برلين (د ب أ) - بعد 49 عاماً من لقائهما في بداية الموسم الأول للدوري الألماني لكرة القدم بنظامه الحالي (بوندسليجا)، يلتقي بوروسيا دورتموند، حامل اللقب، وفيردر بريمن اليوم في التاريخ نفسه الذي التقيا فيه عام 1963. وسجل تيمو كونيتزكا نجم دورتموند السابق الهدف الأول في تاريخ البوندسليجا ولكن هذا الهدف لم تلتقط له أي صورة ولا يوجد له أي مقاطع تلفزيونية مصورة.
وعلى النقيض، تحظى مباراة الفريقين اليوم بمتابعة محطات التلفزيون المجانية والمشفرة كما تحظى بمتابعات شبكات الأنترنت وغيرها من وسائل الإعلام مثل باقي المباريات الـ 305 التي يشهدها الموسم الجديد للبوندسليجا بمشاركة 18 فريقا.
بطولة وطنية
وأصبحت مسابقة البوندسليجا بطولة قومية ووطنية تحظى برقم قياسي عالمي في الحضور الجماهيري بعدما شهدت بدايات متواضعة وعانت من فضائح التلاعب بنتائج المباريات في السبعينيات من القرن الماضي، ولكنها اجتازت هذه الأزمات وأفرزت أساطير مثل فرانز بيكنباور وجيرد مولر وفولفجانج أوفيراث وجوينتر نيتشر.
ودفعت الاحترافية المتنامية الاتحاد الألماني لكرة القدم في عام 1962 إلى إقامة بطولة الدوري المحلي بنظام جديد (بوندسليجا) بداية من عام 1963 وذلك بعد عقود من إقامة بطولات الدوري الاحترافية في إنجلترا وإيطاليا وإسبانيا. وأقيم الموسم الأول للبوندسليجا بمشاركة 16 نادياً قبل أن تتطور المسابقة ويزداد عدد أنديتها إلى 18 كما اتسع العدد إلى 20 فريقا لفترة قصيرة في بداية التسعينيات من القرن الماضي لضم أندية ألمانيا الشرقية إلى المسابقة بعد توحيد البلدين.
أبطال متنوعون
وشهدت المواسم السبعة الأولى أبطالا متنوعين للمسابقة بداية من فريق كولون الذي توج باللقب الأول في عام 1964. ولكن بايرن ميونيخ، الذي انضم للمسابقة في عام 1965، ما زال حتى الآن أكثر الفرق الفائزة بلقب البوندسليجا برصيد 21 لقبا مقابل خمسة ألقاب لكل من بوروسيا دورتموند وبوروسيا مونشنجلادباخ أقرب الفرق إليه في سجل أبطال البوندسليجا. وكان أبرز وأصعب الألقاب في تاريخ البطولة عام 2001 عندما أحرز بايرن اللقب بعد صراع محتدم مع شالكه.
وتتضمن أوجه التفوق التي يحظى بها بايرن الأهداف الـ 365 التي سجلها مهاجمه الفذ السابق جيرد مولر في البوندسليجا بفارق نحو 100 هدف أكثر من كلاوس فيشر نجم شالكه السابق والذي أحرز 268 هدفا. كما يستحوذ مولر على الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب في موسم واحد بتاريخ البوندسليجا ويبلغ 40 هدفا في موسم 1971-1972.
وأكد كارل هاينز كوربيل أن “الالتزام والنظام الغذائي وبعض الحظ” كانت الأسباب البارزة وراء استحواذه على الرقم القياسي في عدد المباريات التي يشارك فيها أي لاعب بتاريخ البوندسليجا حيث شارك في 602 مباراة مع إنتراخت فرانكفورت ولا يقترب منه سوى مانفريد كالتز الذي شارك في 581 مباراة مع هامبورج.
وما زال هامبورج هو النادي الوحيد الذي شارك في جميع المواسم الـ 49 السابقة في تاريخ البوندسليجا بينما عانى كولون، الذي توج بأول لقب في تاريخ البطولة، من الهبوط خمس مرات بفارق مرتين فقط أقل من نورنبرج وأرمينيا بيليفيلد صاحبي الرقم القياسي في عدد مرات (الهبوط والصعود) برصيد سبع مرات.
