السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هاربون في المقهى

5 سبتمبر 2011 23:10
كانت شلّتنا من رواد المقاهي وكنا من الهاربين وعلى أنواع، منّا هارب من ضغط عمل يجد في لعب الورق ملجأ ومتنفساً، أو من زوجة لا تكلّ ولا تملّ من النقّ على الطالع والنازل، أو من روتين يومي مملّ، عمل، عودة للبيت، وغداء، ثم قيلولة، أو من طلبات وحاجات أبناء لا تنتهي أبداً، وإلى هنالك من أنواع الهروب الذي ليس بالضرورة أن يكون سلبياً، فربما يكون إيجابياً حين يصل أحدنا إلى درجة انسداد الأفق أمام زوجة بات الزوج آخر اهتماماتها، أو أمام أبناء لا يعرفون معنى أنك من ذوي الدخل المحدود! دخل “سعيد” المقهى متجهم الوجه، تاركاً أن يصطحب معه زاده اليومي من الضحكات التي كانت تملأ المكان فرحاً ومرحاً ما أن تطأ قدماه أي مكان يحل فيه، بل كثيراً ما كانت تسبقه تلك الضحكات المعبّقة بموسيقى القهقهة المستمرة المترافقة مع اهتزازات كرشه المتلاحقة، ولكنه قسمات الحزن اليوم بادية على وجهه، وقد سرقت أي دلالة للسعادة، فسعيد، ليس بسعيد وكأن كارثة حلّت به، سلّم، وانزوى، أشعل سيجارة أخرى من أختها قبل انتهائها، وطوى نفسه ما استطاع، محاولاً إخفاء ما يعتمل في داخله، ولكن هيهات يستطيع أن يقنع صحبته بأنه “سعيد” بشحمه ولحمه، تركناه قليلاً ليأخذ نفسَه ويرتاح، متأكدين أنه لن يطيق صبراً، ولكننا آثرنا أن نتجاهله قاصدين بغير اتفاق مسبق منا، تابعنا لعب الورق، منفعلين، منتظرين منه أن يبادر بالبوح، ولكنه تمالك نفسه، واكتفى “تفشش” ببث زفراته المتلاحقة الواحدة بعد الأخرى في سجائره التي عبقت جو المقهى الذي لم يكن تنقصه سحابات “سعيد”، ولم يكن من حل إلا إنهاء اللعبة، فقد التهم سعيد علبة سجائره خلال ساعتين أو أقل، وهمّ بالخروج ليسأله أحدهم: إلى أين ياسعيد! سأرجع، سأحضر علبة سجائر، لقد انتهت سجائري. - لا الموضوع خطير، ما الأمر يا سعيد؟ أخذ سعيد نَفَساً عميقاً وأطرق وجهه للأسفل: اليوم الموضوع وصل للضرب! لقد ضربتني زوجتي المصون بعد عشرين عاماً من الزواج، أتصدقون! - تنهّد صديقه “صبري” تنهيدة عميقة حارة حرقت قلوب الحاضرين وقال معزياً سعيد: - اسمح لي أن أسميك بطلاً، لأنك صمدت عشرين سنة، فأنا لم أصمد سوى أيام، وقد أدمنت ضرب زوجتي، فلا تهوّل الأمر وخذه من جانب “ضرب الحبيب زبيب”. جميل بثينة: وأوّلُ ما قـــادَ المَودّةَ بيننـــا بوادي بَغِيضٍ، يا بُثينَ، سِبابُ وقلنا لها قولاً، فجاءتْ بمثلهِ لكلّ كلامٍ، يا بثيـنَ، جـــــوابُ إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©