الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات يابانية تفقد هيمنتها في سوق التكنولوجيا العالمية

25 أغسطس 2012
خلال رحلة أعمال إلى اليابان عام 2004 ألقى محلل التكنولوجيا مايكل جارتنبرج نظرة على جهاز ليبري Librie أول قارئة إلكترونية من إنتاج سوني تستخدم شاشات الحبر الإلكتروني الشائع في أجهزة اليوم. انبهر جارتنبرج بتصميم الجهاز خفيف الوزن وبعمر بطاريته وأحضره إلى الولايات المتحدة، معتبراً إياه باكورة موجة جديدة من المنتجات. غير أنه كان هناك مشكلة مع ليبري إذ كانت برمجيته باللغة اليابانية وكان يلزمه جهاز كمبيوتر لتحميل الكتب. وكانت مجموعة الكتب المتاحة آنذاك محدودة ولم يكن استئجار الكتب متاحاً إلا لستين يوماً. توقفت سوني عن بيع ليبري عام 2007 في ذات السنة التي استهلت أمازون دوت كوم رواج القارئة الإلكترونية بجهاز كيندل اللاسلكي مع باقة كبيرة من الكتب الإلكترونية وخدمة تحميل سهلة الاستخدام. الآن تسعى سوني إلى المنافسة بجهازها الثاني المسمى ذي ريدر Reader الذي يأتي ترتيبه الثالث مع فارق كبير بينه وبين الأول في السوق العالمية، حيث لا تبلغ حصته سوى 11%، بحسب مؤسسة آي دي سي للبحوث. وقال جارتنبرج مدير البحوث في مؤسسة جارتنر للبحوث التكنولوجية: “رغم أن الجهاز الأول شق الطريق إلى المستقبل، فإن السوق خرجت عن سيطرة سوني، ونجح آخرون بفارق كبير عن سوني في هذا المجال”. إنها قصة تكررت خلال السنوات العشرين الماضية مع شركات الإلكترونيات في اليابان التي كانت في الماضي المسيطرة عالمياً. تطويرات سريعة خلال تلك الفترة تفوقت شركات يابانية على منافسين في السوق بأجهزة مبتكرة - من أجهزة تلفاز مسطحة الشاشة إلى هواتف محمولة، غير أنه في كل حالة أقدم منافسون أجانب على تقديم تطويرات سريعة تدخل على المنتجات برمجيات مبتكرة وخدمات إنترنت وتقلص التكاليف على نحو أكثر كفاءة وتقدم رسالة تسويق أكثر ذكاءً”. وهذا تباين مع أيام مجد أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، حين بدأت اليابان الهيمنة على عالم إلكترونيات المستهلك. وحين تعاظم الاقتصاد الياباني تحكمت مجموعة شركاتها الإلكترونية في أسواق رقائق الذاكرة وأجهزة التلفاز الملونة ومسجلات الفيديو كاسيت، فيما ابتكرت مختبراتها أجهزة رسمت عصراً جديداً مثل الووكمان ومشغلات سي دي ودي في دي. اليوم أصبح مصنعو الأجهزة اليابانيون مسبوقين بشركات مثل أمازون وآبل وجوجل وسامسونج إلكترونيكس الكورية. وخسرت سوني وباناسونيك وشارب، التي لم تعد ملكات الإلكترونيات، مجتمعة نحو 20 مليار دولار في السنة المالية الماضية، وبالمقارنة، حققت تلك الشركات أرباحاً قياسية منذ أربع سنوات فقط بلغت 6?4 مليار دولار. ينبع ضعف اليابان الحالي من قوتها التقليدية وهو التركيز على فن تصنيع الأشياء الذي يستهدف التقدم في مجال الأجهزة. الابتكار التكنولوجي هذا المفهوم الذي يعد مصدراً للفخر الوطني دفع شركات الإلكترونيات اليابانية إلى الاجتهاد لابتكار أنحف وأصغر منتجات في العالم أو لتقديم تطويرات إضافية، بينما تغاضت عن عوامل كانت تهم المستهلك بالفعل مثل التصميم وسهولة الاستخدام. وفيما يخص القارئة الإلكترونية كانت سوني منشغلة ببيع أجهزة، بينما انشغلت أمازون ببيع الكتب. ونتيجة لذلك نجح كيندل في تحقيق هدف المستهلك من وراء شراء الجهاز وهو شراء وقراءة الكتب. وقال رئيس باناسونيك كازوهيرو تسوجا في أحد المؤتمرات في شهر يونيو حين تولى منصب رئيس الشركة الجديد عقب تسجيلها أكبر خسارة سنوية في تاريخها طوال 94 عاماً “كانت الشركات اليابانية مفرطة الثقة في قدرتنا التكنولوجية والتصنيعية، ولكننا أغفلنا وجهة نظر المستهلك في المنتجات”. وما زاد الأمر سوءاً هو أن الين القوي جعل من الصعب المضي في ابتكار الجديد مع خفض التكاليف لاجتذاب السوق. في شأن المنتجات المبتكرة تعتمد الشركات اليابانية غالباً على الإنتاج