الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبده مواسم لعب على البساطة فوقع في السذاجة

عبده مواسم لعب على البساطة فوقع في السذاجة
19 نوفمبر 2006 01:03
القاهرة ـ ايمان ابراهيم: في فيلمه الأول التقط الكاتب السينمائي أحمد ثابت فكرة جيدة عن ضياع أحلام الشباب بسبب قسوة الواقع والظروف الصعبة التي يعيشونها، وشارك المخرج وائل شركس والمنتج فريد عبد الرحمن في صياغة هذه الفكرة بالشكل الذي ظهرت عليه في فيلم ''عبده مواسم''، وهو فيلم يحتمل تعدد وجهات النظر في المشاهدة والنقد· ورغم تراجعه في قائمة ايرادات شباك التذاكر في موسم عيد الفطر الذي يعتبر من أهم مواسم الايرادات في السينما المصرية، فان ذلك لايعبر عن مستواه الذي يتجاوز كثيرا، من حيث الفكرة على الأقل، الأفلام التي سبقته في الايرادات مثل ''عليا الطرب بالتلاتة''، و''ثمن دستة اشرار'' و''كامل الأوصاف''· يبدأ الفيلم بمشهد بانورامي طويل في أحد الموالد الشعبية حيث نتعرف على شخصية ''عبده'' الملاكم الشعبي الذي يقوم بدوره الفنان محمد لطفي، وهو ينصب حلبة بمساعدة اصدقائه ليلعب مع رواد المولد مباريات عشوائية كنوع من الرهان على خمسة جنيهات من الزبون مقابل مائة جنيه منه، وعبر عدة لقطات كوميدية وفقرات غنائية استعراضية قدمتها بأداء مرح الفنانة البدينة مها أحمد يهرب الاصدقاء من المولد بعد مشاجرة كادت تسلبهم كل ماجمعوه من جنيهات، وفي مشهد يعبر عن أجواء الود والتعاون في الحواري الشعبية القديمة يجلس الاصدقاء لاقتسام حصيلة اليوم، ويتساءلون عن موعد وطبيعة الفرصة القادمة التي تتيح لهم الحصول على لقمة العيش· البحث عن بطل في المقابل نتعرف على الفتاة الثرية ''سلمى'' (تقوم بدورها علا غانم) التي تستعد لرسالة الدكتوراه في التربية الرياضية وتتفق مع المشرف على موضوع ''صناعة البطل الرياضي''، وكان عليها أن تجوب الساحات الشعبية ومراكز الشباب للبحث عن نموذج موهوب يمكن أن تصنع منه بطلا، ونفهم ان رحلة البحث القصيرة التي بدأتها مع صديقتها المصورة الفوتوغرافية ''روني'' (ميرنا المهندس) ستنتهي باختيار ''عبده'' الذي يعشق الملاكمة لكنه لا يجد المال اللازم كي يمارس تلك الرياضة المكلفة والتي تحتاج الى تفرغ، في حين أنه لا يستقرّ في عمل واحد، بل يجد رزقه حسب الموسم· فهو مرة يصنع الفوانيس بمساعدة جاره الفنان التشكيلي المحبط، ومرة يبيع أعلام مصر في مباريات المنتخب الوطني، ويعمل في كل المهن التي يمكن أن توفر له ولأصدقائه بعض المال· وتتفق ''سلمى'' مع ''عبده'' على الانتظام في التدريب وفق الخطة التي اعدتها للحصول على الدكتوراة في مقابل تعويضه ماليا وتمنحه عشرة آلاف جنيه فيعيد منها خمسة على الفور، مكتفيا بنصف المبلغ· وتتعجب الفتاة الثرية من تصرفه· ونستشعر نوعا من الاعجاب الدفين المتبادل بينهما· وبعيدا عن الخط الرومانسي غير المعلن يقدم الفيلم سكتشات متعددة ومنفصلة يشارك فيها عدد كبير من نجوم الكوميديا المعروفين مثل وحيد سيف وحجاج عبد العظيم ويوسف عيد ومها أحمد ومحمد شرف، والمطرب النوبي شاندو في اولى تجاربه