السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيويورك وواشنطن... استعادة ذكرى 11 سبتمبر

5 سبتمبر 2011 22:35
مارك فيشر محلل سياسي أميركي من أجل رؤية النصب التذكاري للحادي عشر من سبتمبر في موقع "جراوند زيرو" بمدينة نيويورك، يتعين على الزوار الحصول على تذاكر تحدد موعد الزيارة، وقد نفدت تلك التذاكر جميعها تقريباً خلال الأسبوع الأول من عرضها قبل الافتتاح المقرر يوم الأحد المقبل. ومن أجل رؤية النصب التذكاري في البنتاجون، بالقرب من المكان الذي ضربت فيه الرحلة 77 التابعة لشركة الخطوط الجوية الأميركية محدثة حفرة بعرض 23 متراً تقريباً عبر الجدار الغربي للمبنى قبل عشر سنوات، يتعين على الزوار المشي عبر نفق طويل تحت طريق سريع يربط بين الولايات ثم المشي عبر موقف سيارات كبير. وعندما يصلون إلى وجهتهم، فإن فرصهم في الانفراد برؤية النصب التذكاري عن كثب وبدون زحام كبيرة جدّاً. وفي نسخة كتاب خاص أصدرته مجلة "لايف" بمناسبة الذكرى العاشرة لذلك اليوم الحزين، خصصت للهجوم على البنتاجون خمس صفحات فقط من أصل 208 صفحات. وفي "مشروع الانبعاث"، وهو كتاب وفيلم وثائقي جديد يحكيان قصص ناجين من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أجريت معهم استجوابات كل عام منذ الهجمات، فإن كل واحد من الأشخاص المشار إليهم في "المشروع" عاش الهجمات في نيويورك. والواقع أن الانتقال إلى تركيز شبه حصري على الجزء الخاص بنيويورك من قصة الحادي عشر من سبتمبر، في كتب التاريخ والوثائقيات والتقارير الإخبارية وفي الثقافة الشعبية، كان ثابتاً ودائماً. فمن بين مئات الساعات من البرامج التلفزيونية التي خصصت هذا الأسبوع لإحياء ذكرى الهجمات، خصصت إشارات متواضعة فقط للهجوم الذي تعرض له البنتاجون. وفي هذا السياق، يقول جيمس يانج، مدير معهد دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية بجامعة ماساتشوسيتس في أمهرست: "لو كنت من أفراد عائلة أحد ضحايا من قضوا في الهجوم الذي استهدف البنتاجون، لربما شعرتُ بالإهمال والتهميش والتقصير". والواقع أن مقارنة معاناة شخص بألم آخر، أو معاناة مدينة بألم أخرى، يمكن أن يبدو مزعجاً، إن لم يكن أمراً ينم عن ضيق الأفق. والقول فقط إن قصة الحادي عشر من سبتمبر أضحت إلى حد كبير قصة نيويورك وحدها، في حين تراجع هجوم البنتاجون وضحاياه الـ184 إلى مرتبة أقل أهمية تاريخيّاً، قد يُرفض باعتباره شيئاً يجانب الصواب في البداية، ومثال آخر فقط لحالة عدم الأمان التي تشعر بها واشنطن وغرور وأنانية نيويورك. ولكن المقارنة تستمد أهميتها من حقيقة أن الذكريات مهمة؛ ذلك أن القصص التي نرويها الآن حول ما حدث في 2001 ستطبع التاريخ الذي سيتلقاه أحفادنا وسيمرر إلى الأجيال اللاحقة. ولذلك، فإن ما حدث عندما ضربت طائرة بوينج 757 البنتاجون قبل 10 سنوات يجب ألا يسمح له بالاختفاء والتلاشي وراء الدراما المحزنة لانهيار البرجين التوأم. والواقع أن ثمة أسباباً طبيعية ووجيهة لانعدام التوازن بين قصتي نيويورك والبنتاجون -حجم الخسائر، فظاعة انهيار المباني في مانهاتن- ولكن هناك أسباباً أخرى مؤسفة وجائرة أيضاً: عدم وجود صور فيديو للطائرة وهي ترتطم بالبنتاجون، وبُعد وعزلة المبنى عن المناطق السكنية المجاورة، والصور النمطية حول واشنطن والقوات المسلحة عموماً. ونظراً لطبيعته الخاصة، ضمن البنتاجون تقريباً أن يتم تذكر جزئه من قصة الحادي عشر من سبتمبر بشكل أقل وضوحاً من المأساة في نيويورك حيث يقول يانج: "إن البنتاجون هو نقيض مركز التجارة العالمي"، مضيفاً "لقد أنشئ من أجل التصدي للهجمات. فمن خلال تحصين نفسه ضد التدمير حصن نفسه في الواقع ضد تذكر الجمهور للهجوم الذي تعرض له. وفي المقابل، بني البرجان التوأم على نحو لافت للعيان حيث يرتفعان إلى عنان السماء وبالتالي فقد كانا في موقف هش وضعيف". وإلى جانب الهندسة، ساهمت ثقافة البنتاجون أيضاً في التغطية على قصة الهجوم هناك. وفي هذا السياق، يقول ريك نيومان، الذي ساهم في تأليف كتاب: المعركة النارية: داخل معركة إنقاذ البتناجون يوم 11 سبتمبر"، وهو كتاب صدر في 2008 ويعد من الكتب القليلة التي ركزت على هجوم فرجينيا: "إن الجيش بطبيعته سري ويعمل في الخفاء، وتلك هي الطريقة التي تعامل بها مع الحادي عشر من سبتمبر". ففي نيويورك، كانت كاميرات القنوات التلفزيونية تنتقل على وجه السرعة إلى "جراوند زيرو" في كل مرة كان يتم فيها انتشال بقايا أحد الضحايا من بين الأنقاض وتبثه للعالم. أما في البنتاجون، يقول نيومان، فقد "كانوا يحركون الشاحنات أمام الكاميرات وينصبون حواجز حتى لا تستطيع أطقم وسائل الإعلام رؤية ما يجري". وعلاوة على ذلك، حافظت سنوات من مشاعر الضغينة والجدل الذي أحاط بمخططات نيويورك لبناء نصب تذكاري للحادي عشر من سبتمبر أيضاً على صدمة المدينة في أعين الجمهور -خلافاً للسهولة والإجماع النسبيين اللذين طبعا مسابقة تصميم نصب البنتاجون. وفي هذا السياق، يقول يانج، الذي كان عضواً في لجنة اختيار تصميم النصب التذكاري الخاص بنيويورك: "لم تتح للجمهور فرصة امتلاك عملية التصميم بخصوص النصب التذكاري الخاص بالبنتاجون، حيث قضي الأمر بسرعة. أما في نيويورك، فقد كان ثمة 8 ملايين شخص أنظارهم مركزة على كل التفاصيل، وقد ساهم ذلك الجدل في الإبقاء على الذكريات حية في الأذهان". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©