الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اضطرابات النمو والسلوك تقف وراء التأخر الدراسي

اضطرابات النمو والسلوك تقف وراء التأخر الدراسي
5 سبتمبر 2011 23:00
مع بدء السنة الدراسية، تزداد هواجس الأهل لما سيكون عليه الوضع الأكاديمي لأبنائهم. وهم يتساءلون عما إذا كانت الأشهر المقبلة ستحمل لصغارهم التوفيق في اكتساب المعارف الجديدة والمدارك التي تتناسب مع سنهم. ومع أن تقصير التلاميذ على مقاعد الدراسة ينتج بالغالب من عدم انتباههم للشرح والالتهاء بأمور أخرى، غير أن عدم النضج عند الأطفال له علاقة مباشرة بالأمر، إضافة إلى نواح طبية أخرى يولد الأطفال متشابهون من ناحية البراءة وحبهم للعب والاكتشاف، لكنهم مع سنوات الدراسة الأولى يبدأون بالتغير. وعندها تبرز شخصية كل منهم وتتضح رقعة الاختلاف بين تلميذ وآخر. وهنا تقع المسؤولية على الأهالي المطالبين بملاحظة هذه المفارقات وتقويمها بشتى الطرق. وإذا ما وجدوا أنفسهم عاجزين عن تصويب الاعوجاج في قدرة أبنائهم على الاستيعاب السريع، وجب اللجوء للاستشارات المتخصصة. ميول أكاديمية تذكر منال حسن، وهي أم لـ 3 أبناء، أنها تعرضت لمثل هذه التجربة مع ابنها الأوسط عندما لاحظت عدم تجاوبه مع المحيط من حوله. وتقول «عندما عرضته على الطبيب، تبين أنه يعاني من مشكلة في النظر كانت تحول دون قدرته على التركيز، وتجعله شارد الذهن باستمرار». وتوضح أنه ما أن بدأ يضع النظارات الطبية حتى تحسنت حاله وأخذ يتأقلم شيئا فشيئا مع ما يطلب منه في الصف. وهذا الأمر جعلها شديدة الدقة في متابعة ابنتها الصغيرة؛ لأنها لم تكن تريد لها أن تعاني طويلا، كما حدث لأخيها قبل أن تعرف سبب شروده. الأمر نفسه حدث مع إلسا زغيب، التي اكتشفت متأخرا أن ابنها يعاني انسدادا في أذنيه، ما أدى إلى تأخر في النطق لديه، وتاليا إلى تأخر في الوضع الدراسي. تقول «عندما عرضته على الأخصائي كان في الخامسة من العمر، وذلك بناء على توصية من المدرسة». وقد كلفها الأمر أن تعيد له الصف؛ لأنه متأخر عن رفاقه، وأن تخضعه لجلسات علاج خاص على مدار 3 سنوات متتالية. وتتابع «الآن أصبح ابني في التاسعة من عمره، وقد قطع أشواطا من التحسن، ومع ذلك فهو متأخر في الدراسة. ولو أنني تنبهت للأمر منذ البداية لوفرت عليه الكثير من المتاعب». من جهته، يقول سعد برجاوي، وهو أب لولد وبنت توأم في السابعة من العمر، «هما متشابهان في كل شيء إلا بالقدرة على الاستيعاب والتحليل، فبينما تتمتع ابنتي بذكاء خارق، وهي منظمة ومنضبطة وتحب قضاء الوقت بالكتابة والرسم والتلوين، فإن الولد مشاغب وليست لديه أي ميول أكاديمية، إذ يكره الذهاب إلى المدرسة ولا يعير الأساتذة في الصف أي انتباه يذكر ما أدى إلى تأخره عن مستوى رفاقه». ويعمل الأب حاليا على توفير الدعم اللازم لابنه ليتمكن من تعويض ما فاته، وذلك بالاستعانة بأخصائيين في النواحي التعليمية والسلوكية. تأخر في النمو يرى عبدالله البدوي أنه من الضروري ملاحظة هذه التفاصيل الصغيرة على الأطفال، والتي تظهر منذ الأشهر الأولى. ويوضح «الطب متطور جدا، وقادر على كشف أي خلل يمكن علاجه باكرا. غير أن التقصير هو من بعض الأهالي الذين لا يعيرون مثل هذه الأمور الأهمية التي تستحقها». ومن واقع تجربته الخاصة، فهو يتفاءل دائما بالحلول