السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهر.. باب يسد الطريق نحو الزواج أحياناً

المهر.. باب يسد الطريق نحو الزواج أحياناً
11 فبراير 2010 20:31
«لو كان من القبيلة ذاتها مقرباً من العائلة، لكان أهل العروس هم الذين يشاركون في تكاليف العرس، أو أنهم لا يطلبون مهر ابنتهم لهم»، تسرّ بذلك صديقة علمت أنني أسأل الشباب والشابات عمّا تتداوله الألسن حول تأخر الشباب في الزواج، لصعوبة تلبية متطلبات أهل الفتاة التي تقدموا في طلب يدها». يتأثر المهر من دون أدنى شك بالأسعار التي تغيّرت عمّا مضى مرتفعة بفوارق ضخمة، لكن ثمة من يبالغ في المهر معتبراً أنه لا يجوز القول إن ابنتهم «رخيصة» الثمن، وإنهم لم يرضوا تزويجها إلا بـ«معرس» يستطيع كفل معيشتها في المستقبل بما يليق بقدر أهلها وقدرها.. وثمة من لا يقبلون بحفل زفاف عادي لابنهم حتى لو لم تكن تطلعات أهل الفتاة تفوق التوقعات في تفاصيل الحفل.. ثمة من يطلب من ضمن المهر سيارة لشقيق الفتاة وأخرى لوالدها، وثمة من يكتفي بمبلغ معيّن يرتفع كلّما كان الـ «معرس» أكثر بعداً في القرابة عن القبيلة. أعباء جسيمة المهر العالي بات همّاً للشباب والشابات على السواء، فقد يستخدم حجة لرفض المتقدم من الزواج، من خلال وضع شروط معقدة إذا ما نفذها أو أبدى رغبته بتنفيذها، شرع أهل الفتاة يبحثون عمّا هو أكثر تعقيداً. ويرى بعض الشباب، منهم من المتزوجين، أن العزوف أو التأخر عن الزواج في المجتمع الإماراتي وبروز ظاهرة العنوسة، مردّه الطلبات الغالية والنفيسة التي تقصم ظهر المتقدم للزواج وقد توقعه تحت ديون لا سبيل لتسويتها في الفترة التي يفترض فيها تأسيس البيت الزوجي وتحمّل المسؤولية. يقول عايض البريكي إن بعض أهالي الفتيات يغالون في تحديد مهر ابنتهم وكأنها مسألة بيع وشراء، ويذكر أن أحد أصدقائه اضطر للاستدانة لتلبية طلبات أهل الفتاة، ودفع مهراً وصل إلى نصف مليون درهم. لكنَّ خولة جاسم، ترى أن بعض الشباب يتحججون بالمهور العالية، ولم تنف نزوع بعض أولياء الأمور إلى الطلبات التعجيزية، ولكن حتى تلك الطلبات ليست السبب الفعلي وراء عزوف بعض الشباب عن الزواج، إذ تقول إن الأهل باتوا يضعون شروطاً كثيرة خوفاً على مستقبل بناتهم، خصوصاً أن الطلاق بات سهلاً لدى البعض، وبهذه الطريقة سيفكر الشاب بمدى جديته في الزواج قبل الإقدام عليه. وترى خولة، أن ثمة غلاء أسعار (المجوهرات والقاعة وكل مستتبعات حفل الزفاف) هو الذي رفع من قيمة المهور. ولفتت خولة إلى لجوء الشباب للزواج من أجنبيات بحجة مهر الإماراتية العالي، مشيرة إلى أن الأجنبية لا تطلب مهراً، ولكنها مثل أية فتاة تطلب الكثير فيما بعد وقد تتجاوز مصاريفها مصروف الإماراتية في بيتها. الحياة تغيرت أما فاطمة الحمادي، فتوافق على أن مسألة المهور الباهظة الثمن إنما هي حجة يتخفى خلفها الشباب، فيما الواقع هو أن حياة شباب