الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مركز الخليج للتوحد ينقذ الأطفال من عزلة موحشة

مركز الخليج للتوحد ينقذ الأطفال من عزلة موحشة
3 مارس 2009 00:18
في قلب منطقة الخالدية بأبوظبي يقبع ''مركز الخليج للتوحد''، يضم بين صفوفه مجموعة من الأطفال المصابين بالتوحد، وفريقاً من العاملين نذروا أنفسهم لمساعدة وعلاج هؤلاء الأطفال، ودمجهم في المجتمع كلما أمكن ذلك، لكي ينعموا بحياة طبيعية ويعززوا ثقتهم بأنفسهم من جهة، ومن جهة أخرى لمساعدة أهلهم وذويهم على التنعم بحياة أفضل من خلال سعادة أطفالهم· على رأس هذا الفريق تتواجد مريم أحمد المزروعي نائبة مدير عام المركز ومؤسسه سعادة سعيد التريسي المزروعي، يومياً، للاطمئنان على سير العمل، وللإشراف على تطور قدرات الأطفال وتحسن أحوالهم· تقول المزروعي، إن هذا المركز أنشئ عام 2005 بمبادرة فردية من سعادته، وذلك من أجل مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد والتخفيف عن ذويهم، وكذلك بهدف التوعية بالتوحد والمساهمة في علاجه مبكراً، لاسيما وأنه لا توجد مراكز متخصصة في علاجه داخل مدينة أبوظبي حالياً· وتضيف المزروعي إن المركز يضم حوالي 35 طفلاً توحدياً، يخضعون لعناية مستمرة وعلاج مكثف يقوم عليه طاقم متمرس من مختلف التخصصات، وتضيف: ''هنالك تحسن ملحوظ في جميع الحالات المسجلة لدينا، كما تم مؤخراً، وذلك بفضل قرار سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة الاتحاد النسائي العام، أم الإمارات، دمج مجموعة من الأطفال داخل المدارس الحكومية في الدولة، حيث يبلغ عددهم الآن نحو 29 طفلاً، ما كان له الأثر الكبير في تحسين وتطوير قدراتهم، ورفع روحهم المعنوية وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، كما له الأثر الطيب على الأهالي أنفسهم· أضف إلى ذلك شهادة إدارات المدارس المختلفة التي التحق بها الأطفال بأن هنالك تحسناً كبيراً في مستواهم العلمي·'' ومن هنا تؤكد المزروعي على أهمية التدخل المبكر في علاج الأطفال التوحديين والذي يعجل في علاجهم كما يوقف تطور الإعاقة· موصية الأهالي عموماً والأمهات خصوصاً بمراقبة وملاحظة حركات أطفالهم ونموهم العقلي خلال فترة نموهم الأولى، لاسيما وأن هنالك علامات متعددة تدل على إصابة الطفل باضطراب التوحد، لكنها ليست علامات جسدية، بل عقلية في الغالب حيث يلاحظ عزلة الطفل، واضطرابه، وعدم قدرته على التواصل مع المحيط من حوله وعدم قدرته على التعبير عن نفسه وحاجاته، بالإضافة إلى الدوران حول النفس، وغياب اللعب التخيلي، وإصدار أصوات غريبة، والعدوانية في بعض الأحيان· هذا ويوفر المركز أنشطة يومية مختلفة للأطفال كالسباحة، والفروسية وإقامة الرحلات إلى أماكن مختلفة بهدف دمج الأطفال بالمجتمع، ذلك أن أطفال التوحد يحتاجون إلى إشغال دائم عن الفراغ، ومن الخطأ أن يترك الطفل وحيداً في عالمه· التقييم والتشخيص يعتبر قسم التشخيص والتقييم بمثابة العمود الفقري للمركز حيث إنه المحطة الأولى التي يتم فيها استقبال الأطفال عند التحاقهم به، ويتحدث أخصائي التقييم والتشخيص في المركز، حسن بركات، عن عمله قائلاً إنه يتمثل في وضع يديه على القدرات المعرفية والعقلية والسلوكية للطفل، والتعرف على جميع خصائصه السلوكية لتقييمها، فهنالك فروق فردية بين طفل وآخر، والتقييم يعطي صورة كاملة وواضحة عن هذه الخصائص· فالتوحد، بحسب قوله، هو اضطراب نمائي، وهو ليس مرض عضوي، لكن لا علاج له، بل يتم التدخل السلوكي لتعديله وتخفيف من حدة اضطرابه، إلى جانب