الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الأميركي... وشبح الركود

3 سبتمبر 2011 22:29
سجل الاقتصاد الأميركي مكاسب ضعيفة جدّاً فيما يتعلق بسوق العمل وتوفير الوظائف خلال شهر أغسطس المنصرم بسبب تراجع الحكومة الأميركية عن التوظيف من جهة وركود القطاع الخاص الذي توقف هو الآخر عن توفير فرص عمل جديدة في انتظار نمو اقتصادي أكثر قوة، ففي المجمل لم يُستحدث سوى 17 ألف وظيفة في القطاع الخاص الذي عادة ما يعوَّل عليه في دفع قاطرة النمو الاقتصادي وإحداث فرص جديدة للأميركيين الباحثين عن العمل. وحتى في ظل المؤشرات الظرفية التي يتوقع الباحثون زوالها مثل فقدان 45 ألف وظيفة بشكل مؤقت بفعل إضرابات عمالية تشهدها بعض القطاعات، يبقى شهر أغسطس هو الأسوأ خلال السنة الجارية في أرقام الوظائف المتوفرة، هذا في الوقت الذي أفادت فيه وزارة العمل أن القطاع العام تخلص من 17 ألف وظيفة على الأقل بالنظر إلى الوضع الاقتصادي غير المشجع ونقص الموارد المالية للولايات. ومع وصول نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 9.1 في المئة وتواتر الأنباء السيئة عن تآكل الفرص المتواجدة أمام الأميركيين يتخوف العديد من المراقبين من احتمال سقوط الاقتصاد الأميركي في مرحلة جديدة من الركود شبيهة بما عرفته أميركا في عام 2008 عندما اندلعت الأزمة المالية لأول مرة وانهارت بنوك وصناديق استثمارية كان لها أثر سلبي على مجمل القطاعات الاقتصادية. ومع أن المؤشرات الاقتصادية الحالية لا تحسم في مسألة الركود مع استمرار النمو الضعيف لبعض القطاعات، تبقى الأجواء العامة متشائمة من الوضع الاقتصادي، لاسيما فيما يتعلق بفرص العمل في القطاع الخاص الذي كان يعتقد أنه سيدعم توجه الاقتصاد من مخاوف الركود إلى آمال الانتعاش، فجاءت الأرقام المخيبة خلال الشهر المنصرم لتبدد تلك الآمال. وفي هذا السياق يقول "كين مايلاند"، المحلل الاقتصادي بإحدى شركات الاستشارة الاقتصادية: "هل نحن أقرب إلى الركود؟ الحقيقة أننا بالفعل كذلك، ولا نملك إلى حد الآن ما نمنع به هذا الانحدار"! ولكن مع ذلك يضيف "مايلاند" إن الاقتصاد الأميركي قادر على تجنب الركود وإن الدخول في مرحلة من الانكماش ليس قدراً محتوماً، وعادة ما يعرف الخبراء الركود الاقتصادي بأنه تراجع النشاط الاقتصادي إلى ما دون الصفر وبقاؤه على ذلك الحال لبضعة شهور. ويتفق معظم المحللين مع رأي "مايلاند"، إذ على رغم المخاطر المحدقة بالاقتصاد في ظل أرقام البطالة المرتفعة وعدم تعافي القطاع الخاص من الأزمة السابقة لا يرجح المراقبون الوصول إلى الركود. وفيما تبعث بعض المؤشرات الاقتصادية على تفاؤل حذر فقد أطلقت أخرى أخباراً متشائمة تعزز من احتمالات الركود، فحسب الإحصاءات الموجودة حاليّاً لم ترتفع طلبات الاستفادة من تعويضات البطالة، ما يعني أن الشركات ما زالت متمسكة بعمالها ولم تنخرط في موجات واسعة من التسريحات، كما أن المؤشر الذي يقيس الأداء الصناعي أوضح هو أيضاً استمرار التوسع عندما أطلق في الأسبوع الماضي. ولكن ما لا يبعث على الارتياح في نظر المراقبين هو استمرار النمو بوتيرة ضعيفة لا تتجاوز 2 في المئة التي يقول البعض إنها أقرب إلى المراوحة في المكان، وبمعنى آخر أن نسبة النمو الضعيفة تلك لن تحمي الاقتصاد في حال التعرض لأزمة، أو صدمة عالمية، فعندما يتباطأ النمو الاقتصادي لفترة ممتدة فإنه غالباً ما تتبع ذلك مرحلة من الركود، وقد امتدت الأرقام السلبية بشأن الوظائف إلى قطاعات اقتصادية متنوعة من القطاع الصناعي إلى قطاع البيع بالتجزئة مروراً بشركات التكنولوجيا المتقدمة. ووفقاً للأرقام تراجعت التعويضات عن كل ساعة عمل فيما وصل عدد العاطلين عن العمل إلى 14 مليون أميركي، كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يعملون بدوام جزئي إلى 430 ألفاً. والمشكلة أن هذه الأرقام غير المشجعة جاءت في وقت كان فيه المراقبون يتوقعون بعض الانتعاش في الأداء الاقتصادي خلال النصف الثاني من السنة الجارية. ومع أن ذلك ما زال متاحاً حتى اللحظة إلا أن المراقبين قلصوا من توقعاتهم في ظل الأرقام المتعلقة بسوق العمل. واستشرافاً لما سيكون عليه المستقبل الاقتصادي في ظل المعطيات الراهنة فقد عدل البيت الأبيض من وثيقة التوقعات الاقتصادية لتستند إلى معدل بطالة يصل إلى 9 في المئة خلال 2012 وينخفض إلى 8.5 في المئة بحلول 2013. ومن الأسباب التي تفسر التباطؤ الذي يشهده سوق العمل الإشارات السلبية من الحكومة الأميركية التي أضرت بالثقة بعد النقاشات المطولة التي رافقت مسألة رفع سقف الدين العام، هذا بالإضافة إلى أزمة الديون التي تهز بعض الدول الأوروبية وتأثير ذلك على ثقة المستثمرين وعلى الأسواق المالية. ولكن على رغم الأجواء القاتمة يشير خبراء اقتصاديون في شركة الخدمات المالية "مورجان ستانلي" إلى أن هناك عوامل عديدة قد تجنب أميركا الركود الاقتصادي من بينها تحسن مالية الشركات وانخفاض أسعار النفط واحتمال توجه البنوك المركزية في العالم إلى التخفيف من صرامة السياسات النقدية وتسهيل عمليات القروض بين المؤسسات المالية. مارك ترامبول محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©