الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في المرآة

5 سبتمبر 2011 00:28
نقف طويلاً أمام المرآة كل يوم، نهتم بمظهرنا، ولا نرضى لأنفسنا أن نظهر للآخرين بشكل غير لائق، بل في أحسن صورة وأبهى حلة، وعند كل خروج ودخول نعرض أنفسنا أمام المرآة، نحرص على الظهور بوجه مشرق، وهندام أنيق، وعطر ذكي الرائحة، نغسل أبداننا، ولا نعرض أرواحنا وقلوبنا على مرآة أنفسنا لنستطلع ما أصبحت عليه، هل ما زالت القلوب تنبض لتعيش فقط، هل ما زال فيها رصيد من الحب والعطف والحنان والإنسانية، أم أنها تموّتت واهترأت واستولى عليها الصدأ فما عادت تحس بالحياة وما يجري فيها، وصارت مجرد آلة بشكل إنسان؟! عندما يرتكب الإنسان فعلاً شنيعاً مستنكراً يقال عنه «ما عنده دم»، والأساس في هذا الكلام أن كل الدم لا بد أن يمر بالقلب، فإن كان القلب طيّباً سليم الفطرة على الخير، حمّل القلب هذا الدم خيّريّته وطيبته من خلال رسائل سرية غير مرئية بـ «شيفرات»، ليستسيغ الإنسان فعل كل ما ينفع، فيحب كل جميل، وكل نافع، ويبتعد عن كل ما يخالف الفطرة؛ لذا حين يحار الإنسان في أمر ما، أو بين أمرين، أو يطلب منه أن يفعل فعلاً ما، يفضل أن يستفتي قلبه؛ ولذلك جاء في الحديث الشريف: البرّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. يحتاج كل واحد منا، في ظل هذا اللهاث المادي والتسارع الزمني المخيف، بين الفينة والأخرى إلى وقفة مع النفس، في تطهير داخلي يُخرج ما تراكم في داخله من الصدأ الذي ينتج عن تحوله إلى أشبه بآلة تستهلك بلا وعي، أو مشاعر، أو روح، فهذا الران الذي يستولي على القلب إن طال زمنه تراكم وأصبح حاجزاً بين الإنسان ومشاعره وذاته الإنسانية التي تميزه، وبعودة الإنسان إلى ذاته ومراجعتها بالغوص فيها من العمق الكامن في القلب وما يتصل به من الوجدان والروح، يستشرف هذا القلب ما هو آت، بمشاعر قدّت من لحم ودم. وكثيراً ما يحتاج الإنسان إلى العلاج بالكي، بالتعرض للألم ليبقى في حيّز إنسانيته، كي يعرف حقيقة الفرح الذي يعيش فيه، ولا يحس به ولا يقدر نعمته، ما أعجب هذا الإنسان في تكوينه، إنه بالفعل أشبه بجرم! البحتري: عــــــــاديتُ مرآتي فآذنتها بالهجرِ، ما كانت وما كنتُ كانت تُريني العمرَ مستقبلاً وهي تريني الفوتَ مُذ شبْتُ واعمراً! نــــــــوحاً لفقدانه سيّان عندي شبْت أم مـتُّ إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©