الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تربية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الآباء والأمهات

تربية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الآباء والأمهات
19 سبتمبر 2014 22:23
«الأب» ليس مجرد صندوق مالي يحصل من خلاله الأبناء على الأموال اللازمة لشراء احتياجاتهم ومتطلباتهم المعيشية فالرجل لايقتصر دوره على توفير النفقات فقط ، وإنما يظل هو القدوة والنموذج الذي يحتذى في البيت والحياة عموماً، لذلك فهو له دور كبير في تنشئة وتوجيه الأبناء وإرشادهم، خاصة في مراحل حياتهم الأولى، ومثلما هي عاطفة الأمومة مهمة وأساسية في حياة الصغار، كذلك عاطفة الأبوة ضرورية أيضاً وإن اختلفت طبيعة العاطفة بين الطرفين «الأب والأم «بحكم التكوين الجسدي والنفسي للرجل الذي غالباً مايكون عقلانياً في التعامل مع أبنائه أكثر من المرأة التي تسيطر عليها العاطفة. ومايشاع من أن تربية الأبناء تقع على عاتق الأم فقط، اعتقاد خاطئ، فالمسؤولية مشتركة بين الزوجين، وتربية الأبناء ليست مهمة الأمهات، فحضور الآباء مهم جداً في حياة أبنائهم من النواحي كافة، خاصة فيما يتعلق بتنشئتهم الاجتماعية. الانشغال بالعمل مع تطور الحياة العصرية، وانشغال الآباء بالبحث عن أسباب الرزق وتأمين مستوى حياتي ومعيشي كريم لأسرهم، يغفل الكثير منهم عن تخصيص وقت مناسب لقضائه مع أبنائهم حتى يقوموا بدور تتخطى أهميته جلب المال إلى الأهل والأبناء، وهو الإسهام في التنشئة النفسية والعاطفية للصغار، ما يجعلهم أكثر قدرة على النجاح والإبداع في حياتهم الشخصية والعملية آنياً ولاحقاً. يقول هاشم المسيري، صاحب عمل خاص ولديه ولد (5 سنوات) وبنت (3 سنوات)، إنه بالفعل لا يجد وقت كاف للجلوس مع أبنائه بالشكل السليم والمناسب لهم في هذه المرحلة المهمة من حياتهم، ما يسبب له مشكلات أحياناً مع الزوجة التي تطلب منه ذلك، غير أن مستلزمات الحياة الكثيرة من ارتفاع أسعار السكن والسلع الاستهلاكية المختلفة، تجعله مضطراً للعمل في أكثر من جهة كونه شريكاً في مشروعين تجاريين صغيرين، يشرف عليهما ويتابعهما، الأمر الذي يتطلب منه قضاء أغلب ساعات اليوم خارج المنزل، ولا يعود إلا بعد العاشرة مساءً مكدوداً من عناء اليوم كله فلا يكاد يجلس مع أبنائه أكثر من نصف ساعة أو ساعة في أفضل الحالات. ويلفت المسيري إلى معرفته بأن ذلك ربما يؤثر سلباً على تنشئة أبنائه في بعض النواحي، ولذا يحاول تعويض ذلك بالخروج في نهاية الأسبوع معهم إلى المتنزهات وأماكن يلعبون فيها بحريتهم، ويخرجون طاقاتهم، رغم إدراكه أن بقاءه وقت أكثر معهم سيفيدهم بشكل أفضل في كافة نواحي التربية وهو ما يأمل في الحصول عليه مستقبلاً. مسؤولية ورسالة أما مهندس نظم المعلومات عبدالله راضي (54 سنة)، ولديه أربعة أبناء منهم اثنان لا يزالان في الدراسة واثنان انهياها بنجاح لافت، فله منهج آخر في الحياة، يقوم على أن أبناءه هم شغله الشاغل، وجلوسه معهم يومياً وتخصيص وقت كاف لمتابعتهم ومصادقتهم والأشراف على أغلب شؤون حياتهم، لأن تربية الأبناء مسؤولية ورسالة، وينبغي الاهتمام بكل جوانبها على الوجه الأكمل، وليس الناحية المادية فقط. ويبين، أنه يعيش في الإمارات منذ نحو 20 عاماً ولم يسع إلى اقتناء سيارة خاصة فاخرة، رغم أن امكاناته المادية لا تمنعه من ذلك، حتى لا يضع أمواله فيما لايفيد، ما يضطره للبحث عن عمل إضافي يبعده عن أبنائه، وحتى علاقته بالأصدقاء كانت معتدلة، بحيث كان هناك متسع دائم من الوقت للجلوس مع أبنائه، ويحمد الله، أنه نجح إلى حد كبير في حياته وتربيته لأولاده بفضل هذا الأسلوب، حيث تخرج ابنه