ويتمتع نورنبرج بحالة فريدة في تاريخ البوندسليجا لأنه الفريق الوحيد الذي هبط إلى دوري الدرجة الثانية (عام 1969) بعدما أحرز اللقب في الموسم السابق لموسم هبوطه. بينما نال كايزر سلاوترن شهرة طاغية في عام 1998 عندما توج بلقب البطولة في الموسم الذي صعد فيه لدوري الدرجة الأولى.
فضيحة تلاعب
وشهد تاريخ المسابقة سحب رخصة المشاركة في البطولة من فريقي أرمينيا بيليفيلد وكيكرز أوفينباخ بسبب تورطهما في فضيحة للتلاعب بنتائج المباريات في موسم 1970-1971 الذي شهد معاقبة مدربين ولاعبين ومسئولين من أندية عديدة. وتعرضت الكرة الألمانية في عام 2005 لفضيحة أخرى للتلاعب بنتائج المباريات ولكن المتورطين الأساسيين فيها كانوا من الحكام. وكان التشابه الأبرز بين الفضيحتين هو استضافة ألمانيا لبطولة كأس العالم بعد كل منهما مباشرة في عامي 1974 و2006 وهو ما كان أفضل وسيلة لتخفيف وطأة هذه الفضائح على جماهير كرة القدم الألمانية.
حضور جماهيري
وارتفع مستوى الحضور الجماهيري من أدنى درجاته في موسم 1972-1973 والذي بلغ متوسطه 17 ألفا و468 مشجعا للمباراة الواحدة إلى أعلى درجاته (45 ألفا و116 مشجعا للمباراة الواحدة) في الموسم الماضي. كما شهد الموسم الماضي رقما قياسيا أوروبيا في الحضور الجماهيري بالاستادات، حيث وصل إجمالي الحاضرين في مباريات الموسم الماضي للبوندسليجا 8, 13 مليون مشجع. وتجني الأندية ملايين الدولارات من بيع تذاكر حضور المباريات ولكنها تجني ملايين أكثر من التسويق وبيع حقوق البث التلفزيوني. ويبلغ المقابل المالي لبيع حقوق البث التلفزيوني من عام 2013 وعلى مدار أربع سنوات 5, 2 مليار يورو (1, 3 مليار دولار) . وبلغت رواتب اللاعبين مستويات جديدة بعدما اقتصر راتب لاعبين بارزين مثل أوفه سيلر في بداية تاريخ البطولة على 1250 مارك (788 دولارا). وتأتي الصفقة المنتظرة لانتقال الإسباني الدولي خافي مارتينيز من أتلتيك بلباو إلى بايرن مقابل 40 مليون يورو بعد 36 عاما من تعاقد كولون مع البلجيكي روجر فان جول مقابل مليون مارك ألماني ليصبح أول نادي يصل إلى حاجز المليون مارك في صفقة للتعاقد مع لاعب.
صفقات التعاقد
وأعلن سيلر مرارا انتقاداته للرواتب المتزايدة والقيم الضخمة لصفقات التعاقد مع اللاعبين في سوق الانتقالات بعد بدء العمل بقانون “بوسمان” لصفقات الانتقال الحر في عام 1996. ولكنه قال أيضا: “سيكون اللاعبون أغبياء إذا لم يحصلوا على كل ما يستطيعون الحصول عليه”.
ومثلما هو الحال في بلدان أخرى، تقام فعاليات البوندسليجا حاليا تحت إشراف وتنظيم رابطة الدوري الألماني المستقلة عن الاتحاد الألماني للعبة. وأوضح راينهارد راوبول رئيس الرابطة أن إقامة بطولة متزنة ووجود صراع قوي ومتعدد الأطراف على اللقب يمثل الوسيلة الأساسية لاستمرار نجاحها. وقال راوبول إن البنية الأساسية والاستادات الهائلة ساهمت أيضا في نجاح البوندسليجا وزيادة جاذبية البطولة. وأشار: “استاداتنا أصبحت أكثر أمانا وراحة وأصبحت أفضل للعائلات. كل الاستثمارات أتت ثمارها. مسابقة البوندسليجا أصبحت جذابة بشكل لا يمكن تصوره”.
عدد اليوم
