الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرية أفغانية تنتصر على «طالبان»

3 يناير 2011 00:08
في الوقت الذي يتزايد فيه خطر "طالبان" على امتداد المناطق الشمالية بأفغانستان لاحت بارقة أمل يوم السبت الماضي أمام القوات الحكومية الأفغانية عندما تمكنت قرية بمفردها من طرد فلول الجماعة المتشددة من المنطقة والوقوف في وجهها، على رغم ما يشكله ذلك من مخاطر على مصير القرية وأعيانها الذين اتخذوا قرار التصدي لعناصر "طالبان". وفيما نجحت القرية في طرد "طالبان" يبقى وضعها هشاً وغير مستقر في ظل المخاوف التي عبر عنها سكان القرية من احتمال عودة "طالبان" وانتقامها من القرويين الذين رفعوا السلاح في وجهها، وهو الأمر الذي يحتم التدخل الحكومي لحماية القرية وفرض سلطة الدولة من خلال مساعدة الأهالي ومنع عودة الحركة المتشددة للسيطرة مجدداً على القرية. وتراقب القرى المجاورة وباقي المناطق باهتمام بالغ الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة الأفغانية مع الوضع في القرية الشمالية التي أخرجت "طالبان" من أراضيها، وما إذا كانت ستقف إلى جانبها بمدها بالقوات وإرسال تعزيزات أمنية إلى القرية لمنع رجوع المتمردين، بحيث من المتوقع أن تنتفض قرى أخرى ضد "طالبان" في حال لمست حضوراً قويّاً للدولة الأفغانية من خلال قواتها الأمنية. وفي هذا الإطار يقول "عبدالحكيم خان"، أحد قادة القرية وقد شارك في المعركة ضد "طالبان" في صحراء "لايكا" بمحافظة "باجلان": "إن الناس في القرية يشعرون بالفرح لأننا تمكنا من إخراج طالبان من المنطقة، إلا أنهم قلقون من احتمال عودة الحركة وعدم وجود مساعدة حكومية". وقد استطاعت عناصر "طالبان" في الشهور الأخيرة التسلل إلى المناطق الشمالية لأفغانستان بسبب تركيز قوات حلف شمال الأطلسي على المحافظات الجنوبية التي تمثل المعقل التقليدي لحركة "طالبان"، بل إن الحلف وفي إطار تصديه للتمرد نشر 42 كتيبة قتالية من أصل 46 منتشرة في عموم أفغانستان بالمناطق الشرقية والجنوبية، وهو ما ترك المجال مفتوحاً أمام "طالبان" للتوغل إلى الشمال والسيطرة على قراه الخالية تقريباً من التواجد العسكري الحكومي، أو الأميركي. وعلى رغم الصعوبات التي واجهت "طالبان" في بسط هيمنتها والتقدم شمالاً بسبب التعدد العرقي للمنطقة وتوزعها بين الأوزبك والطاجيك والهزارة الذين يشكلون أغلبيتها مع بعض الجيوب الصغيرة للبشتون، إلا أن الحركة مع ذلك تمكنت من تجنيد بعض الأهالي المستائين من المعاملة التمييزية ضدهم في الشمال، لاعبة على وتر التمايزات العرقية والإثنية في منطقة يشكل فيها البشتون أقلية سكانية. وقد كان اختيار "طالبان" لصحراء "لايكا" لتنفيذ عملياتها والانطلاق منها للسيطرة على القرى المجاورة اختياراً منطقيّاً بالنظر إلى غلبة البشتون على محافظة "باجلان"، هذه المنطقة التي ينحدر معظم البشتون فيها من عائلات هاجرت من الجنوب منذ أكثر من تسعين عاماً واستقرت في الشمال وحافظت على مدى الأجيال اللاحقة على روابط أسرية مع مناطقها الأصلية في الجنوب، وهو ما تسعى "طالبان" إلى استغلاله لصالحها. وعن تغلغل المسلحين في المنطقة يقول أحد سكان القرية، طلب عدم ذكر اسمه: "لقد بدأت طالبان تنشط في المنطقة منذ أكثر من سنة، لكنهم لم يستقروا رسميّاً إلا مؤخراً عندما طلبوا من الناس استضافتهم وشرعوا في جمع الضرائب والضغط على الأهالي لتوفير المواد التموينية". وفي تلك الفترة وأمام تزايد نشاط المتمردين وتضرر مصالح القرية اجتمع أعيانها لمناقشة الأمر وقرروا طرد "طالبان"، معتبرين أن وجودها وسطهم لم يعد مرحباً به. وعندما رفضوا دخول بعض عناصر الحركة إلى القرية يوم السبت الماضي نشبت معركة بين الطرفين دامت أكثر من أربعين دقيقة وأسفرت عن جرح ما لا يقل عن أربعة أشخاص. وفي السياق ذاته يعلق أيضاً "أمين منجال"، قائد الشرطة في المنطقة قائلاً: "إنها المرة الأولى التي نشهد فيه حادثاً مماثلاً في منطقة باجلان الوسطى"، مضيفاً أن "مثل هذه الانتفاضة الشعبية ضد طالبان مهمة جدّاً لاستكمال جهود القوات الأفغانية في التصدي لطالبان ومنع تغلغلها في القرى الشمالية". ولكن في الوقت الذي حققت فيه القرية انتصاراً صغيراً على "طالبان" ودحرتها في اللحظة الراهنة على الأقل يبقى من غير المؤكد المدى الذي تستطيع فيه القرية لوحدها الحيلولة دون دخول "طالبان" مجدداً. ولعل ما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للأهالي بُعد المياه ووقوع البئر الوحيدة التي تروي عطش القرية في منطقة ما زالت تسيطر عليها "طالبان"، هذا بالإضافة إلى سيطرة الحركة على الطرق الرئيسة التي تؤدي إلى القرية. وأسوأ من ذلك الغياب التام لقوات حلف شمال الأطلسي، أو نظيرتها الأفغانية في المنطقة، ما يجعلها عرضة لهجمات "طالبان". ويعبر عن الوضع الصعب الذي تعيشه القرية "أسد الله شهباز"، أحد أعضاء مجلس محافظة "باجلان" قائلا: "إذا لم تقم الحكومة بواجبها بإرسال قوات إلى القرية لحمايتها وتحصينها ضد أي انتقام قد تفكر فيه طالبان فإن القرية لاشك ستفشل في رد الهجوم المرتقب للمتمردين وستسقط مجدداً في أيدي الحركة"، مضيفاً: "ينبغي ألا ننسى أن انضمام بعض أبناء المنطقة من البشتون إلى التمرد كان أصلاً بسبب الإهمال الحكومي وعدم الإصغاء إلى مطالبهم أو التعامل معها بجدية". توم بيتر - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©