السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوق الألبسة المستعملة تنتعش على وقع جودتها واعتدال أسعارها

سوق الألبسة المستعملة تنتعش على وقع جودتها واعتدال أسعارها
2 سبتمبر 2013 12:06
انتعش قطاع الألبسة الشعبية المستعملة أو ما يسمى بـ «البالة» في لبنان، بعدما ارتفعت الرسوم على الملابس المستوردة بنسبة تصل إلى أكثر من ثلاثمائة بالمائة، سيما وأن معظم شرائح المجتمع اللبنانية هم من الفقراء أو معدومي الحال، وفق دراسة أعدّتها الأسكوا، لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا. انتشار كبير سوق «البالة» للملبوسات المستعملة انتشرت في بعض مناطق العاصمة بيروت وخارجها، والرئيس منها كان يتواجد في منطقتي خندق الغميق والباشورة، ليمتد إلى الشياح وأسواق الآحاد في مختلف القرى اللبنانية. ويشير أمين سر مستوردي الألبسة الشعبية نقولا حبيب إلى أن الألبسة المستعملة «البالة» موجودة منذ الخمسينيات، ولكنها ازدهرت في هذه الأيام بسبب الضائقة المعيشية والاقتصادية التي يمر بها اللبناني، الذي يرى في هذه الألبسة متنفساً لسد بعض حاجاته. أما رئيس نقابة أصحاب مصانع المنسوجات في لبنان سليمان خطار، الذي يقول إن نحو خمسين بالمائة من الألبسة الموجودة في لبنان مستعملة، وهذا بدوره يعني أن نصف اللبنانيين يرتدون ألبسة مستعملة. لكن أصحاب «الكار» ينفون هذه الأقوال ويستغربون ما يتم تداوله في أن معظم المستوردات من الملبوسات هي في الوقائع بضائع جديدة، لكن التجار يدخلونها على أساس أنها مستعملة من أجل التهرب من الرسوم الجمركية، وهذا بدوره يؤدي إلى منافسة غير مشروعة مع الصناعة اللبنانية. من جهته، يفند حبيب هذا الأمر ويصفه بالمستحيل، لأنه لا يمكن للألبسة المستعملة مهما تم تنظيفها وكيّها أن تستعيد رونق الألبسة الجديدة، مشيرا إلى أنها «حرب باردة» بين الصناعيين والتجار بدأت منذ صدر المرسوم القاضي بزيادة الرسوم الجمركية على الألبسة المنسوجة (رسم نوعي) عام ألفين، حيث توالت بعدها زيادة الرسوم على المستوردات، وكان آخرها الزيادة التي طرأت على سوق الأحذية، ويعزون النتائج بأنها كانت لمصلحة الصناعيين والسبب حسب حبيب بأن المسؤولين غائبون عن السمع. إضافة إلى ذلك يكشف حبيب وبالأرقام أن كمية مستوردات الألبسة، انخفضت حسب جداول الجمارك إلى ثمانية بالمائة، فكانت سنة ألف وتسعمائة وتسع وتسعين «اثنين وعشرين ألفاً وخمسمائة وستين طناً، وأصبحت سنة ألفين وثلاث ما يعادل عشرين ألفاً وثمانمائة وخمسة أطنان. أما قيمة هذه المستوردات فقد ازدادت بنسبة خمسة وثلاثين بالمائة، فكانت سنة ألف وتسعمائة وتسع وتسعين «مئتين وسبعة وتسعين مليار ليرة لبنانية وأصبحت سنة ألفين وثلاثة أربعمائة مليار ليرة لبنانية». تداول مستمر في جولة لـ«الاتحاد» على بعض محال بيع الثياب المستعملة «البالة»، تقول أم سامر عفيش «أقصد محال «البالة» في خندق الغميق مرة في الشهر على الأقل، وتجمعني بأصحابها معرفة وعلاقة بيع وشراء حتى أنني أعلم بمواعيد فتح «البالات» التي يستوردها التجار و«الستوكات» قبل فتح صناديقها». وتزيد «الحالة الاقتصادية المزرية التي نتخبط