الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العجز المكتسب (2)

19 نوفمبر 2006 01:38
في استطلاع للرأي أشارت السيدة نوال عبدالله اختصاصية الإرشاد الأسري في مكتب الاستشارات الأسرية التابع لجمعية نهضة فتاة البحرين إلى أن: هذا النوع من العنف (العنف اللفظي) يكون واقعه وآثاره عميقة جداً بسبب تكراره واستخدامه بشكل يومي ومستمر في العلاقات الاجتماعية وبالأخص في العلاقة الزوجية·· ومن ثم تكون الآثار كثيرة ومتعددة منها الظاهر ومنها المستتر، فعندما تتعرض المرأة للعنف اللفظي فإنها تشعر بالألم والغبن والإذلال وعدم الثقة بالنفس، مما يؤدي إلى إشعارها بالدونية واهتزاز شخصيتها وكيانها داخل الأسرة وقد يسبب لها عقداً نفسية، ومن الممكن أن تتحول معاناتها إلى حالة مرضية، وهذا ما جعل بعض المتخصصين يطرح مفهوم (العجز المكتسب) حيث يجعل المعتدي ضحيته عاجزة أمام الاعتداء، فتشعر أنه ما من شيء يمكن أن يحسن الأمور وبعد فترة تبدأ هي في الصراخ وقد تصبح عنيفة دون وعي منها، وقد يقودها ذلك إلى الانهيار· وهذا يطرح ضرورة إعداد برامج علاجية تهدف لتدريب المتعرضات للعنف بأشكاله على كيفية مواجهته وذلك بإكسابها المهارات الأساسية اللازمة للتعامل مع الضغوطات اليومية وما تفرزه من غضب وتوتر ومشاعر سلبية· في حين رأت السيدة صباح سيادي مسؤولة لجنة المرأة في جمعية ''أوال النسائية'' أنه بالاستناد للحالات التي ترد لمكتب الاستشارات القانونية التابع للجمعية نجد أن الظاهرة في تزايد وهذا دليل على عدم وجود وعي بحقوق الإنسان الأساسية سواء من قبل الرجل أو المرأة، وبالتالي لابد من طرح هذه المفاهيم وتدعيم الصورة الإيجابية لأنماط التعامل بين الرجل والمرأة سواء كان في إطار العائلة (أب، زوج، أخ، ابن) أو خارجها (المسؤول في العمل، الزملاء··) وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة التي يمكن الاستفادة منها أيضاً في توضيح دور المراكز المتخصصة في تقديم الخدمات للنساء المعنفات، فكما ترى أنه عندما يتم التعريف بعمل هذه المراكز يلاحظ ارتفاع في عدد الحالات التي تأتي لطلب المشورة· وفيما يتعلق بأعداد النساء المعنفات فقد ذكرت الدكتورة حصة الخميري رئيسة لجنة الرصد في جمعية حقوق الإنسان أنه بالرغم من وجود العديد من الحالات التي تعرضت للعنف وتم رصدها لكن إلى الآن لم تجر دراسة مسحية تقدم لنا معلومات إحصائية دقيقة وبالتالي تمكننا من تحديد حجم المشكلة، وهذا يطرح إشكالية كبيرة تكمن في مدى تصريح النساء لتعرضهن للعنف أو وعيهن لمعنى العنف بالتالي رفضه والمطالبة بوقفه وحتى في حال كانت لدى المرأة ثقافة حقوقية وطالبت بإيقاف العنف ضدها نجد أنه ليس هناك نص قانوني يحميها·· كما ترى الدكتورة أن الموروث الاجتماعي والثقافي يلعب دوراً كبيراً في تقبل المرأة للعنف الممارس عليها وذلك من خلال إلصاق صفة القصور بها وبالتالي ضرورة الوصاية عليها، ويشاطرها الرأي الأستاذ عبدالنبي العكري الناشط في مجال حقوق الإنسان، فالعنف داخل المنزل وفي إطار العائلة هو النمط الأكثر شيوعاً فيمارس العنف ضد المرأة من قبل أفراد العائلة ويكون مبرراً حتى بالنسبة للمرأة نفسها وهنا تكمن خطورة الأمر· وأعود من جديد للأستاذة سميشة رياحة التي قالت في الورشة إن العنف ضد المرأة لكونها أنثى ظاهرة عالمية تعاني منها المرأة في كل مكان، إلا أن الظاهرة لم تحظ بالاهتمام الكافي إلا مؤخراً، حيث بدأت الحركة النسائية تؤكد على أهمية ربط قضايا حقوق المرأة بقضايا حقوق الإنسان واعتبارها جزءا لا يتجزأ منه· ومن هنا جاءت اتفاقية ''القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة'' لتؤكد وبشكل مفصل على ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المواثيق الدولية على ضرورة عدم التمييز ضد المرأة كإنسان له حقوق وواجبات، لكن المشكلة الرئيسية كما ترى الأستادة هي في غياب آليات وأدوات لحماية حقوق المرأة التي تتعرض للعنف، وهناك محاولات جادة من لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة في إثارة هذا الموضوع وكان أهمها ''مسودة إعلان القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة، الذي قام على بلورته مجموعة من المتخصصين إلا أنه لم يقر ولم يدخل حيز التنفيذ رغم أهميته· وختاماً·· لابد من الإشارة إلى أهمية الدراسة والعمل، فالمرأة الحاصلة على شهادة تؤهلها للعمل وبالتالي للاستقلال الاقتصادي أقدر على رفض العنف الموجه إليها والحد منه، إلا أن تأثير سلاحي العلم والعمل يبقى محدود الاثر في وجه الموروث الثقافي الاجتماعي والقوانين التي لا تضمن حماية المرأة (إن لم تكن تشكل عنفاً من نوع آخر)، لذا لابد من رفع مستوى وعي أفراد المجتمع ومن سن القوانين التي تضمن تفعيل المواثيق الدولية التي تؤكد المساواة بين كافة أفراد المجتمع وعدم التمييز على أساس الجنس أو اللون أو المعتقد· عائشة النعيمي - اختصاصية اجتماعية - مملكة البحرين
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©