الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دعوة على العشاء

31 أغسطس 2013 20:25
ما صادفت أباً أو أماً خلال العطلة الصيفية إلا واشتكى فوضى استغلال الوقت عند الأبناء، فهم يقضون ساعات الليل حتى الصباح أمام شاشات التلفزيون أو أمام الكمبيوتر، ويبدؤون يومهم عادة قبيل العصر، ولا حديث للأمهات غير ارتباك مواعيد الوجبات، وعدم التقاء أفراد الأسرة حول مائدة تجمعهم إلا فيما ندر.. على أي حال، أوشكت العطلة الصيفية على الانتهاء، وأيام معدودة، ويودع الأبناء «فوضى» الإجازة، ويعودون إلى البرنامج اليومي المنضبط.. سماع مثل هذه الشكاوى، سرعان ما يستدعي بداخلي الشعور بالأسف على «انقراض» كثير من عاداتنا في محيط الأسرة العربية، وما أصابها من تغير وتحول وتبدل، نعزوه إلى هيمنة العادات الغربية على عاداتنا الأصيلة التي هجرناها طواعية، لكن ها هم الغربيون يعودون إليها، ويبحثون عن جدواها وإيجابياتها. أحدث الدراسات كانت في جامعة مينسوتا الأميركية حول أهمية اجتماع العائلة حول مائدة الطعام، والأثر الإيجابي الذي يتركه ذلك على الأطفال، وحيث تتبع الباحثون مجموعة من الأطفال لمدة خمس سنوات، ووجدوا أن البنات في سن المراهقة اللاتي اعتادت أسرهن تناول وجبات الطعام معاً خمسة أيام في الأسبوع أو أكثر، قد قل عندهن إلى درجة كبيرة احتمال تعرضهن لاضطرابات الأكل السلوكية، مثل الحمية الغذائية المزمنة، واستعمال حبوب الحمية، والشره المرضي. وفي جامعة كولومبيا، يؤكد بحث حول تصرفات المراهقين أن المراهقين والشباب الذين يشاركون بانتظام في وجبات العشاء العائلية، تقل المشكلات السلوكية فيما بينهم، مقارنة بنظرائهم الذين لا يشاركون في وجبات العشاء العائلية.. فكلما شارك الأطفال في وجبات العشاء العائلية مع أسرتهم، يقل احتمال تعرضهم لمشكلات سلوكية أو انحرافية عديدة، لأن هذه المشاركة من شأنها أن تزيد من فرص التواصل والحوار وبناء جسور الصلة العائلية الوثيقة، بما يؤدي إلى تغيير إيجابي كبير في نمط حياة هؤلاء الأبناء. إن تناول وجبة العشاء معا كأسرة واحدة يومياً، عادة إيجابية تجعل الأبناء منذ الصغر يدركون قيمة التجمع العائلي في نهاية اليوم، ومن ثم يمكن أيضاً يتم الاتفاق حول الأنشطة الترفيهية التي يمكن أن يتم الاستمتاع بها نهاية كل أسبوع، في إطار احترام المساحة الشخصية لكل أفراد الأسرة.. هذه اللقاءات تتيح للآباء التعرف اليومي إلى أخبار الأبناء واحتياجاتهم، فالكل لديه احتياجات يرغب في التعبير عنها، وطلباتهم تعكس طريقة تفكيرهم واتجاهاتهم وميولهم، وتساهم في تقويم سلوك الأبناء أولاً بأول، فضلاً عن تأثيرها في تحقيق المودة والألفة بين أفراد الأسرة، ومن ثم تمنع حدوث الكثير من المشكلات واختلاف وجهات النظر.. ما من شك في أن هذا التجمع اليومي يمكن الاستماع فيه لأي حديث بين أفراد الأسرة، فالإنصات الجيد ثم المناقشة والتواصل والتفاهم من شأنها أن تخلق بيئة صالحة تقوم على الثقة بين الآباء والأبناء. وهذا ما نفتقر إليه في كثير من الأحيان.. هل يمكن أن نحرص على لقاء أبنائنا كل ليلة ولو على العشاء؟ أتمنى! ‏khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©