الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«حكايا معمارية فانتازية».. شعرية المشهد البصري تأتي من حلم

«حكايا معمارية فانتازية».. شعرية المشهد البصري تأتي من حلم
19 سبتمبر 2014 00:40
جهاد هديب (أبوظبي) من أين تأتي تلك «الشعرية» إلى المشهد البصري؟ هذا السؤال يطرح نفسه في أعمال الإيطالي السويسري كلاوديو فيسكاردي السبعة عشر التي تعرض في إطار معرض يحمل العنوان: «فانتازيا الحكايا المعمارية» وتقيمه «سويس آرت جيت - الإمارات» في صالة «ميزالونا» في قصر الإمارات، ويستمر حتى الحادي عشر من أكتوبر المقبل. من إعادة التركيب لعناصر معمارية ذات مرجعية تاريخية متعددة المصادر والأنواع، حيث يُصار إلى خلق عمارة أخرى هي فانتازية بالفعل أم من اللون الذي يغلب عليه الأزرق البارد اللامع والترابي بتدرجات مختلفة؟ ربما يحتاج الناظر إلى المشهد البصري لدى فيسكاردي إلى أكثر من تجربة جمالية مع هذه الأعمال لالتقاط مصدر ذلك الإحساس الذي يشعر به أمام اللوحات التي نفذها الفنان بالزيت على القماش بمعالجة خاصة يبدو أنها سرّ تقني يحتفظ الفنان بفضحه لنفسه. غير أن اللون، وبالطبع توزيع مساحاته على السطح التصويري، وكذلك البنية التركيبية لعناصر العمارة التاريخية، التي تحضر في المشهد على نحو من «الفانتازية» يجعل منها عمارة حلمية أو قادمة من خيالات غريبة وغير متوقعة، هما ذاتهما يشكلان العاملان الأكثر حسما وأهمية في حضور «شعرية» المشهد البصري إذ تسلبان عين المتفرج من اللحظة الأولى حتى لو لم يدرك ذلك تماما. يؤسس كلاوديو فيسكاردي لوحته على عدة مراحل، ليخرج المشهد البصري إلى السطح التصويري كما لو أنه كان قد أُنجز سلفا في مخيلة الفنان بعناصره الغريبة التي لا عنصر مركزيا فيها باستثناء: البحر، أي الأزرق البارد اللامع في تناغمه الخاص مع الترابي في درجة منتقاة بألفة وجمالية عالية تمنح المشهد مسحة بصرية ذات بُعد صوفي إذا جاز التوصيف. هذا هو التفاعل الأساسي بين المشهد البصري واللون وعين النظار إلى مكوناتهما في عين الناظر إلى العمل. ويبدو جليا للناظر إلى المشهد البصري أن مرجعيات فيسكاردي المعمارية البصرية مثلما اللونية أيضا، هي في أغلبها عربية وإسلامية من جهة، ومتوسطية من جهة أخرى. وبالنسبة للمرجعيات الأولى فهي ليست ذات نزعة استشراقية بل بعيدة عن ذلك وأقرب، صميميا، إلى فكرة البحث في الجماليات وكذلك البحث عنها في أفق متوسطي تختلط فيه عناصر العمارة وهندستها بين الضفة الشمالية للبحر المتوسط مع تلك التي تُشابهها في جنوبه، من ناحية الوظيفة ومن ناحية النزعة الجمالية أيضا. وهذه المفردات المعمارية تحيا وتتنفس في الهواء والبيئة والمناخ ذاتها على الضفتين تقريبا. ومن يرقب البحر المتوسط من اللاذقية أو من إحدى المدن المغربية التي تشاطئ المتوسط سوف يرى تلك الزرقة الباردة واللامعة في الصباح، ثم ميل هذا اللون إلى ما يعرف باللون الفيروزي في الظهيرة، ثم طغيان الرمادي على الماء إلى أن يغرق في الظلمة ليلا. وبالتأكيد، فإن هذا المسعى الجمالي لدى الفنان هو الذي يجرّد العمارة وعناصرها من البُعد التاريخي الذي يخصّها، الذي نراه، ويحول الموقف منها من كونه معرفيا خالصا إلى موقف جمالي محض غير مسبق بفكرة أو وجهة نظرة ما يعني أن الروح ذاتها التي رسم بها الفنان كلاوديو فيسكاردي أعماله سوف تنتقل تلقائيا إلى المتأمل لا الناظر إليها فحسب، بما ينجز نقطة تقاطع بين الفنان والمتلقي في أفق المشهد البصري بكل ما ينطوي عليه من تأويلات. وربما هذا ما هدف إلى الإشارة إليه ذلك البيان الصحفي الذي صدر عن «سويس آرت جيت - الامارات» عند الإعلان عن استضافة «حكايا معمارية فانتازية» حيث جاء في ذلك البيان: «والفنان هنا يقوم باستكشاف معنى آخر لمفهوم التجديد وكذلك للانهائي من خلال تحليل مختلف للمناظر الطبيعية يصدر عن نزعة تأملية صوفية، كما يقوم باستكشاف مفاهيم جديدة للعلاقات بين الأشكال التي يقوم أساسا على قوانين الهندسة المعمارية، والهندسة عموما، بمرجعية الكلاسيكية لا تتضح في العناصر الكبرى وحدها بل أيضا في الزخارف». يبقى القول، أن «حكايا معمارية فانتازية» يشمل على لوحة ثمثل مشهدا ليليا من أبوظبي، يتوسط هذه اللوحة مسجد الشيخ زايد بعمارته الفريدة وقد أحاطت به هالة من نور، في حين تتوضع عناصر معمارية تشير إلى أبوظبي وفقا لأنماط العمارة التي فيها، بالإضافة إلى عناصر من موروثها المعماري، على نحو يشير إلى أن كلاوديو فيسكاردي فنان متمكن من أدواته وأسلوبه وتقنياته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©