العلمية والطبية التي برأيه مهما كلفت من نفقات إضافية، تبقى الأمل الوحيد لعلاج الحالات القابلة للتغيير. ويروي أن ابنته الوحيدة ولدت قبل أوانها ما أدى إلى تأخر في نموها عن الحد الطبيعي، مما دفعه فورا إلى عرضها على لجنة من الأخصائيين الذين لا يزالون يتابعونها حتى اليوم. ويضيف «البطء في النمو كان واضحا منذ أن كانت في شهرها الخامس، إذ لم تكن قادرة على اللهو بقدميها ويديها، كما هو مفترض في هذه السن». وما أن عرف أنها تحتاج إلى نوع من العلاج الفيزيائي الحركي، حتى سارع إلى مساعدتها بأقصى ما تسمح له قدرته المالية. ويوضح «هي ابنتي الوحيدة، وقد تأخرت حتى رزقت بها. أعتبرها أجمل ما نلته من هذه الدنيا، وأحمد الله على كل محنة، وأنا أعتبر أن الوضع الصحي لابنتي هو اختبار من عند الله وأسعى لأن أفوز به». فحوص طبية تقول ألين الديك أخصائية النطق في مركز «النجوم للقدرات الخاصة»، إن هنالك الكثير من الحالات التي يمكن متابعتها مع وجود الأمل في تحسينها، وصولا إلى علاجها نهائيا إذا كانت الظروف الصحية مواتية لذلك. ومن بين هذه الحالات مشكلة النطق، موضحة أنه لا يتم تشخيص مشكلات النطق والسمع عند الطفل بأنها نقص في الذكاء، وإنما هي مسألة صعوبة في تحليل الجمل التي يسمعها. فالطفل هنا يعاني عدم القدرة الكافية على فهم ما يقال له بسهولة. وتؤكد أن الحالات التي تساعدها قد يعاني بعضها تأخر في النمو «ولكن هذا التأخر ليس إعاقة وإنما يمكن تعريفه بأن عمر الطفل البيولوجي لا يطابق عمره الوظيفي والحركي. وتشرح أن الطفل قد يتأخر بالنطق لسبب نفسي أو لسبب يتعلق بالتربية أو للسببين معا. وأول ما يطلب من الأهل لتحديد وضع الطفل، هو القيام بالفحوص الطبية الضرورية. وهي السمع، النظر، الجيوب الأنفية، الأنف والأذن والحنجرة وتخطيط الدماغ. وكذلك التحاليل الجينية لا سيما في حالات زواج القرابة والتي تكثر نتيجتها أمراض جينية مثل متلازمة داون. وإذا ظهرت عند الطفل علامات ارتخاء يطلب إجراء فحوص القلب والعضل. وعندها تبدأ مرحلة العلاج بحل المشكلات مجتمعة وفق برنامج متكامل يقلص الصعوبات الواحدة تلو الأخرى وبالتزامن نفسه. وتقول الديك «أما إذا أثبتت الفحوص عدم وجود أي خلل صحي، فهذا يعني أن ما من سبب يمنع الطفل من التجاوب، وإنما هو يشعر بعدم قدرته على العطاء». وهنا يبدأ نوع آخر من العلاج يرتكز على التدريب والمتابعة المتخصصة التي تعطي نتائجها مع الوقت. النطق والسمع تؤكد الديك أن الخلل في النطق والسمع اللذين قد يكونا مرتبطين ببعضهما، تظهر ملامحه منذ الأشهر الأولى من عمر الطفل. وهنا دور الأهل في ملاحظة ردات الفعل لديه، لا سيما إذا لم يعر انتباها إلى ما يدور من حوله بشكل طبيعي بالنسبة لسنه. بعدها يأتي دور أخصائيي النطق الذي تتحدث عنه الديك، فهو لا يقتصر على تدريب الطفل على الكلام، وإنما كذلك كيف يفهم الجمل ويستوعب المطلوب منه». والتقنية المتبعة هي التحدث بتأن وتأكيد الأحرف التي يصعب لفظها، بحيث يتم لفظ كل حرف على حدة. فمن غير المجدي لفظ الكلمات بالكامل إذا كان العلاج يرتكز على أسلوب التعبير وفاعليته. ولا يمكن تحديد مدة العلاج إلا بالنظر إلى الحالة نفسها وإلى الظروف البيئة والأسرية والاجتماعية المحيطة بها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©