الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

دعم حقيقي للمالكي وحرية أكثر للقوات العراقية

18 نوفمبر 2006 01:27
د· رسول محمد رسول: أخيراً فاز الديمقراطيون في انتخابات الكونجرس الأميركي، وصارت قوة الجمهوريين في المنزلة الثانية، إلا أن الرئيس جورج بوش ما زال على رأس السلطة، وما زالت سياساته تجاه المنطقة العربية كما هي من الناحية الإستراتيجية باستثناء ما يمكن أن يجري من متغيرات على الصعيد التكتيكي في شأن مشروع الولايات المتحدة بالعراق، وهو ما يترقبه السياسيون العراقيون قبل الفلسطينيين، والعرب قبل الأوروبيين، والأوروبيون قبل الأميركيين، والأميركيون قبل الديمقراطيين والجمهوريين· وما يبقى الأهم في كل هذا المشهد هو ما يمكن توقعه من إدارة الرئيس بوش من إحداث تغييرات في رؤيته إلى عراق 2006 / ،2007 العراق الذي يرزح تحت وابل المفخخات والقذائف العابرة والقتل المجاني في كل لحظة· الحصار·· وتقييد الأيدي·· قبل عام 2003 ما كان العراقيون لايحفلون بما يمكن أن يجري داخل الكونجرس الأميركي سواء غاب الجمهوريون أم حضر الديمقراطيون، فقد كان أي متغير أميركي من هذا النوع لا يمثل شيئاً يُذكر، كون الأميركيين في نظر العراقيين قد دعموا صداّم حسين في حرب الخليج الأولى، وسحقت تلك الحرب نحو ثلاثة ملايين عراقي، كما أن الأميركيين حثوا دول العالم من أجل محاصرة الشعب العراقي اقتصادياً وثقافياً وصحياً، فمات جرّاء ذلك مئات الآلاف من العراقيين أكثرهم كانوا أطفالاً· بيد أن الأمر اختلف بعد أبريل 2003؛ فقد صار الموقف الأميركي جزءاً من حديث الشارع العراقي، سواء في المنطقة الخضراء أم بين الناس الذين باتت مفخخات لا حصر لها تدميهم في كل يوم·· مع ذلك، لا زال العراقيون لا يعولون على المتغير الذي جرى في الكونجرس الأميركي باستثناء السياسيين العراقيين الذين يراهنون على التكتيكات المزمع إجراؤها على الخطط العسكرية الأميركية في العراق الخاصة بتحسين الوضع الأمني بالبلاد· ذلك أن الإستراتيجية الأميركية هي واحدة لا يغيرها جمهوري أو ديمقراطي، كما أن التكتيك هو واحد، لكن الذي سيجري أن الإدارة الأميركية باتت تعرف حجم المأزق الذي وقعت فيه بسبب سياساتها الميدانية التي وصفت بأنها قليلة الخبرة، فهي ما زالت تدرِّب أفراد الجيش العراقي لكنها تتردَّد في عملية تسليحه بالمعدات الحربية المتقدِّمة سوى القليل منها، وهي ما زالت تحصر الأفكار اللوجستية الخاصة بتقويض العنف في يديها لتترك قوات الجيش العراقي فريسة أعمال العنف في أزقة بغداد وضواحي المدن العراقية الأخرى، كما أنها ما زالت تتحكَّم بأي قرار يمكن أن يتخذهُ رئيس الوزراء بل الوزراء العراقيون ولا تسمح بذلك إلا بموافقتها· وبينما العنف يحصد أرواح العراقيين بلحظة غادرة ترى الأميركيين متمسكين بتقاليد بيروقراطية في معالجة الأزمات من هذا النوع، وهو ما انعكس على الوضع الأمني برمته سوءً يوماً بعد آخر، حتى كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد شكا هذا الأمر إلى الرئيس بوش ما صار إلى أن يجتمع الرئيسان في غرفة تلفزيونية مغلقة وخرج اللقاء بينهما بوعود أميركية تمنحُ المالكي بعض الصلاحيات التي من شأنها دعم قدرته على اتخاذ بعض القرارات للجم العنف في البلاد· لكن المالكي لم يكن مقتنعاً حدّ اليقين بأن تلك الصلاحيات الممنوحة له كافية لمسعاه في تقويض