الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطفالنا وكالة أنباء مجانية عندما يكون أبناؤنا في السنوات الأولى

أطفالنا وكالة أنباء مجانية عندما يكون أبناؤنا في السنوات الأولى
19 نوفمبر 2006 00:57
من أعمارهم نتمنى أن نسمع منهم كلمات، ونشعر بالسعادة عندما تخرج هذه الكلمات مبعثرة ومتكسرة تحتاج لمن يترجمها، وتزداد هذه الفرحة عندما يشارك الطفل في الحديث بتلقائية وعفوية، وعلى الرغم من هذه السعادة والفرحة نتمنى أن يأتي وقت يصمت فيه الطفل ويغلق فمه على أحرفه وكلماته، وذلك عندما يبدأ بنقل أسرار البيت إلى المحيط الخارجي ويتحول إلى وكالة أنباء متحركة، فنراه يتكلم في أي شيء، غير مدرك للعواقب والإحراج الذي يسببه· كيف يمكن مواجهه هذه المشكلة؟ وهل نقبل بأن يكون الأبناء وكالة أبناء متحركة ومجانية؟ في هذا التحقيق لنا وقفة مع بعض الأمهات حول هذا السلوك وبعض المواقف المحرجة التي تعرضت لها الأمهات بسبب ثرثرة الأبناء· تحقيق ـ هناء الحمادي: تصويرـ شوكت علي: جميلة محمد النعيمي، ربة بيت، تؤكد أن ابنتها الصغيرة البالغة خمس سنوات وكالة أنباء حقيقية فكل ما يدور في البيت يصل إلى الأقارب· وتقول: كنت أنا أول المتضررين من ذلك الموقف التي حصل لي، فحين كنت على خلاف مع زوجي وأخذت أشكو لأمي حالي، وأظهر لها بعض عيوبه، ومن غضبي تحدثت عن طريقته في استفزازي، وكل هذا كان تحت سمع ابنتي التي كانت تلعب بألعابها في ذلك الوقت، ولكن اكتشفت أن آذانها معنا، وبمجرد أن دخل والدها إلى البيت قالت له كل ما دار بيني وبين جدتها، فدب على أثر ذلك شجار بيني وبين والدها· نقل الأحاديث أما شهلة جابر، فهي تعاني من نفس المشكلة، إذ أن لديها ولدين يحبان نقل الأحاديث فهما ينقلان كل صغيرة وكبيرة تحدث في المنزل، فإذا قامت بأي عمل أو حدث معها اي موقف يذكرونه لوالدهما، بل إنهما يهددان بإخبار أبيهما أحيانا بما فعلت· تقول شهلة عن سلوك ولديها: المشكلة أن زوجي يشجعهما على هذا التصرف، ما يسبب لي مشكلات كثيرة معه، وإذ سأل أحد الأقارب عن أحوالنا يبادر الولدان بالرد، بل أحيانا يتشاجران على من سيروي أولا، وقد حاولت عقابهما على هذا التصرف لكنهما لا يرتدعان ولا يكفان عن هذه العادة، ولا أعرف كيف سأتصرف معهما سوى انني أتجنب عمل أي شيء أمامهما، وهذا بالطبع يضايقني كثيرا· ابنتي فضحتني بالمدرسة أما مريم سعيد فقد اكتشفت أن أبنتها تنقل كل ما يحدث في البيت للمدرسة أو لصديقتها، وفي البداية لم تعر الموضوع أي أهمية إلى أن جاء اتصال من مدُرسة الطالبة التي أكدت أن أبنتها تقول كل صغيرة وكبيرة عما يجري في البيت· تقول مريم: في بداية الأمر احترت في كيفية التعامل مع ابنتي فمرة هددتها إن فعلت بأنني سأضربها، ومرة حاولت التفاهم معها، ولكن لم تغير عادتها، حتى فكرت في حل آخر عله ينجح، فقد حذرتها من أن هذا الفعل حرام، ومن يفعله يعاقبه الله أشد عقاب، أما عقاب الآخرين فهو عدم الحديث معها، ثم اتفقت مع أخوتها وصديقاتها ألا يتحدثوا معها، وعندما سألت لماذا لا يتكلمون معها قالوا لها إنهم لا يريدون أن تنقل ما يقولونه إلى الجيران، واستمرت على هذا الحال مدة أسبوعين، ومن جراء هذا