بها تجعلني زبونة دائمة حيث أقضي عدة ساعات هنا لانتقاء بعض الثياب لأولادي الثمانية الذين هم بحاجة دائمة للثياب. واللافت أنني أصبحت صاحبة خبرة وملمة بالقطعة النظيفة والجيدة وأعرف التفريق بين القطعة المعدمة والثمينة، وما يريحني وجود نوعية أصلية من الثياب تمتاز بالجودة، لذلك فإنها تستهلك وتتنقل بين أولادي عندما تضيق على أحدهم وتصبح من نصيب الأصغر سناً، لأنه ليس باليد حيلة». من ناحية الأسعار، توضح السيدة «هناك قطع رخيصة وهي بحالة جيدة إنما يلزمها بعض «الرتوش» لاستعمالها، مثل «ثقب صغير» في إحدى زوايا القميص أو الكنزة أو بقعة على إحدى زوايا الجينز الذي عاصر «الموضة» حيث أصبحنا نرى معظمها أي الجينز وكأنها خرائط ممزقة ومنسّلة من أول البنطلون إلى آخره. والطريف أن بعض الشبان والفتيات يقومون بتمزيق مقصود لثيابهم لأن هذا الفعل يزيده جمالاً ورونقاً ولفت نظر». من جهتها، عبّرت سعدى شقير، التي كانت تقف أمام «كومة» من الثياب وتنتقي ما ترغب بها وما يصلح لأفراد عائلتها، عن غضبها من وضع الحياة الصعب الذي تعيشه، خصوصاً من كانت عائلته كبيرة، حيث الأولاد بحاجة إلى كساء دائم. وتزيد أن الأمر لا يقتصر على أيجاد ما يريد الزبون، إذ أن أصحاب «البالة» أصابهم الجشع لأن بعض القطع تسعّر بالعملات الأجنبية ولا قدرة لرب الأسرة عليها، والحجة أن قطعة الثياب هذه أصلية وأبدية ويدوم استعمالها طويلاً لأنها من صنع أجنبي وهي في حالة ممتازة وأفضل من أي قطعة ثياب جديدة. وتضيف «أفضل شراء الثياب من «البالة» لأنه في بعض الأحيان تجد قطعة «لقطة»، شرط أن تعلم بفتح «البالة» فتأخذ وجه «السحارة» كما يقولون وتكسب موديلاً لا تجده في المحال الكبرى». ويقول مازن عليان «أشتري ما أريده من ثياب للعائلة من محال «البالة» وأيضاً من الأسواق الشعبية واللافت أن قطعة ثياب «البالة» تدوم أكثر وتعيش أكثر، عكس الثياب التي يجري عليها «أوكازيونات» و»مزادات» وهي غير أصلية من «النايلون» ومعدّة للاستهلاك السريع، حيث لا تعود صالحة للاستعمال بعد فترة قليلة، إذ يصيبها الاهتراء والتمزق بسبب سوء نوعيتها. وقد تجد أحياناً ما تريده في بعض محال الثياب التي تعلن عن تخفيضات كبيرة مثل حسم خمسين بالمائة على قطع الثياب أو حتى الأحذية، إلا أن الصناعة التي تدخل فيها لا تتمتع بالجودة والإتقان، لهذا أفضّل شراء ما أريده من «البالة». تقبل اجتماعي في السوق التي كانت مكتظة بالناس، يوضح الشاب حسين سلامة أن سبب تردده على السوق لم يعد يشكل له أي إحراج خصوصاً وهو يرى أمامه أشخاصاً يتمتعون بمكانة اجتماعية مهمة. ويضيف «لا أخفي أن ملابسي وملابس عائلتي كلها أشتريها من «البالة» والسبب ضعف القدرة الشرائية». ويرى كمال الترك أن كثيراً من الملابس التي يشتريها من «البالة» هي أفضل من أي مكان آخر حتى وإن كانت جديدة. ويشير إلى أنه في «البالة» يمكن أن نجد ملابس في حالة جيدة من منتجات أشهر المحال الأوروبية. وأؤكد بأن هناك بعض المواطنين ما زالوا يخجلون من التجول في محل «البالة»، وإذا اشتروا منها فانهم لا يعلنون عن ذلك لأحد.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©