المحلي ثم بيع المنتجات في الخارج. وقد عمل الين القوي الذي اقترب من مستوياته القياسية على تقليص هامش ربح البضائع اليابانية المبيعة في الخارج وهي مشكلة تفاداها المصنعون الكوريون نظراً لضعف الوون النسبي. ونتيجة لتناقض الأرباح بات من الصعب الاستثمار في المنتجات والتقنيات الجديدة. يتمثل آخر مثل على ظاهرة فقدان اليابان للريادة يتمثل في تخلف الشركات اليابانية في سباق تطوير ما يرجح أن يصبح النموذج التكنولوجي المهيمن على أجهزة الجيل القادم: أو إل إي دي أو ما يسمى الصمام الثنائي الباعث للضوء العضوي، فالشاشات الجديدة أنحف وأقل استهلاكاً للطاقة. تهيمن سامسونج أكبر مصنعي التلفاز في كوريا بالفعل على سوق شاشات أو إل آي دي الأصغر حجماً المزودة بها الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة المحمولة. والآن تخطط سامسونج ومنافستها المحلية إل جي إلكترونيكس لإطلاق تلفاز أو إل إي دي مقاس 55 بوصة في وقت لاحق هذا العام. إنها خطوة مهمة إلى الأمام بالمقارنة مع الشركات اليابانية سوني وباناسونيك وشارب وتوشيبا التي أمضت سنين في تطوير التكنولوجيا، بينما تعاني من طريقة استغلالها تجارياً. وسعياً لتضييق الفجوة بينها وبين منافسيها الكوريين وافقت سوني وباناسونيك اللتان كانتا منافستين لدودتين على تحالف غير مسبوق في شهر يونيو للاشتراك معاً في تطوير تقنية إنتاج تلفاز أو إل إي دي. وهذا يعتبر تراجعاً مؤلماً لشركة سوني التي منذ خمس سنوات أضحت المصنع الأول الذي يبيع تلفاز أو إل إي دي. في ذلك الوقت اعتبر تنفيذيو الشركة ذلك رمزاً لعودة سوني. كان طراز التلفاز مقاس 11 بوصة المزود بشاشة سُمكها نحو واحد على عشرة من البوصة بمثابة معجزة تكنولوجية، غير أنه بسعر 2500 دولار كان من الصعب على المستهلك أن يشتري جهاز تلفاز أو إل إي دي. أتت عثرة أو إل آي دي بعد عدة سنوات من كبوة مشابهة في آخر جيل من تقنيات التلفاز. في عام 2004 كانت سوني أول شركة تطلق تلفاز إل سي دي يحل محل الأجهزة التقليدية بأجهزة ذات صمامات ثنائية باعثة للضوء أكثر سطوعاً وأقل استهلاكاً للطاقة. كما أنها أطلقت أول جهاز تلفاز يلائم انبعاث الضوء حول الحواف عام 2008 ما يتيح للشاشات أن تكون أنحف. وحين أطلقت سامسونج موديلاتها بعد ذلك بسنة سمتها الشركة تلفاز إل إي دي، وهو اسم جديد لتمييز أجهزة التلفاز الجديدة عن الموديلات القائمة. نجحت الاستراتيجية التسويقية وتمكنت سامسونج من إقناع المستهلكين بدفع زيادة في موديلات إل إي دي الجديدة، ما ساعد على إبطاء انخفاض أسعار أجهزة التلفاز انخفاضاً حاداً. وبحسب مؤسسة إن بي دي للبحوث تشكل سامسونج قرابة نصف أجهزة إل إي دي المبيعة في أميركا الشمالية، بينما لم تصنف سوني ضمن أكبر خمس شركات من حيث المبيعات خلال النصف الأول من عام 2012. الفرص الضائعة وبعد سنوات من الفرص الضائعة غيرت سوني رسمياً استراتيجيتها وقررت أنه من الأنسب لها أن تدع سامسونج وغيرها تقود تطوير الجديد من الابتكارات. وقال تاداشي سايتو الذي عين مدير عام استراتيجية سوني في شهر أبريل الماضي: “يتعين على المتنافس الأول مواجهة الرياح، ومن الأسهل أحياناً الركض من الخلف”. وهذا يختلف كل الاختلاف عن أيام سوني الخوالي، حين كاد مؤسساها أكيو مريتا وماسارو أبيوكا يفلسان الشركة من أجل تصنيع نوع جديد من التلفاز الملون. وبعد الكشف عن نماذج تجريبية عام 1964 واجهت سوني صعوبات لتطوير التكنولوجيا لإنتاج واسع النطاق بعد إنفاقها الكثير. واستغرق الأمر أربع سنوات من التطوير قبل أن تكشف سوني النقاب عن ترايذيترون، وهو المنتج الذي رسخ نجاح الشركة للعقود الثلاثة اللاحقة. وقال يوجي فو جيموري محلل الإلكترونيات المتمركزة في طوكيو لحساب باركليز: “في أيامنا هذه ليس في وسع الشركات اليابانية تحمل المخاطرات”. نقلاً عن: «وول ستريت جورنال» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©