الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سُلطة الإعلام والإدمان والأزمات

1 سبتمبر 2013 20:32
إذا كان البعض يعتبر أن الإعلام سلطة رابعة فثمة من يعتقد بأنه إحدى السلطات الأربع، أي يمكن أن يكون السلطة الثالثة أو الثانية أو غيره، وذلك يعتمد على مكانته وحقيقة وظائفه، كما أن الترتيب يعتمد على الظرف أحياناً. ففي أوقات الأزمات، وبعد الفورة التكنولوجية الراهنة، قد يتحول الإعلام -كآلة- إلى سلطة فائقة قائمة بذاتها. يكفي مثلا أنه يجعل البعض يتسمر أمام الشاشة التقليدية أو شاشة الكمبيوتر، أو يجعل شاشات الأجهزة الرقمية المحمولة تتسمر أمام ناظريه لساعات وساعات يوميا. أي إنه يمارس سيطرته علينا أو على كثيرين منا بالحد الأدنى، بكل ما للكملة من معنى، أيا كانت اتجاهاتنا ومعتقداتنا وتفاعلنا مع التطورات والأحداث. من حيث الحضور والوقت قد يكون الإعلام حاضرا أكثر من أي سلطة أخرى، وخلال ذلك فهو يمارس سلطته أكثر من أي سلطة أخرى، هذا عدا عن أن السُلطات الأخرى تمارس أحياناً بعضا من حضورها ووظائفها عبر الإعلام نفسه. ومع إمكانية تسخير الآخرين له لخدمتهم، فإن الإعلام -ككيان بذاته، وبغض النظر عن التباين بين محتوياته وتضاربها وتعدد غاياتها، يمكن أن يكون أحياناً كثيرة أهمّ السلطات، وخاصة في أوقات ترقب الأزمات. الحروب ومساراتها الميدانية قد تكون المحدد الأول لصناعة الأحداث والتاريخ، ولكن في العصر الجديد يمكن سرد العديد من الأمثلة التي تبيّن الدور المتزايد للإعلام- كوسائل وقنوات نقل بغض النظر عن المحتوى والرسائل- في التأثير بمجرى الأحداث، بما في ذلك تلك المتعلقة بشن الحروب أو عدم شنها. الدور المتزايد بات ملحوظا حتى في مجرى المعارك، فإطلالة بعض المقاتلين والمحاربين من ساحة المعركة مباشرة وبصورة منهجية ويومية، وخلال مواعيد معينة، كنشرات الأخبار التلفزيونية تحديداً، يدل بصورة قاطعة على التأثير النوعي بهذا الدور، أقصد من حيث النوع وليس الكم فقط، ولا ننسى بهذا الصدد الحضور المباشر لمثل هذه المصادر وتأثيرها «الميداني» على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك دور الأجهزة الذكية، وكل ذلك يمثل تحولاً جديداً في دور الإعلام، يحمل العديد من الفوائد لكن له أيضاً وجه خطر للغاية. فعلى نفس قاعدة التأثير المتعاظم، يؤدي التهاون في تدقيق المحتويات مثلا إلى بلبلة غير محمودة العواقب، مثل بث إحدى القنوات المعروفة قبل أسبوع للصورة المرعبة عن جثث متفحمة نُسبت لضحايا المتفجرات في إحدى الدول العربية وسبق ونُسبت لضحايا مصادمات في دولة ثانية قبل أن ينكشف أنها تعود في حقيقة الأمر لضحايا حريق مصنع في دولة عربية ثالثة. والأنكى هنا أنه رغم مثل هذه الغفلة -أو الغش أو التدليس أو الفبركة سمّها ما شئت- ورغم المعرفة بحجم التأثير -أو التلاعب أحياناً- الذي نخضع له بوعي أو بدون وعي، ولاسيما في أوقات الأزمات، فإننا لا نستطيع الفكاك من الإعلام، بل قد نحتاج المزيد منه. أي إدمان صريح، قد يؤدي في حالات كثيرة إلى ملهاة، وأحياناً إلى مأساة، وخاصة عندما تضعف السلطات الأخرى أو يكون مستوى المناعة أقل من أن يُراقب ويحاسب ويقوّم، وهذا يحدث لبعض الشعوب ولاسيما تلك التي يصفها البعض بالظاهرة الصوتية. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©