الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جامع قرطبة.. تعرض لأكبر جريمة تشويه

جامع قرطبة.. تعرض لأكبر جريمة تشويه
19 سبتمبر 2014 20:10
على ضفة نهر الوادي الكبير وبين أربعة من الأزقة يقف أو بالأحرى تقف بقايا جامع قرطبة الشهير شاهد عدل على أكبر الجرائم التي ارتكبها الإنسان بحق الجمال، عندما أمر ملوك إسبانيا بتحويل هذه التحفة المعمارية والفنية إلى كنيسة، الأمر الذي أفضى لمحو بعض معالم المسجد ثم تشويه التوازن والاتساق المعماري لما تبقى من بنيانه العتيد. شغل موضع هذا الجامع معبد وثني روماني خاصة في عهد ملوك القوط الغربيين، فلما كان افتتاح الأندلس على يدي موسى بن نصير وقائده العسكري طارق بن زياد عام 92هـ تم الاتفاق على اقتسام الكنيسة مع الفاتحين، بحيث يصبح نصفها مسجدا تماما مثلما فعل خالد بن الوليد بعد دخوله دمشق، وعقب وصول عبدالرحمن الداخل صقر قريش للأندلس وتأسيسه لإمارة مستقلة عن العباسيين شرع في الاستجابة لطلب الأعداد المتزايدة من المسلمين بتوسيع مساحة المسجد، فاشترى من المسيحيين بقرطبة ما تبقى من كنيستهم القديمة نظير قيام الأمير الأموي بإصلاح جميع الكنائس التي تضررت خلال معارك فتح الأندلس وأوفى صقر قريش لهم بوعده. أعاد عبدالرحمن الداخل بناء جامع قرطبة في العام 170هـ على مساحة مستطيلة طول ضلع القبلة فيها 73. 5م، بينما يصل عمق المسجد إلى 36. 8م وكان المسجد مشابها لتصميم جامع عقبة بالقيروان آنذاك، أي أنه يتألف من ظلة للقبلة يتقدمها صحن مكشوف. جدار القبلة ولما كانت ظلة القبلة المؤلفة من 11 رواقاً بواسطة عشر بوائك تسير عقودها بشكل مواز لجدار القبلة تستمد الإضاءة الطبيعية من جهة الصحن فقط، فقد رأى المعماري أن يرتفع بالسقف إلى أكثر من 9 أمتار لإنشاء نوافذ توفر إضاءة كافية لداخل بيت الصلاة العميق، ولذلك لجأ إلى عمل عقود مزدوجة، الأولى منها على هيئة حذوة الفرس أما العلوية فهي نصف دائرية منخفضة بينما غطي السقف من الخارج بالجمالون للوقاية من الأمطار الشتوية. حرص الأمراء والخلفاء من بني أمية على العناية بزيادة مساحة الجامع وتوسعته لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين خاصة وأن الأمير أو الخليفة الأموي فيما بعد كان يصلي به ولذا عرف تقليديا باسم مسجد الحضرة ولم تؤد أعمال التوسعة المتعاقبة إلى الإخلال بالطابع المعماري للمسجد نظرا لمراعاة البنائين الالتزام بتصميمه الأصلي. قام الأمير الأموي عبدالرحمن الأوسط بتوسعة المسجد، وجدد به المحراب القائم إلى اليوم كما شيد لصق جداره الغربي من الخارج القنطرة أو الساباط التي كان الحاكم الأموي يمر فوقها من قصره إلى داخل المسجد دون الحاجة للمرور بالشارع، وبعد إعلان عبدالرحمن الثالث نفسه خليفة باسم الخليفة الناصر قام بإنشاء مئذنة حجرية ضخمة للمسجد حولت بعد حروب الاسترداد إلى برج لأجراس الكنيسة وهي قائمة إلى اليوم بهيئتها الإسلامية تتحدى تحويل الجامع على كنيسة. ذخائر فنية في عهد الخليفة هشام المؤيد زاد الحاجب المنصور ابن أبي عامر مساحة المسجد لتصل إلى خمسة أفدنة وهو أقصى اتساع وصلت إليه مساحة جامع قرطبة قبل أن تجتاح قرطبة الفوضى في العام 400هـ بسبب الخلافات الداخلية وتنهب بعض الذخائر الفنية للجامع. وفي العام 633هـ هاجم القساوسة المسجد وغيره من قصور قرطبة وشرعوا في تغيير ملامحه ليكون كاتدرائية للمدينة، ورغم ذلك ظل الجامع يحتفظ بالجانب الأكبر من شخصيته المعمارية وأعمال الزخرفة الفنية التي تشمل الجص والفسيفساء، فضلا عن أن العامة تطلق عليه إلى اليوم كاتدرائية مسيكيتا وتعني الكلمة الأخيرة المسجد في اللغة الإسبانية. (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©