تناول الأدوية التي تعمل على تهدئة النشاط الزائد· مضيفاً أنه يفضل بدء التدخل العلاجي مع الطفل التوحدي منذ 3- 4 سنوات، وأهم شيء بالنسبة إلى الطفل التوحدي هو تهيئته سلوكياً داخل المركز قبل إخراجه إلى المحيط· ويعتمد المركز، وفق بركات، أحدث طرق التقييم العالمية، ''البروفيل النفس تعليمي المعدل'' PEP-R الذي تم إعداده في جامعة نورث كارولينا بالولايات المتحدة الأميركية وهو أداة فريدة من نوعها كونه يتعرف بدقة إلى نقاط القوة والضعف للطفل على المحاور النمائية المختلفة، بالإضافة إلى البروفيل السلوكي الذي يحدد بدقة المشاكل السلوكية المصاحبة وبناءً على نتائج التقييم يتم وضع البرنامج التعليمي الفردي والذي يعتبر حجر الأساس للعميلة التعليمية ككل، ويحدد البرنامج الأهداف السنوية والفصلية والخدمات المطلوبة لمساعدة الطفل على تحقيق تلك الأهداف· بالإضافة إلى مقياس C.A.R.S الذي يعتبر أداة لتقييم مدى التطور والتقدم والذي يمكن أن يطرأ على حالة الطفل التوحدي إثر خضوعه لبرنامج تدخل فردي· ويتناول خمسة عشر متغيراً ترتبط ارتباطاً كبيراً بالسمات المميزة لاضطراب التوحد وتمثل سلوكيات أساسية لتمييز من يعانون من التوحد عن غيرهم من الأفراد· إلى ذلك يتحدث محمد حسين، أخصائي التخاطب، عن أهمية التخاطب مع الطفل التوحدي وذلك لإكسابه اللغة، وتدريبه على كيفية إخراج أصوات من فمه عن طريق تقليد أصوات بعض الحيوانات والطيور· ويساعد في ذلك استخدام المجسمات والبطاقات وجهاز الكمبيوتر الذي يشكل عامل جذب للأطفال لتعليمهم وتطوير مهاراتهم، مؤكداً أن أحد أسباب النجاح في العمل مع أطفال التوحد هو التكرار، لأن الطفل بطيء في اكتساب المهارة وسريع النسيان· كما أنه لا يوجد لديه ثراء لغوي ونحن نقوم بتعليمه البيانات الشخصية مثل اسمه وسنه وعنوانه ورقم هاتفه، كما يتم تعليمه التعبير عن رغباته المختلفة· ويتولى أشرف رفاعي، أخصائي تربية نفس حركية ''سيكوموتور''، مسألة تعليم الطفل عن طريق الحركة، والصورة الجسدية، والإيقاع، والحركة، والزمن، بالإضافة إلى تنمية المهارات الدقيقة وتنمية الحواس الخمس لديه· معتمداً على مبدأ توظيف الحركة من أجل التعليم، وتوظيف الحواس أيضاً حتى يثبت المفهوم في ذهن الطفل· استخدام الكمبيوتر من جهته يوضح إيهاب مصطفى، أخصائي الكمبيوتر، أهمية استخدام الكمبيوتر بالنسبة لعلاج أطفال التوحد، لافتاً إلى أن 12 طفلاً حصلوا على شهادة الـ Word من الهيئة العامة للمعلومات بعد تدريبهم في المركز، كما أجرى المركز خلال العام الماضي مسابقة كمبيوتر لأطفال التوحد شارك فيها 6 مراكز من المراكز المعنية بالتوحد في الإمارات· وقد قدم المتسابقون أداءً جيداً في المسابقة، هذا وسيتم إجراء مسابقة أخرى للكمبيوتر في شهر 4 القادم وهو شهر التوحد، إلى جانب مسابقات أخرى ومعسكرات بالتنسيق بين المراكز الحكومية والخاصة في الدولة· أما عمر فارس مسؤول قسم التأهيل في المركز، فيقول إنه يعتمد مبدأ التعليم من خلال الترفيه، حيث يعد مجموعة من الورش خاصة بالأطفال مثل ورشة للطباعة وأخرى للسجاد، والخزف، والأقمشة أو ''الكليم''، الشمع، السكرتارية· وهذه الورش تعمل على تحفيز الطلاب لإنتاج منتجات خاصة بهم تعبر عن أنفسهم، ومن شأنها أن تزيد ثقتهم بأنفسهم باعتبارهم منتجين وفاعلين، ويشاركون بها في معارض مختلفة، ليحصلوا من خلالها على مكافأة، قد تكون هذه المكافأة بسيطة كالتصفيق أو حبة شوكولاته، لكنها تعني الكثير بالنسبة لهؤلاء الأطفال
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©