعد مرحلة عسكرية جديدة من الحرب على الإرهاب، وإنما بدأ جولة جديدة من المحادثات بشأن السياسة الخارجية. وقد دفعته إلى سدة الحكم دولة قلقة من الحرب، وتشير الآن استطلاعات الرأي إلى أن الدولة ضاقت به ذرعاً. ويعني ذلك للحظة أنها تبحث عن سياسات خارجية أكثر حسماً. يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©