الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيران شقيقة

نيران شقيقة
11 فبراير 2010 20:38
نجوى ورضا شقيقتان، لكن شتان بينهما، مختلفتان في كل شيء، متباينتان في الطباع، الأولى تكره من حولها وحتى نفسها منذ نعومة أظافرها، تصرفاتها جعلت أباها وأمها يقسوان عليها، فهي لا تستجيب لأمر، ولا تنتهي بنهي، معجونة بالعناد وترى سعادتها في المخالفة، بينما رضا كانت على النقيض، تلبي قبل أن تُسأل وتستجيب قبل أن يطلب منها مطلب، وتعرف الأخطاء والعيوب فلا تقترب منها، فنالت حب وحنان الأبوين، بينما الأخرى نالت السخط والغضب، حتى في الجمال حظيت رضا بملامح رقيقة، فيها جاذبية وبراءة صاحبتها في مراهقتها وشبابها وجعلت أختها نجوى تكن لها حقداً وكراهية وعاندها الحظ حتى عندما تزوجت حيث تقدم لها عامل بسيط يحصل على رزقه يوما بيوم بالكاد، فعاشت شظف العيش ومعاناة متطلبات الحياة، بينما تقدم لرضا تاجر مجوهرات يمتلك الملايين والعقارات والأراضي، أما عن الفيلا التي اشتراها لها لتكون بيت الزوجية فحدث ولا حرج فقد وجدت فيها أكثر مما كانت تتمنى ولم تكن المصوغات تكلفه كثيرا، فغطاها بالذهب وجعل لها خزينة خاصة تحتفظ فيها بحليها وكان يقدم له الجديد ويرفض أن يأخذ القديم وجعله تأريخا للذكريات الجميلة بينهما وأغدق عليها وفتح لها حسابا باسمها في البنك تتصرف فيه كيف تشاء، وقد فعل ذلك بعد ما تأكد أنها حريصة على ماله أكثر منه، ولا تنفق أكثر مما تحتاج. وتتجمع كل تلك العطايا لتزيد من حنق وضيق نجوى، وتزداد أحقادها على أختها، لا هم لها إلا المقارنة بين حالتيهما، وهي ترفض ما هي فيه وتتساءل عن سبب ذلك فلا تجد جوابا غير أنها لا تفوت فرصة لكي تنعى حظها وسوء نصيبها، وتعنف زوجها وتعيره بفقره وعوزه وقلة حيلته، حتى عندما رقت رضا لحالها وطلبت من زوجها أن يجد لزوج أختها عملا لديه وافق الآخر، وكان زوج نجوى يأتي كل مساء من عمله ليروي لها كيف تنهال الأموال على زوج أختها، وتزداد خزائنه، وتتضاعف ملايينه دون أن يبذل أي مجهود، فيصب النار على الزيت فيزداد قلبها احتراقا وتشتعل غيرتها وتتأجج جمرات حقدها على أختها، ولم تشكر لها عطاءاتها وإغداقها عليها وكانت تريدها أن تقاسمها مال زوجها لتصبحا متساويتين. واكتملت زينة الحياة الدنيا عند رضا، فبجانب المال رزقت بولد جميل جعلها تعيش السعادة في كامل صورتها، بينما رزقت أختها ببنت فكأنها رأت أن ذلك مزيدا من المميزات لأختها، وكل ميزة تزيد من سخطها ويزداد عجزها، وتتسع الفوارق بينها وبين أختها ولا تجد سبيلا لتضييقها، وأصبحت مهمتها في الحياة كيف تجر شقيقتها الى الفقر وتحولها للعيش في معاناة وكبد مثلها وحرضت زوجها ليسرق بعض المصوغات من خلال عمله وانساق وراء مطامعها بعدما زينت له طريق الشر ورسمت له الخطة وأكدت نجاحها، لكنه رسب في أول اختبار وسقط بالمسروقات