الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا: شبهة «المرتزقة» تلاحق المهاجرين الأفارقة

ليبيا: شبهة «المرتزقة» تلاحق المهاجرين الأفارقة
5 سبتمبر 2011 22:35
باتريك ماكدونل جنزور - طرابلس يلتقـي هنا مئـات المهاجرين الأفارقـة خلسة تحت سفن وقوارب جاثمة على شاطئ الساحل المتوسطي خائفين أن يظن المسلحون الثوار الذين باتوا يسيطرون على الشوارع اليوم أنهم من المرتزقة الذين كانوا يعملون لحساب الطاغية القذافي. ويقول واحد منهم يدعى جودفري أوجبور، 29 عاماً: "إننا عمال ولسنا جنوداً"، مكرراً جملة كثيراً ما تتردد على ألسنة مئات الرجال المنحدرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء العالقين في هذا المخيم الساحلي المرتجل الذي يقع على بعد 15 ميلاً إلى الغرب من طرابلس، مضيفاً: "إننا لا نعرف السياسة ولا نملك أسلحة". ولكن بعض سادة طرابلس الجدد من الثوار يشتبهون في أن كثيراً من مثل هؤلاء الأفارقة شيء آخر: جنود يعملون لحساب نظام بغيض، وعملاء لا يستحقون الرحمة. وعلى مدى عقود مديدة قدم شبان فقراء من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء إلى ليبيا من أجل العمل في قطاعات البناء والفنادق وإصلاح السيارات ووظائف حرفية وخدمية أخرى كثيرة. غير أن القذافي عمل على تجنيد رجال سود فقراء، ليبيين ومن جنوب الصحراء، ضمن قواته الأمنية؛ حيث كانت تجمعاته الحكومية لا تخلو من وحدات ممن كانوا يبدون شباناً سوداً متحمسين يحملون سلاحاً بيد وعلم القذافي -العلم الأخضر- باليد الأخرى. ويبدو أن الثوار لم ينسوا ذلك. ففي وقت يوجد فيه القذافي في حالة فرار، جعلت ملاحقة أنصار النظام كل الشبان السود مشتبهاً فيهم، إذ قد يتعرضون للتوقيف في شوارع متوترة حيث قد تحل القرارات المتسرعة محل العدالة المتزنة. وهذه الأيام، ينتظر العالم رؤية شكل الحكومة التي ستصعد تحت الحكام الجدد، وهل ستكون حكومة تقوم على التسامح والعدالة أم على الانتقام. والقلق كبير بشكل خاص في أوروبا حيث يخشى كثيرون أن يؤدي العنف ضد السود وغيرهم ممن ينظر إليهم على أنهم من أنصار القذافي إلى موجة نزوح جديدة ويائسة بالقوارب عبر المتوسط. وفي هذا السياق، يقول بيتر مبانودو ، 32 عاماً، وهو نيجيري حكى قصة هربه في وقت كان يستعر فيه القتال في طرابلس حيث كان يعمل صباغاً للمنازل، حيث قال: "كان عليَّ أن أهرب لأنجو بحياتي"، مضيفاً "إنني خائف من الخروج الآن لأنهم قد يلقون القبض عليَّ ويسجنونني أو يقتلونني". والراهن أن مئات من المهاجرين المنحدرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا، مكدسون اليوم في قاعدة عسكرية سابقة مهجورة تحولت إلى مخيم للاجئين بمحاذاة شريط مقفر من الساحل. واليوم بات يشتبه في كونهم جنوداً مرتزقة بعد أن كانوا في يوم من الأيام محل ترحيب باعتبارهم حلاً لنقص العمالة المزمن في بلد غني بالنفط ولكن عدد سكانه صغير. وقد جعلت الثورة أعداداً كبيرة من العمال الأفارقة وعائلاتهم يفرون من البلد، في أحيان كثيرة بواسطة قوارب متهالكة ومتداعية تنقلب في البحر، مما يتسبب في غرق المئات. أما العديد ممن بقوا فقد تحولوا من عمال محل ثقة إلى عملاء مشتبه فيهم. وفي هذا الإطار، تم توقيف واحتجاز العديد من الرجال السود -ربما الآلاف، ولكن لا أحد يعرف العدد بشكل دقيق- في مراكز احتجاز مرتجلة في العاصمة وأماكن أخرى. وقد حثت قيادة الثوار مقاتليها بقوة وبوضوح على وجوب معاملة الموقوفين بشكل إنساني لائق، ولكن وسط ضغوط اللحظة وحالة الفوضى والهرج والمرج، لم يُسمح لمراقبين مستقلين بالاطلاع على أحوال المعتقلين. كما حذرت أيضاً "منظمة العفو الدولية" هذا الأسبوع من التهديد الذي يواجه من يشتبه في أنهم من أنصار القذافي، و"بخاصة الليبيين السود والأفارقة المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء "، الذين تقول المنظمة "إنهم يواجهون إمكانية سوء المعاملة من قبل بعض القوات المعارضة للقذافي". ويقوم بعض الثوار باعتقال الرجال السود في الشوارع وفي نقاط التفتيش بشكل روتيني. وفي ما عدا لون البشرة، فإن الدليل ضدهم كثيراً ما يبدو ضعيفاً. فقبل بضعة أيام مثلاً، كان أحد الثوار يحمل رشاش كلاشنيكوف يقود ثلاثة رجال أفارقة طويلي القامة، ومرعوبين على ما يبدو، إلى إحدى المدارس في طرابلس التي تم تحويلها إلى مركز اعتقال. وقال معتقِلُهم: "ليست لديهم وظائف ولا عائلة، وبالتالي فالأرجح أنهم مع القذافي"، مضيفاً "إننا نعطيهم الطعام، ولا يمكننا أن نقتلهم لأن ذلك حرام". وفي هذه الأثناء تزداد ضغوط الأجواء المشحونة على الرجال الأفارقة الخائفين المتجمعين هنا في هذه القاعدة العسكرية السابقة التي كانت تمثل خلال الأشهر الأخيرة من حكم القذافي نقطة انطلاق للقوارب التي تنقل المهاجرين السريين إلى أوروبا، وخاصة إلى إيطاليا. ولكن القوارب لم تعد تغادر اليوم.و الرجال -ومعظمهم من نيجيريا وغامبيا وغانا ومالي وبلدان أخرى- لديهم كمية قليلة من الطعام وكمية لا تكفي من الماء، ولا توجد أيضاً مرافق صحية لائقة مثل المراحيض. ومن أجل إيجاد الظل في قيظ شمال أفريقيا اللاهب، قاموا بتعليق بطانيات بين قوارب الصيد الجاثمة على الشاطئ. وخلال النهار، يتسكع العديد منهم بدون قمصان وبلا شيء يفعلونه، ولكنهم يعيشون في خوف دائم حيث يخشون وصول أشخاص غاضبين يرغبون في الانتقام في أية لحظة. ويؤكد كيلي جون، 19 عاماً، أنه كان يشتغل عامل صيانة للمصاعد حيث كان يكسب ما يصل إلى 1000 دولار شهريّاً، متحسراً: "لم يعد أي شيء آمناً في طرابلس.. لقد كان الوضـع جميلاً هنا من قبل حيث كانت لدينا فرص لم نكن نحظى بها من قبل حتى في بلداننا الأصلية. وكان باستطاعتنا أن نصعد، لا أن نتقهقر. ولكن الوضـع الآن أصبح جنونيّاً حيث الأسلحة والقنابل منتشرة في كل مكان". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©