العُنف بالبلاد، ما يعني أنه كان وما يزال يطالب بالمزيد من حقوق التصرُّف فيما لدى حكومته، والأهم من ذلك ما لدى القوات متعددة الجنسيات من إمكانات لوجستية يمكن توظيفها لتصفية العنف في بلاده· حزام إقليمي- أمني قبل أن تدخل الولايات المتحدة مرحلة الانتخابات الخاصة بالكونجرس، كان الرئيس بوش قد شكَّل لجنة يرأسها ''جيمس بيكر'' لدراسة تحسين الوضع الأمني بالعراق، كما أنه أوعز إلى كبار قادته العسكريين الميدانيين في العراق بضرورة توافرهم على تقديم بعض الدعم اللوجستي إلى حكومة المالكي، وفي خطابه الذي ألقاه في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي كان الرئيس بوش قد قدَّم مشروعاً يحث من خلاله دول الجوار العراقي على تقديم كل ما يلزم لإنهاء دوامة العنف في العراق، ومن الدول التي ذكرها كانت سوريا والأردن وإيران، وهي الدول التي كان ''بيكر'' قد أشار إليها فيما تسرَّب عنه من معلومات، خصوصاً سوريا وإيران، وهما الدولتان اللتان ستتحرَّك نحوهما واشنطن من أجل إحياء حزام إقليمي أمني جديد من شأنه إنهاء العنف بالعراق اعتقاداً من الأميركيين أن هاتين الدولتين تمثلان العمق الجغرافي الذي يتدخَّل في حَراك المشهد العراقي الجديد من خلال الضغط على مكوِّناته الفاعلة فيه· إن ركون واشنطن إلى الورقة الإقليمية سيكون له شأن إيجابي كبير إذا ما نجحت الدبلوماسية الأميركية في إقناع طهران ودمشق بالعدول عن تدخلهما في الشأن العراقي، إلا أن ذلك لن يكون كل الحل للمشكلة المتفاقمة في بغداد، فالبُعد العسكري يمثل جزءاً مكملاً لأي مشروع يرمي إلى تخفيض إن لم يكن القضاء على العنف الدموي، ولذلك يعتقد المراقبون أن تقديم واشنطن دعماً لوجستياً عسكرياً للقوات العسكرية والأمنية العراقية سيكون أفضل خدمة يحتاجها المالكي في الوقت الراهن، وهو الدعم الذي ما كان ''دونالد رامسفيلد''، وزير الدفاع الأميركي المستقيل، يقدُّمه لحكومة المالكي على النحو الذي كانت تتطلَّبه وتيرة حفظ الأمن بالبلاد· رامسفيلد·· جيتس لقد جاء استبدال رامسفيلد بـ''روبرت جيتس''، الرجل المجرَّب في الاستخبارات الأميركية كوزير للبنتاجون، خطوة يعتقد بعض السياسيين العراقيين أنها ستمنح المالكي دعماً لوجستياً جديداً، لكن الإدارة الأميركية سرعان ما أكَّدت أن كل ما سيصدر عن (مجموعة الدراسات حول العراق) التي يترأسها وزير الخارجية الأسبق ''جيمس بيكر'' ويساعده النائب الديمقراطي لي هاملتون، لا يجعل الرئيس بوش مجبراً على الأخذ به، ولذلك سيعود بوش إلى ما تناوله في خطابه في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر الجاري عندما جعل من دعمه لحكومة المالكي مرهوناً بما سيقدم عليه رئيس وزراء العراق نوري المالكي من خطوات ميدانية تقضي على (فرق الموت) التي تنتشر بالبلاد بدعمٍ بعضهُ من خارج الحدود وغيره من الجماعات الحزبية المشاركة في السلطة التي تحكم البلاد راهناً· إن التغيير الذي جرى في الكونغرس الأميركي لا يمثل في نظر الشعب العراقي أي شيء مهم لأنه يعرف أن المسألة العراقية لا ترتبط بما هو جمهوري أو ديمقراطي ذلك أن الإستراتيجية الأميركية هي واحدة، فقد كان الرئيس بيل كلينتون من الديمقراطيين، وهو الرئيس الذي واصلت حكومته نظام العقوبات على الشعب العراقي طيلة مرحلة التسعينيات في القرن الماضي·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©