الأكبر الآن من كلية الطب البشري وصار طبيباً ناجحاً، والتالي صار معيداً بإحدى الجامعات المصرية، والآخران متفوقان في دراستهما ويتوقع أن يحذوا طريق النجاح نفسه الذي سار عليه شقيقاهما، والجميع على خلق ودين وتمسك بالقيم العادية التي اكتسبها من والديه واستطاع غرسها في أبنائه من خلال فترة الاحتكاك المباشر بهم وتوجيههم المستمر إلى ما يفيدهم وينفعهم. مداعبة الأطفال «مداعبة الأطفال في الصغر والجلوس إليهم أفضل ما يمكن أن يفعله الأب إلى جانب الاتقان في عمله»، هذا الشعار رفعه علي المصعبي الموظف بإحدى الهيئات الحكومية، لافتاً إلى أنه إنسان «بيتوتي»، ويحب الجلوس مع الأهل والأبناء أكثر من الخروج مع الأصدقاء والزملاء، مؤكداً أن ارتباطه بأبنائه يمثل لهم حائط صد قوياً ضد المتغيرات الكثيرة التي يعيشها المجتمع، كونه يعتبر صديقاً لهم ويستمع إليهم ويعرف مشكلاتهم التي يواجهونها في المدرسة أو مع الزملاء، ومن هنا يسهل عليه التعرف على أسباب هذه المشكلة أو تلك، وأكد المصعبي أن القراءة لها فضل كبير في هذه الرؤية التي اتخذها لنفسه في تربية أبنائه. أسلوب حياة الاستشاري الأسري عيسى المسكري، يؤكد قيمة الوقت الذي يخصصه الآباء للأبناء، وضرورة جعله أسلوب حياة ينتهجه أي أب حتى يضمن أن أبناءه يبقون دوماً تحت متابعته وإشرافه المستمر، وبالتالي يكون عوناً لهم في المواقف الصعبة التي قد تواجههم، وزخم كبير من الخبرات يمدهم به عبر الجلوس إليهم وتبادل الأحاديث والانصات إلى ما لديهم من أفكار ومشكلات تواكب مراحلهم العمرية المختلفة. ويوضح أن الآباء لديهم أدوار متعددة، منها التقليدي، ومنها المتقدم المبدع، وبالنسبة للتقليدي معظم الآباء متساوون في أداء مثل هذه الدور، كتلبية الاحتياجات الجسدية من مأكل ومشرب ومسكن، وهي الأشياء المعتادة لدى الجميع، حيث ينظر أكثر الآباء إلى الاهتمامات الخارجية مثل شكل الابن، ومظهره، ونظافة غرفته، وأماكن النوم والجلوس، وهذا الدور واجب يقوم به معظم الآباء، وتأتي ضمن مسؤوليات النفقة والقوامة على الأسرة، وغيرها من الأشياء اللازمة لاستمرار الحياة. أما بالنسبة للأدوار المبدعة والتي يمكن للأب تحقيقها بنجاح، عبر تقديره لأهمية الوقت الذي يعطيه لأسرته، فهي متنوعة، منها الدور العاطفي وله أهميته في تنشئة الصغار، وعلى الوالد أيضاً أن يدرك قيمة الدور الثقافي العلمي، الذي يقوم به، والذي لا يقتصر فقط على مجرد التسجيل للأبناء في المدرسة وشراء المستلزمات الدراسية، بل عليه اختيار مدارسهم ومتابعة تحصيلهم الدراسي، وحسن اختيار مدرسيهم، وملاحظة مستواهم الدراسي إذا كان ضعيفاً في بعض المواد. السلوك والأخلاق غرس السلوك والأخلاق مهمة الأب الكبرى، بحسب المسكري، الذي أوضح أن تخصيص الوقت المناسب للأبناء هو الكفيل وحده بتأدية هذه المهمة على الوجه الأكمل، وهذا الدور يبدأ منذ الولادة ومستمر طوال العمر ما دام الأب على قيد الحياة، ولكنه يكون في فترة من الفترات أكثر أهمية، خاصة في المراحل الأولى لحياة الابن، وقبل ذلك اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والخلق القادرة على إعداد جيل يتفوق في السلوك والأخلاق، ثم اختيار الاسم الذي يسهم في تنمية شخصية الابن. وبعد ذلك يواصل الأب دوره بمتابعة ابنه وتعليمه الأدب بالاحتكاك والرؤية العملية لتصرفات وسلوكيات الوالد، حيث يقوم بتربية الابن على السمات الحميدة من صدق، ونزاهة، واعتماد على الذات، بحيث يعمل الأب على اكتمال شخصية ابنه. وفي هذا اتمام رسالة الأب بأن يطمأن إلى أن ابنه على قدر من الأخلاق والكمال السلوكي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©