قبل أن يخرج بها، وقد كان زوج أختها كريما إلى أقصى حد ورفض أن يسلمه للشرطة ورفض الإبلاغ واكتفى بطرده من العمل لأنه لم يحفظ الأمانة وخان المكان الذي يرزق بسببه وسامحه من اجل الحفاظ على العلاقات الأسرية وما كان هذا الفشل إلا فصلا جديدا من إحباطاتها. واستمر مسلسل الشر ضد “رضا” فاليوم اختفى طفلها الوحيد ابن الرابعة من عمره، خرج للعب مع الصغار ولم يعد، غابت الشمس وبدأ البحث عنه في كل موضع قدم يمكن أن يذهب إليه. سيارات تجوب الشوارع واتصالات هاتفية ومترجلون يفتشون ويمضي الليل ثقيلا بطيئا وقلب الأم يحترق على الصغير فكل الجهود باءت بالفشل ولم تأت بخبر، تمنت لو أنها فقدت كل ثروتها مقابل عودة ابنها سليما معافى وتضطر لإبلاغ الشرطة باختفائه وتبدأ الشرطة البحث عنه بينما تتلقى الأم اتصالا هاتفيا من شخص مجهول يطلب منها خمسين ألف جنيه فدية وإلا سيقتل صغيرها فإذا بها حائرة لا تدري كيف تتصرف ولا ماذا تفعل إلا أنها بسرعة فائقة وافقت على دفع المبلغ فولدها أغلى من أموال الدنيا كلها ولم تنس أن ترجو محدثها إلا يمسه بسوء لكنه أنهى الحديث معها غير مهتم برجائها ولم يحدد لها موعدا ولا مكانا لاستلام المبلغ وتسليمها الطفل وجلست تنتظر وتترقب عساه أن يعاود الاتصال بينما أعدت المبلغ المطلوب واستعدت لتقديمه على الفور دون تردد حتى لو لم يوافق البوليس. وجاء اليوم التالي بالنبأ المشؤوم لقد مات ولدها وقتله الخاطفون وكاد قلبها ينفطر وتفقد الوعي من هول الصدمة فلم تصدق ولم تتحمل أو تتخيل أن يصل الأمر إلى هذا الحد ويدفع البريء الصغير حياته دون ذنب جناه وعندما تعود إلى الوعي أو يعود إليها الوعي مرة اخرى بعد عدة أيام تكتشف القتلة هم أبناء شقيقها، نعم هم الذين اختطفوه بعدما استدرجوه بحجة شراء الحلوى والتنزه معهم واقتادوه إلى مكان بعيد وحبسوه في منطقة زراعية بلا طعام وأصابه الإعياء الشديد من قلة الطعام ومن التعب والإرهاق وخافوا افتضاح أمرهم بعدما اشتد الأمر وأوشك على الهلاك وأخذتهم العزة بالإثم ورفضوا إنقاذه أو إعادته إلى امه كي لا تقر عينها به وشنقوه وألقوا بالجثة بعيدا وكانوا معتقدين انهم بمنأى عن ايدي رجال الشرطة وكان الاتصال الهاتفي هو الخيط الذي تم عن طريقه التوصل اليهم واعترفوا بجريمتهم كاملة، وتأتي اعترافاتهم كالسهام التي تخترق قلب الأم الثكلى، فما كانت هذه الجريمة البشعة إلا انتقاما منها وبتحريض من شقيقتها التي تكرهها فهي التي دبرت ذلك فأبناء شقيقها هؤلاء كانوا يريدون مالا لتوكيل محام للدفاع عن أخيهم المحكوم عليه في قضية اتجار في المخدرات، فدفعتهم الشيطانة إلى هذه الخطة، بعدما أقنعتهم بأن أختها ستدفع لهم أي مبلغ يطلبونه، ويلقي القبض على الجميع بينما الأم الثكلى تعود إلى الغيبوبة، وتفقد الوعي كمدا وحزنا.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©