العقاتب أقسمت ابنتي أنها لن تقول أي شيء للجيران أو الأقارب مما يحدث من أمور وأسرار تتعلق بالمنزل· تقليد للأبوين وعلى الجانب الآخر يرى أبو زياد أن عادة نقل الطفل لأخبار المنزل قد تكون نوعا من تقليد الأبوين، فعليهما إن ينتبها أثناء حديثهما أمام الطفل، فالأهل هنا هم السبب في اكساب الطفل هذه العادة، ولن يقلع الطفل عنها حتى يكف والأب والأم عن ذلك· ويضيف أبو زياد: إن هذه الصفة منتشرة كثيرا عند الأطفال، فنراهم يتكلمون كثيرا من باب إثبات الذات ولفت نظر الآخرين، والقضية هنا ليست الطفل وإنما المشكلة الأساسية عند الأم، فإن رأى أمه كتومة تشرب سلوكها تلقائيا، وبالتالي فإن من واجب الام اكساب طفلها حفظ السر والكتمان وأن للبيت أسراراً ويجب عدم التحدث عنها خارج البيت لان الأطفال بطبيعتهم يفهمون ما يدور حولهم· أما شيخة علي فقد تعرضت لعدة مواقف محرجة تقول: لم أعرف أن ابنتي تقوم بنقل ما يحدث في المنزل لأبيها حتى وجدتها ذات مرة تجلس مع عروستها وتسرد أمامها نفس الحوار الذي دار بيني وبين أختي حول أمر ما حدث من زوجي، فأدركت أنها تقلدني في مناقشة أموري الخاصة مع أختي، فانتبهت إلى ضرورة عدم سماعها ما يدور بيني وبين والدها، لأنها لا تدرك الفرق بين طلب المشورة ونقل أخبار المنزل· الطب النفسي بعد كل تلك المواقف المحرجة، كيف يحلل الطب النفسي هذا السلوك لدى الطفل؟ تقول فاطمة سجواني، اختصاصية نفسية في منطقة الشارقة التعليمية: إن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي أنعم الله عليه بلغة الكلام ووهبه مهارة التحدث والنطق من دون باقي الكائنات، والكلام هنا هو الوسيلة الأساسية للاتصال الاجتماعي والعقلي، وهو مظهر قوي من مظاهر النمو العقلي والحسي والحركي· وتضيف سجواني: يعتبر الكلام صورة من صور اللغة التي يستعملها الإنسان أو بمعنى آخر ''الطفل'' للتعبير عن أفكاره ومشاعره وأحاسيسه وهي مزيج من التفكير والإدراك والنشاط الذهني، وتعتبر مرحلة العمرية من 3 إلى 6سنوات من أخصب مراحل النمو اللغوي تحصيلاً وتعبيراً وفهماً، ولها قيمة كبيرة في التعبير عن الذات وزيادة الثقة في النفس· والمعروف أن الإناث أسرع تحدثا من الذكور، وأكثر انطلاقا وحصيلة، والأطفال في هذه المرحلة يحبون التحدث كثيرا نتيجة زيادة الحصيلة اللغوية لديهم، وهذا دليل على نمو القدرة اللغوية بشكل سليم، ولكن نوعية الكلام وحدوده لا يعلمها الصغار، بسبب عدم النضج الذهني والاجتماعي الذي يسمح لهم بنقل الكلام للآخرين، وعندما يلجأ بعض الأطفال إلى نقل الكلام، إنما هدفهم هو إثبات الذات والاعتزاز بالمهارة الجديدة التي أكتسبوها، لذلك لابد أن يكون لدى الأسرة الصبر والمرونة في التعامل مع الطفل في هذه المواقف وعدم نبذه الطفل أو زجره، لان ذلك يمكن أن يؤثر على اللغة لديه وينتج عنه بعض الاضطرابات والعيوب اللغوية من التأتأة أو التلعثم· وتؤكد الاختصاصية فاطمة أنه لابد للأسرة من تجنب التحدث في الأمور السرية التي تحتاج إلى كتمان أمام الطفل، وتنبيه الطفل إلى سوء مثل هذا السلوك، على شكل بعض القصص والحكايات المعبرة والألعاب المسلية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©