السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليس هذا روتيناً

ليس هذا روتيناً
19 سبتمبر 2014 20:10
اعتادت زوجة الأستاذ بيومي أن تعد كل شيء مما تحتاج له في البيت والمطبخ. إنها سيدة بيت نادرة من طراز أوشك أن ينقرض، وهي أشبه بامبراطور مملكته هي المطبخ. هناك تقف وسط الأواني وأبخرة القلي وروائح التحمير توشك أن تلوح بسيفها قائلة: «إلى الجهاد !». الأستاذ بيومي موظف محترم، وبالتالي فهو ليس ثرياً، ولا يملك أي فائض من المال، لكنه كذلك ليس فقيراً. إنه نموذج ممتاز للطبقة الوسطى. اقترب رمضان، فنزلت الزوجة إلى السوق وعادت بحمولة ثقيلة من المكرونة. . عشرات الأكياس. . فلما سألها عن السبب قالت إن ربة البيت البارعة يجب ألا تترك شيئاً للمفاجآت. . المكرونة عنصر مهم جوهري في المطبخ ولابد من وجود فائض منه. قال لها إن الكمية كبيرة جدا ونحن لسنا في صحراء كالهاري. . يستطيع المرء في أي لحظة أن ينزل للسوبر ماركت ويبتاع ما يريد أولاً بأول. قالت الزوجة: «كل عام وأنت بخير. . هذا رمضان. . ونحن لا نفعل ذلك كل يوم. ليس هذا روتينًا» هكذا وافق في غير سماحة ودفع لها ثمن ما اشترته. على الأقل لن يبتاعوا المكرونة لمدة ثلاثة أشهر. . هذا مطمئن. . بعد يومين فتح بيومي الباب ليجد صبي مجزر الدجاج المجاور للبيت، يحمل ثلاثة أكياس امتلأت بجثث الدجاج التي اغتيلت في مذبحة رهيبة. وطلب منه مبلغاً فلكيا جديرا بأن ينضم للمسافات بين المجرات. . هرع بيومي لزوجته وسألها عن كل هذا الدجاج فقالت: «نحن لا نشتري دجاجا في كل يوم، كما أنه لا يمثل خسارة. . الدجاج سيؤكل في كل الظروف. ثم أن هذا ليس روتينًا» وافق الرجل على مضض. معها حق. . لن يتم التخلص من الدجاج أو إلقائه في القمامة مثلاً. . سوف يؤكل سواء اليوم أو غدًا أو بعد غد. . بعد يوم خرجت الزوجة إلى السوق وعادت مع بعض علب السمن. . سألها عن السبب، فقالت إن هذا رمضان. والأكل يفضل أن يطهى بسمن طبيعي من الطراز الذي يجلب الكولستيرول ويسد الشرايين التاجية ويسبب الجلطات. إن الموت بضيق الشرايين التاجية أفضل من السرطان الذي يسببه السمن الصناعي. ثم لا تنس أن: «نحن لا نفعل ذلك كل يوم. . ليس هذا روتينًا. . والسمن مفيد في كل الأوقات كما تعلم» قرر الرجل ان يبتلع غيظه ودفع لها ثمن كل هذا السمن. . بعد هذا فوجئ بأن هذا موعد تخزين البصل. . نحن لا نفعل هذا كل يوم بل هو بصل العام كله. . ثم تخزين الأرز. . لا شيء كالأرز الفلاحي. . هذه فرصة. . ليس هذا روتينًا. . في النهاية جلس أمام التقويم ووضع علامة على كل يوم ابتاعت فيه زوجته خزينًا من صنف معين. صحيح أنها لا تكرر نفسها، وأن كل ما تبتاعه مفيد وسوف يؤكل، لكن النتيجة هي أنه في كل يوم يدفع مبلغًا مخيفًا. . . كل يوم ظاهرة فريدة من نوعها. . تذكر حفل زواجه، عندما كان منتشيًا سعيدًا وراح يعطي المال بسخاء لأفراد الفرقة التي أحيت الزفاف. فعلها مرة واحدة في حياته لن تتكرر ما لم يطلق زوجته ويتزوج أخرى. ليس هذا البذخ روتينًا. . لكن بالنسبة للفرقة فهذا نمط حياتهم. . مجرد يوم عابر. . لهذا هم يحصلون على مبالغ جهنمية في كل ليلة. . «ماذا تقولين؟؟» «الزيت. . ابتعت عشر زجاجات فنحن نحتاج له دائمًا. . لا تنس أن تحاسب البقال !» هكذا عرف الأستاذ بيومي الطريقة الوحيدة الممكنة للحياة مع زوجة كهذه. الحل الأول هو أن يطلقها. . وهذا ينفي جملة (الحياة مع زوجة كهذه). . الحل الثاني هو أن يدس لها السم في الطعام. . سيكون رائعًا لو سمم لها علبة السمن البلدي التي اشترتها أمس. الحل الثالث هو أن يعمل في فرقة راقصة من الفرق التي تحيي الأفراح. فقط هؤلاء يقدرون على شراء خزين من نوع جديد كل يوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©