السينمائية، والممثل الصاعد ياسر فرج الذي لعب دور ''علي'' الفنان التشكيلي المحبط· فيلم أفقي مشكلة ''عبده مواسم'' وأهميته في الوقت نفسه أنه فيلم غير عميق، ولا يعتمد على الدراما الرأسية التي تستلزم وجود عقدة درامية يتم التركيز عليها وتكثيفها سواء قدم الفيلم حلا لها في النهاية او تركها مفتوحة، لتثير حالة من الشجن أو الغضب او الفرح· لكن ''عبده'' الشخصية والفيلم معا حالة أفقية تتجاور فيها المتناقضات بلا صراع حقيقي، فالأب وحيد سيف دائم المباهاة الكاذبة والخداع الظريف لأصدقائه، لكن ذلك لايصل بهم أبدا إلى حد الشقاق والخلاف، كما انه يعير زوج ابنته العاطل ''حامد'' (حجاج عبد العظيم) بعد عودته من العراق خالي الوفاض وضياع مدخراته طوال عشرين عاما من الغربة، لكنه يرعاه بحب ويستضيفه في بيته، والحال نفسه مع بقية الأصدقاء الذين يتعاونون على قسوة الحياة والبطالة بحب غير واقعي بالمرة، ولهذا عاب البعض على الفيلم افتقاده الصراع الدرامي، ووصفته بعض المقالات بانه ''فيلم كرتوني''، وهو وصف أعتبره ميزة وليس عيبا، لأن الفيلم بلا شخصيات شريرة تماما، وتعمد إعلاء النظرة المتفائلة للحياة في مواجهة قتامة المرحلة الغارقة في مشاكل الفقر والبطالة وضياع الأحلام· يعبر عن ذلك ''السنجلاب'' فهو كما ورد في حوار الفيلم يمثل الإرادة، والأمل، والتركيز في تحقيق أحلامنا··· وربما تكون كلمة ''السنجلاب'' حقيقية، ولها وجود في الثقافة النوبية مثلا، وربما لا تكون، لكن صناع الفيلم استخدموها بطريقة تقترب من استخدام ''كامننا'' في فيلم ''اسماعيلية رايح جاي''، وهي الكلمة التي غناها محمد فؤاد ومحمد هنيدي معا، وحملت معها اكسير الحياة لأجيال من صغار الفنانين الذين تحولوا بين يوم وليلة إلى نجوم وابطال لسينما الكوميديا، وهو التحول الذي ساعدت عليه سلمى بالنسبة لعبده، فقد اصبح بطلا للجمهورية، وبطلا لأفريقيا، بعد أن تصور لسنوات أن حلمه ضاع، وأن الملاكمة ليست أكثر من حيلة لكسب لقمة العيش· هذه النهاية السعيدة للفيلم لم تكن مجرد ومضة ضوء في نهاية نفق طويل مظلم، لكنها كانت اشبه بنهاية تقليدية لحدوتة قديمة عن ''ست الحسن والجمال والشاطر حسن''· فهناك أمنا الغولة، وهناك مشاكل غائمة غير واضحة المعالم، لكن القدرة على تجاوزها، والفرح بالحياة، والتعاون كان هو الأقوى، والأكثر حضورا طول الوقت، وكذلك السعادة التي تخللتها مشاكل عابرة تشبه مرور قطار فوق جسدي ''توم وجيري'' ثم سرعان ما يقومان ويكملان المشاهد بلا موت أو ألم··· انها البساطة التي وصلت أحيانا إلى حد السذاجة وضعف التنفيذ، والملاحظة هنا ليست تحقيرا للبساطة، ولكنها تركز على ضرورة الاتقان لأن الدراما البسيطة تحتاج إلى جهد يفوق كثيرا ماتتطلبه التراجيديا العميقة، وهذا ما يجب ان يهتم به المخرج وائل شركس في تجاربه التالية خاصة وأنه يشكل مع المنتج فريد عبد الرحمن مايشبه الثنائي المتفاهم من أجل تقديم هذا النوع المطلوب من الأفلام بعد تجربتهما الأولى ''سيب وانا اسيب'' والتي يعتبر هذا الفيلم تطويرا لها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©