اليوم قد تغيرت وهم يلجأون إلى متابعة تعليمهم ومن ثم تأمين معيشتهم بشكل يحتاجون فيه للصرف وربما للصرف ببذخ، وفي نهاية المطاف حين يشعرون أنهم نالوا كفايتهم من حياة العزوبية يعبرون لأهاليهم عن رغبتهم بالزواج، ولا يثيرون مسألة المهور العالية في هذه المرحلة. وتشير إلى أن معظم الشباب الإماراتيين - كما الشباب العرب- يترعرعون مدلّلين، ولا يتحملون المسؤولية، وثمة منهم من يلقون بالمسؤولية على كاهل زوجتهم بسبب التربية العربية للرجال. ورأت فاطمة في أحاديث البعض عن استغلال بعض الأهل لتزويج ابنتهم بطلب حاجات لأنفسهم كسيارة للأخ أو للأب، أنها صحيحة ولكنها حالات نادرة، إذ أنها في المقابل ترى أن الكثير من الأهل يهمّهم تزويج بناتهم ولا يطلبون مهوراً عالية، ويقدمون أخلاق ودين الشاب على الفلوس والمهر، وعلى وضعه الاقتصادي بشكل عام. موديل السنة صديق يوسف المرزوقي اضطر إلى تلبية طلبات أهل عروسه وقد دفع إلى الآن مهراً بلغ 700 ألف درهم، ويقول يوسف «أهل صديقي وصديقي مقتدرون وبوسعهم فعل ذلك، ولكن لفتني أنه من ضمن المهر كان أهل الفتاة قد حددوا السيارتين اللتين أرادوهما للموافقة على الزواج، كما حددوا موديل السنة (وكان أن طلبوا موديل العام 2010)، وكل سيارة يبلغ ثمنها 260 ألف درهم. ويقول يوسف «هذه هي البداية، لأن صديقي لم يعقد زواجه بعد ولا يزال في مراحل تأمين الطلبات. وكان ابن عم الفتاة هو الذي حدّد مهرها بناء على عادات قبيلتها، التي تقضي بذلك، طالما أنها كانت موعودة له». ويرى يوسف أن هذه العادة المستجدة في المبالغة في تحديد المهر، والمبالغة به أحياناً، لا تقوم على الاهتمام بأخلاق ودين الشاب بقدر الاهتمام بقدرته على تأمين طلبات الأهل. ويرى أن البعض يقلدون البعض الآخر بحيث إن ارتفاع قيمة المهر بات تسابقا بين أهالي الفتيات بسبب غيرة الجيران و«لشوفة الحال» عليهم «ابنتنا أغلى من ابنتكم». وفي المقابل، يثمن يوسف الأهل الواعين المدركين الذين يتقون الله، وهؤلاء لا يهمّهم إلا أن تعيش ابنتهم مع زوج ذي أخلاق عالية، ويصلّي ويتحمّل المسؤولية، لذا على الشاب أن يعرف كيف يختار زوجة المستقبل لأنها تنشأ على تربية الوالدين، وبالتالي هو يختار الزوجة وعائلتها على السواء. لن أدفع.. ولن أحدد مهراً بالنسبة إلى يوسف فهو يعلن وبكل صراحة: «أنا لن أدفع مهراً يتجاوز الخمسين ألف درهم... فالأسواق موجودة وأقمشة الجلابيات موجودة وكذلك المجوهرات، وفي الحياة المشتركة لن أقصر بتأمين ما تحتاج إليه زوجتي... فلماذا أستدين من أجل مهر عال بدل تأمين العيش المريح لها». وتقول منى سيف «ليس منطقاً أن يتأفف الشاب من المهر، وهو يقود سيارة قيمتها 500 ألف درهم. ولا أنكر أن هناك حالات يبالغ فيها الأهل في تحديد المهور، ولكن ليس هذا السائد، فكثير من الأهل يشاركون في تأمين المال المتوجب لحفل الزواج، ولكن أحياناً من يبالغ هم أهل الشاب بسبب رغبتهم في «الوجهنة» أمام الآخرين». وعن عائلتها، تقول «عندي شقيقات تزوجن ولم يلجأ والدي إلى تحديد مهور عالية، إذ كان كل همّه التركيز على الشخص المتقدم للزواج منهنّ من حيث أخلاقه وطباعه، ولم يسألهم إلا ما بوسعهم. وأنا شخصياً عند الزواج لن أحدد مهراً». عزوف عن التورط من جهته يرى عبد العزيز المرزوقي أن ارتفاع المهور ليس سبب التأخر في الزواج، فقد تغيرت شؤون الحياة، وبات الشاب، كما الفتاة، يسعى لمتابعة دراسته وتأسيس عمل له، معتبراً أنَّ إقدام الشاب على الزواج أمر ليس مستحباً في فترة تكوين نفسه. ووجد في المبالغة في تحديد المهر، نوعاً من التفاخر أمام الآخرين يصل أحياناً للاستغلال إذا كان الأهل يرون في تزويج الفتاة فرصة لنيل مطالب تخدمهم. ويفضل عبد العزيز أن تعود مسألة تحديد المهر للفتاة، وأن يتم التركيز على أخلاق الشاب والتزامه بدينه. ويقول «إن الشاب اليوم يفضل العزوف عن الزواج إلى حين، بدل أن يورط نفسه قبل الأوان بديون لتأمين مهر ليس بمستطاعه تأمينه». واعتبر أنه يجب العمل على إيقاف التفاخر بالمهور العالية والمبالغة فيها عند حدّها، والعودة إلى الدين في تزويج الفتيات. أمَّا زينب سعيد فتعتبر أنَّ المهر الذي يعتبر مقبولا هو غير مبالغ به، ولا يتجاوز الـ 150 ألف درهم، وتفضل عدم التطلب كثيراً لأن العيش بات مكلفاً، وعلى الرجل لدى زواجه التزامات كثيرة يقوم بها. وفي المقابل، تسمع زينب من أفواه بعض الفتيات الشروط التي يضعونها من اختيار أغلى قاعة في أبوظبي للحفل والمأكولات الأغلى ثمناً، والمغني «الفلاني» والفرقة الموسيقية «المعيّنة»، وهي تفضل أن تشتري فيللا عوض الصرف المبالغ به من أجل حفل العرس. ولا تجد زينب في تأخر سن الزواج ضيراً، خصوصاً أن طبيعة الحياة اختلفت عن السابق، وبات على الفتاة لتشارك بفعالية، وتنتج في مجتمعها، أن تتابع تعليمها ومن ثم تعمل، وهي لا ترى ضيراً أيضاً في المشاركة في تحمّل المسؤولية بين الزوج وزوجته، مع العلم أن هذه الالتزامات تقع على الرجل في الأساس. بدوره يشير عايض البريكي إلى أن المهور التي تطلب من بعض الأهل تحتم مشاركة كل المحيطين بالشاب لتأمين المهر، وصحيح أن صندوق الزواج يمنح المواطن 70 ألف درهم لدى زواجه، ولكن ذلك لم يعد كافياً للبعض، وهو يقترح التكاتف الاجتماعي في هذا الشأن، مع التوعية على عدم المبالغة في تحديد المهور. ويقول: «كانت الحياة سابقاً أكثر بساطة، بحيث كان يطلب من الشاب أن يتدبر أموره ليتزوج، وليس أن يوفر أمور الجميع، كما لو أنه يشتري ولا يتزوج». ويضيف: «لدى الزواج، الأب يشتري (بالمعنى الرمزي) لابنته زوجها، لا العكس، وهذا يعني أنه يدقق في الشاب لجهة أخلاقه والتزامه وقدرته على تحمّل مسؤولية إنشاء عائلة، وليس كم سيارة بوسعه أن يشتري للأب ولأشقاء الفتاة».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©