الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا وكوسوفو... أوجه الشبه والاختلاف

سوريا وكوسوفو... أوجه الشبه والاختلاف
31 أغسطس 2013 23:01
تناقلت التقارير الإخبارية أن القوى الغربية أشعرت المعارضة السورية بقرب توجيه ضربة دولية ضد قوات الأسد خلال الأيام القليلة المقبلة، ولكن تلك الضربة ستكون محدودة في نطاقها، إذ لن تتجاوز ثلاثة أيام من القصف المركز الرامي إلى ردع الأسد عن استخدام آخر للسلاح الكيماوي، وعلى رغم حالة الترقب التي أحدثتها تصريحات المسؤولين الغربيين بشأن تدخل عسكري وشيك في سوريا، لا يرجح المراقبون أن تنطلق الهجمات قبل انتهاء فريق المفتشين الأمميين من مهامهم في سوريا، هذا بالإضافة إلى المشاكل المرتبطة بمصادقة البرلمانات على قرار التدخل مثلما حصل في بريطانيا يوم الخميس الماضي عندما رفض مجلس العموم الترخيص لرئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، بالمشاركة في ضرب سوريا. ولكن في جميع الأحوال ومع تواتر الحديث عن تدخل عسكري وشيك في سوريا بعد سنتين من العنف والصراع بدأت تطفو على السطح نماذج سابقة على رأسها تدخل حلف شمال الأطلسي، «الناتو»، بكوسوفو في عام 1999، ولاسيما في ظل بحث المشرعين عن سوابق لتسويغ ضرب الأسد، وهو ما أشار إليه أحد المسؤولين الأميركيين في تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز» قائلاً: «لاشك أن نموذج كوسوفو يعد سابقة قريبة في طبيعتها من الوضع السوري الحالي»، ومن وجهة نظري هناك ثلاثة أوجه للشبه تربط بين الحالة السورية وسابقة كوسوفو لكل منها إيجابياته وسلبياته، فمن ناحية القانون الدولي الذي تركز عليه الولايات المتحدة أوضح أوباما في حديثه لمحطة «سي بي إس» الإخبارية أنه أعطى تعليماته «للبحث عن سند قانوني للضربة العسكرية في حال قرر الذهاب إلى الحرب دون تفويض الأمم المتحدة». ولكن هذا التركيز على القانون الدولي كما يقول ديفيد بوسكو في مجلة «شؤون دولية»، لا يخدم إدارة أوباما، وبخاصة بعد الحديث الذي أدلى به الرئيس لمحطة «سي إن إن» وتساءل فيه عما إذا كان القانون الدولي يدعم التدخل العسكري في سوريا حتى بدون تفويض مجلس الأمن، ففي ظل المعارضة الروسية والصينية القوية للضربة العسكرية يتعذر الحصول على تفويض أممي، وهو ما يجعل من تجربة التدخل في كوسوفو نموذجاً جاذباً لأنه هو الآخر جرى خارج الأمم المتحدة وإن كان بتعاون كامل من حلف شمال الأطلسي. وأكثر من ذلك، لم تكن الحملة العسكرية ضد صربيا في التسعينيات تحظى بشعبية لدى مؤيدي فكرة التدخل لدواعٍ إنسانية، ولكن مع ذلك اعتبر التدخل في النهاية أمراً «مشروعاً وإن كان غير قانوني» كما جاء على لسان اللجنة الدولية المستقلة حول كوسوفو، وهو أيضاً ما أكدته وزيرة الخارجية، مادلين أولبرايت، التي قالت إن التدخل في كوسوفو «حالة فريدة من نوعها في البلقان». بل إن المستشار القانوني لوزارة الخارجية، مايك ماثيسون، أضاف تأكيداً لخصوصية الوضع أن «تدخل الولايات المتحدة في كوسوفو لا يعني أنها تقبل فكرة التدخل الإنساني كبديل عن التدخلات المشروعة التي تتم إما في إطار واضح من الدفاع عن النفس، أو بترخيص مجلس الأمن الدولي». ولكن أوجه التشابه بين الحالتين السورية والكوسوفية لا تقتصر على الجانب المتعلق بالقانون الدولي وحده، بل تتعداه أيضاً إلى الاستراتيجية المعتمدة والأهداف المتوخاة، فعلى غرار ما كانت تشهده كوسوفو في التسعينيات من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على يد القوات الصربية، تعيش سوريا اليوم حرباً ضارية يسقط فيها المئات من المدنيين، هذا بالإضافة إلى مشكلة اللاجئين التي ظهرت أيضاً في كوسوفو وأثارت المخاوف على الدول المجاورة. وقد يكون ما أنجح تجربة التدخل في كوسوفو هو النهاية الجيدة التي لم تكلف خسائر في القوات الأميركية، ولم تتجاوز تكلفتها المالية خمسة مليارات دولار. وبانتهاء العمليات العسكرية في كوسوفو انطلقت مهمة بعثة السلام التابعة لـ«الناتو» التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، وإن كانت بعض الاختلالات قد تواصلت بسبب نقص القوات الدولية وإقدام بعض عناصر جيش تحرير كوسوفو على أعمال عنيفة. ومن المهم الإشارة إلى أن سلوبودان ميلوسوفيتش ظل في السلطة حتى بعد انتهاء الحملة العسكرية ولم تتم الإطاحة به إلا بعدما حاول سرقة الانتخابات. ومع أن إدارة أوباما تصر على محدودية التدخل في سوريا وقصره على هدف واضح هو ردع الأسد عن استخدام السلاح الكيماوي بدلاً من أي محاولة أخرى لترجيح كفة المعارضة، إلا أنه بالنظر إلى الحالة الأمنية المتردية والعنف المستشري في سوريا فإن من المتوقع أن يتدهور الوضع الأمني مقارنة بما جرى في كوسوفو. ولكن بالإضافة إلى العاملين القانوني والاستراتيجي هناك أيضاً الجانب السياسي، فقد بات واضحاً أن عملية التدخل العسكري في سوريا لا تحظى بتأييد شعبي لدى الرأي العام الأميركي، والسبب ليس تبلد أحاسيس الأميركيين بشأن الفظائع التي ترتكب في سوريا واللجوء إلى السلاح الكيماوي، بل لأن الرأي العام أصبح أكثر حذراً وأقل استعداداً للتورط في حروب أخرى بالشرق الأوسط بعد تجربتي العراق وأفغانستان المكلفتين، وكما قال فيصل اليافي في صحيفة «ذي ناشيونال» لابد لكي ينجح التدخل الإنساني من توافر «مناخ ملائم لأن التدخل لا يحدث في فراغ»، والحال أن الولايات المتحدة، حكومة وشعباً، لم تعد بذات الثقة التي توافرت قبيل الدخول في حربي أفغانستان العراق. جوشوا كيتينج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©