الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الكوثر».. ماؤه أطيب من العسل وأبيض من الثلج

18 سبتمبر 2014 21:50
كان المشركون من أهل مكة والمنافقون من أهل المدينة يعيبون النبي صلى الله عليه وسلم ويلمزونه بأمور، أنه إنما اتبعه الضعفاء ولم يتبعه السادة الكبراء، ولو كان ما جاء به الدين صحيحا لكان أنصاره من ذوي الرأي والمكانة بين عشائرهم، فقد تخلف عنه سادتهم وكبراؤهم حسدا له ولقومه، وكان الكفار إذا رأوا أبناءه يموتون، يقولون انقطع ذكر محمد وصار أبتر، يحسبون ذلك عيبا فيلمزونه به ويحاولون تنفير الناس عن اتباعه، وكان أهل الجاهلية إذا مات الذكور من أولاد الرجل قالوا قد بتر فلان، فلما مات إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم، خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال بتر محمد، فأنزل الله تعالى: «إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر»، «سورة الكوثر». كمال الخيرات وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك أذفر، قلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاكه الله»، والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد والقدر والخطر كوثرا، وأخرج ابن مردويه أن رجلا قال يا رسول الله ما الكوثر؟ قال: «هو نهر من أنهار الجنة أعطانيه الله»، وأصل كلمة الكوثر يدل على الكثرة والزيادة، ففيه إشارة إلى كمال الخيرات التي ينعم الله بها على نبيه صلى الله وسلم في الدنيا والآخرة. ويقول اهل السير، جاءت هذه السورة لتؤكد للرسول أن ما يرجف به المشركون وهمّ لا حقيقة له، وافتتح الله السورة، «إنا اعطيناك الكوثر»، مذكرا نبيه بنعمة عظيمة، ومنةّ كريمة، وموعود أخروي، جعله الله عز وجل كرامة لنبيه، وبشارة له ولأمته من بعده، ثم رتب على ذلك الوعد العظيم، الأمر بالصلاة والعبادة، والوعد بالنصر والتأييد، «فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر». من السيرة ولقد أدرك النبي عظيم منة الله عليه في نزول سورة الكوثر، وعظيم نعمته في تكريمه بنهر الكوثر، فعن أنس بن مالك قال بينما رسول الله ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: «أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم «إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر»، ثم قال أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل في الجنة، عليه حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم -يعني يبعد عنه بعض الناس- فأقول رب إنه من أمتي، فيقال: ما تدري ما أحدثت بعدك». قال الإمام المراغي «إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ» أي إنا أعطيناك من المواهب الشيء الكثير الذي يعجز عن بلوغه العدّ، ومنحناك من الفضائل ما لا سبيل للوصول إلى حقيقته، وإن استخف به أعداؤك واستقلوه، فإنما ذلك من فساد عقولهم، وضعف إدراكهم. «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ» أي اجعل صلاتك لربك وحده، وانحر ذبيحتك وما هو نسك لك لله أيضا، فإنه هو الذي رباك وأسبغ عليك نعمه دون سواه كما قال: تعالى آمرا له: «قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. «لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»، وبعد أن بشر رسوله بأعظم البشارة، وطالبه بشكره على ذلك، وكان من تمام النعمة أن يصبح عدوه مقهورا ذليلا، أعقبه بقوله: «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» أي إن مبغضك كائنا من كان هو المقطوع ذكره من خيري الدنيا والآخرة، وأما أنت فستبقى ذريتك، ويبقى حسن صيتك، وآثار فضلك إلى يوم القيامة، وشانئوه ما كانوا يبغضونه لشخصه، لأنه كان محبّبا إلى نفوسهم، بل كانوا يمقتون ما جاء به من الهدى والحكمة، لأنه سفّه أحلامهم، وعاب معبوداتهم، ونادى بفراق ما ألفوه ونشأوا عليه. أطيب من المسك وإن اختلفت الأقوال والتفاسير حول الكوثر إلا أن الإمام ابن الاثير الاندلسي يقول والصحيح هو ما فسره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هو نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج». وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقا وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي في تربته فإذا مسكه ذفرة وإذا حصاه اللؤلؤ». (القاهرة -الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©