الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الطاقة النووية تكتسب المزيد من الزخم في العالم

الطاقة النووية تكتسب المزيد من الزخم في العالم
25 أغسطس 2012
درجت بعض جماعات البيئة الخضراء على الزعم بأن الطاقة النووية مفرطة التكلفة أما الآن، فإن ما يدعو إلى الدهشة هو ذلك الادعاء الذي يأتي من رئيس إحدى الشركات الرائدة في مجال صناعة الطاقة الذرية، وهي شركة جنرال إلكتريك. بنت جنرال إلكتريك عدداً من أوائل المفاعلات النووية التجارية في العالم في خمسينيات القرن الماضي وظلت إحدى رائدات هذه الصناعة منذ ائتلافها النووي مع شركة هيتاشي اليابانية عام 2007. يقول بعض المستثمرين إن جيف إيملت رئيس تنفيذي جنرال إلكتريك أدلى بحقيقة صادمة حين صرح مؤخراً بأنه من الصعب حالياً دعم الطاقة النووية مالياً، وأن معظم الدول تتوجه نحو خليط من طاقة الغاز والطاقة المتجددة. وقالت التوقعات الاقتصادية العام الماضي إن الكهرباء المتولدة من المحطات النووية ستكون إما أرخص من أو بنفس رخص الكهرباء المتولدة من الغاز الطبيعي أو مزارع طاقة الرياح أو ألواح الطاقة الشمسية لسنوات قادمة. غير أن بعض الخبراء يشككون في تلك التوقعات نظراً لتراجع أسعار ألواح الطاقة الشمسية وأسعار توربينات الرياح فضلا عن أن اكتشافات الغاز الصخري الكبرى تبعث الأمل في إمكان انتشار تدني أسعار الغاز على غرار ما يحدث بالولايات المتحدة. وعمل تأخير بناء مشاريع أولكيليوتو الثلاثة المطول في فنلندا ومشروع فلامانفيل في فرنسا وهي أول مفاعلات نووية تبنى في أوروبا في عشرين عاماً على ارتفاع تقديرات تكاليف المفاعلات النووية. كما تسببت كارثة فوكوشيما في اليابان في مزيد من ارتفاع الأسعار ودفعت ببعض الدول خصوصاً ألمانيا إلى التخلي عن الطاقة النووية. وقال تنفيذيون بالصناعة النووية إن تعليقات إيملت تعكس الأحوال في دولة واحدة فقط، هي الولايات المتحدة. وقال ستيف كيد نائب مدير عام الاتحاد النووي العالمي: “إن انخفاض أسعار الغاز يجعل من الصعب على المحطات النووية أن تنافس اقتصادياً غير أننا نشكك في استمرار مستويات هذه الأسعار لفترة طويلة وانطباقها على الأوضاع في مناطق أخرى في العالم”. جاذبية الصناعة وأضاف كيد: “في أوروبا يبدو من غير المرجح أن تحذو أسواق الغاز حذو الأوضاع في الولايات المتحدة ولذا فإنه من الممكن تبرير المشاريع النووية حسب حالة كل سوق على حدة، وفي آسيا لا تزال هناك دول تعتمد على الغاز الطبيعي المسال المستورد ولذا فإن المشاريع النووية تبدو شديدة الجاذبية”. وقال منافسو جي إي إن الجانب النووي لا يشكل سوى جزء صغير من نشاط جي إي ولم تعد الشركة تشكل قوة في الصناعة النووية خارج الولايات المتحدة. لا يستطيع تنفيذيو الصناعة إنكار أن التكاليف قد ارتفعت، غير أن ما سبق من مزاعم بأنه في الإمكان بناء مفاعلات جديدة بدون حزم دعم حكومية تبدو الآن حقيقة واقعة. حين بدأ انتعاش المشاريع النووية في عامي 2007 و2008 كانت الشركات تتوقع أسعار كهرباء أعلى كثيراً، ما جعل الاستثمار الكثيف اللازم يبدو أقل مخاطرة. الطاقة المتجددة كما توقعت الشركات أيضاً أسعار كربون أعلى، الأمر الذي كان سيضع المحطات التي تعمل بالفحم أو بالغاز في وضع أقل ميزة من المحطات التي تعمل بالطاقة النووية والطاقة المتجددة. في العديد من الدول المتقدمة عمل الركود على جعل الطلب على الطاقة وأسعار الكهرباء أقل من المتوقع الأمر الذي جعل أحوال الاستثمار النووي أقل ملاءمة. منذ فوكوشيما يفرض المشرعون مزيداً من ضوابط السلامة مثل إضافة نظم الطاقة المساعدة على تصاميم المحطات. وقال سام ليدلو رئيس تنفيذي سنتريكا شركة الطاقة البريطانية المتطلعة إلى بناء مفاعلات مع شركة إي دي إف: “هناك بالتأكيد بعض تغيرات في التصميم عقب فوكوشيما”. غير أنه أشار إلى أن تباطؤ تقدم أعمال المحطات الأوروبية الجديدة هو السبب الرئيسي في تغيير التكاليف. وقال بيتر اثيرتون محلل المرافق الخدمية العامة في سيتي جروب في لندن إن سعر مفاعل نووي 3?2 جيجاوات في المملكة المتحدة كان مقدراً بما يبلغ 4 مليارات جنيه استرليني عام 2008، أما الآن فإنه يبلغ 7 مليارات جنيه استرليني، استناداً إلى خبرة فلامانفيل وأولكيليوتو. وأضاف أثيرتون: “إن كان لزاماً دفع 7 مليارات جنيه استرليني في كل مفاعل، فإنه سيكون من الصعب تبرير بنائها سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية”. تقليل التكاليف ويبدو أن مسألة إمكان الطاقة النووية أن تنافس غيرها من أشكال توليد الكهرباء تتوقف على الموقع الجغرافي وعلى ما إن كان في الإمكان تقليل التكاليف مع بناء مزيد من المفاعلات. ومن المرجح أن تمضي بعض المشاريع قدماً في كافة الأحوال، بالنظر إلى رغبة الحكومات في مصادر طاقة مستقرة منخفضة الكربون. قال ريتشارد نورس المدير غير التنفيذي لشركة تخصيب اليورانيوم البريطانية انريكو ورئيس صندوق استثمار الطاقة المتجددة نوفسمودس، “إن أهداف تقليص انبعاثات الكربون التي تبنتها العديد من الدول تجعل من الصعب تخيل إلا تلعب الطاقة النووية دوراً في خليط توليد الكهرباء المقبل”. وأضاف: “ولما كان الأمر كذلك، فإن خفض سعر الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة المدفوع بانهيار سعر الألواح الشمسية سيعني أنه سيتعين أن تظل الطاقة النووية تنافسية بدرجة تسمح بنشرها على نطاق واسع”. ونظراً للزوم استثمار ضخم ومخاطر البناء، فإنه من غير المرجح أن يكون القطاع الخاص مستعداً لتمويل محطات نووية جديدة دون حزم دعم وحوافز من حكومات تفتقر إلى السيولة النقدية. وقال اثيرتون: “لا يوجد سوى القليل من الشركات في العالم التي في مقدورها تحمل خسارة بذلك الحجم (زيادة تكاليف أولكيليوتو البالغة ملياري يورو) وأن تظل سالمة مالياً”. ومع خفوت اهتمام القطاع الخاص وتدقيق الحكومات تكاليف بناء الجيل القادم من المفاعلات، فإن أمام الطاقة النووية طريق طويل قبل أن يثبت خطأ إيملت من خلال إثبات أن في إمكانها منافسة طاقة الغاز والطاقة المتجددة. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©