الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نفط العراق وسوريا.. شريان الحياة لـ«داعش»

29 أغسطس 2015 22:29
يشهد موقع «بيجي» الذي يضم مصافي النفط الكبرى في العراق، تسخيناً جديداً للمواقف. ومنذ شهر مايو الماضي، انسحب منه مقاتلو «داعش» وسيطرت عليه القوات الحكومية. أما الآن فيبدو أن هذه المدينة التي أصبحت خاوية على عروشها، والتي توقفت فيها المصافي عن العمل، أصبحت معرضة للسقوط من جديد. وقام رئيس الوزراء حيدر العبادي هذا الأسبوع بزيارة أرض المعركة، وأكد على الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في إطار الاستعداد لاستعادة الموصل. أما الشيء الذي لم يتناوله في كلمته، فهو أن الهجوم الذي يشنه تنظيم «داعش» على «بيجي» هو جزء من استراتيجية رئيسية تهدف للسيطرة على المصادر المحلية للدخل كي تساعده على إقامة كيان ذي موارد مالية دائمة. ويعتبر النفط مصدراً مهماً لبقاء التنظيم الإرهابي، لأن رفع الشعارات الدينية المختلقة وترويع الناس، ليس أساساً كافياً يمكن أن تقوم عليها دولة شرعية. وقد شعرت قيادات هذا التنظيم المتطرف بضرورة تأسيس قاعدة لحكمه وتقديم الخدمات حتى يتمكن من الصمود على المدى البعيد، خاصة بعد أن استنكر الناس أطروحاته الواهية البعيدة كل البعد عن التعاليم الدينية. ولقد استأثر الشعار المضلل لـ«داعش»، والذي يدعي العمل على إقامة دولة تكرّس «العودة إلى الإسلام الحقيقي»، باهتمام آلاف المتطوعين الأجانب من الشباب المغرر بهم. ومهما بلغ عدد هؤلاء فهو لا يكفي لإقامة «دولتهم الإسلامية». فهذه «الدولة» المزعومة، سوف تحتاج إلى ابتداع صيغة مقنعة للعقد الاجتماعي، وهو أمر متعذر بالنسبة لهم. وعرف هذا التنظيم كيف يستفيد من الفراغ السياسي في الدول التي تغلغل فيها. ومن ذلك مثلا أن المدن والأرياف التي يقطنها السوريون من أهل السنّة أصبحت «مناطق حرة» يسودها فراغ السلطة بعد انسحاب قوات بشار الأسد التي واصلت بعد ذلك غاراتها الجوية المدمرة على المدنيين. صحيح أن غرب العراق كان يقع تحت سلطة الحكومة المركزية في بغداد، لكن هذه الحكومة كانت ضعيفة وطائفية ضد السنة مما أثار غضبهم ضدها. لكن من المعلوم أن «الحوكمة» تتطلب إنفاق الأموال، وهذا ما دفع «داعش» لسرقة مئات ملايين الدولارات من بنوك عراقية. وعندما تبددت أموالهم المسروقة، بدأوا ببيع الآثار التاريخية في السوق السوداء، لكن الضجّة الكبيرة التي أثيرت حول العالم، خلقت أمامهم صعوبات كبيرة لبيع القطع الأثرية. وبذلك، تقلصت العوائد المالية لـ«داعش»، ولم يبقَ أمامه إلا جمع الأموال من الضرائب وبيع النفط. لكن تحصيل الضرائب يحتاج إلى جهاز حكومي منظم، كما أن أحوال الناس في المناطق الخاضعة لحكم «داعش» بلغت درجة عالية من التردّي والتدهور، ولم يعد تحصيل الأموال منهم أمراً ممكناً. ولم يبقَ أمام التنظيم الإرهابي من مصادر التمويل غير النفط. وقد عمد بالفعل إلى بيع النفط المستخرج من الحقول التي يسيطر عليها في السوق السوداء إلى التجار في المناطق الكردية وفي تركيا. وسوف تتواصل محاولات منع التنظيم من تصريف نفطه، رغم صعوبة ذلك. وتعتبر المصافي ذات أهمية أقل من الآبار النفطية ذاتها، إلا أن إعادة تشغيل مصفاة بيجي يمكن أن يمثل دعماً كبيراً لجهود «داعش» عندما يعلن عن نفسه دولة ذات حدود واضحة! ومهما كان عدد الآبار التي يسيطر عليها فإنها ستكون مصدراً مهماً للأموال النقدية. ويضاف إلى ذلك أن النفط المكرّر أغلى سعراً من النفط الخام، وخاصة إذا أراد «داعش» تأسيس دولته المزعومة المكتفية ذاتياً من مصادر الطاقة. نوح فيلدمان* *أستاذ القانون الدولي في جامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©