السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجمات الانتحارية... وفشل «القاعدة» في العراق

5 سبتمبر 2011 22:36
دان مرفي واشنطن في 2006، عندما نشرت دورية "ذا لانسيت" الطبية المتخصصة البريطانية دراسةً وجدت أن 601 ألف عراقي ماتوا نتيجة الحرب هناك (جراء العنف أو نقص في الرعاية الطبية)، أثار ذلك جدلاً واسعاً واستأثر باهتمام الصحف عبر العالم. وفي غمرة الجدل السياسي المحتدم بالولايات المتحدة وبريطانيا حول الحكمة من وراء غزو 2003 الذي أطاح بصدام، اغتنم منتقدو الغزو خلاصات هذه الدراسة باعتبارها دليلًا على أن الحرب تمثل خطأ، في حين رفض مؤيدو الغزو خلاصات الدراسة على أساس أن وراءها دوافع سياسية حيث قال عنها الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو. بوش يوم صدور التقرير: "إنها غير ذات مصداقية". وكان البعض من الوسط الأكاديمي وجدوا أن التقرير، الذي استند إلى عدد محدود من الدراسات، ينطوي على عدد من العيوب الحقيقية. واليوم، نشرت دورية "ذا لانسيت" تقريراً آخر حول الإصابات في العراق، مركزة بشكل خاص على عدد الضحايا الذين سقطوا من بين المدنيين جراء الهجمات الانتحارية. وقد حصلت الدورية على بياناتها من موقع iraqbodyco nt,org الذي يحصي عدد الإصابات في العراق باستعمال التقارير الصحفية منذ بداية الحرب. والواقع أن الأرقام -التي تظل بدون شك دون الواقع على اعتبار أن ليس كل أعمال العنف تجد طريقها إلى الصحافة- صادمة! اليوم، وفي وقت تستعد فيه الولايات المتحدة إما للانسحاب بشكل كلي من العراق نهاية العام أو لخفض لعديد القوات إلى حد أدنى والإبقاء على نحو 12 ألف جندي، لم تعد الأحداث في العراق تستأثر بالقدر نفسه من الاهتمام الذي كانت تستأثر به من قبل؛ ولكن خلاصات الدكتورة مادلين سايو ري هيكس وزملائها تستحق الاهتمام نظراً لما تقوله حول ماضي العراق القريب ومستقبله المقبل. فقد أحصى التقرير 1003 هجمات انتحارية في العراق بين 2003 و2010، قتلت نحو 12284 مدني وجرحت 30644 آخرين. وقد وجد معدو التقرير 108624 حالة وفاة في صفوف المدنيين جراء العنف بكل أشكاله في تلك الفترة. ولتقريب الصورة من الأذهان وأخذاً بعين الاعتبار العدد الإجمالي للسكان، فإن ذلك يعادل مقتل مليون أميركي في فترة سبع سنوات. ولكن العنف مازال مستمراً في العراق. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، قُتل 28 مصلياً في هجوم انتحاري بمسجد أم القرى في بغداد. الحصيلة الفظيعة للقتلى الذين يسقطون في هجمات انتحارية في العراق تحكي أيضاً قصة لماذا فشلت القاعدة، ومن يسيرون على نهجها في العراق، على هذا النحو البائس في تحقيق أي من أهدافها السياسية داخل البلاد. ذلك أنه إذا كان سقوط صدام قد سمح للجهاديين السنة باكتساب موطئ قدم لهم في العراق، وكانوا هم المحركين للعنف على الجانب السني من الحرب الأهلية السنية- الشيعية، فإن تجاوزاتهم أدت إلى استعداء سنة العراق بشكل عام. وقد كان أمل "القاعدة" وفرعها المحلي "دولة العراق الإسلامية" هو أن يتسبب الجنود الأميركيون في الكثير من القتلى في صفوف المدنيين في العراق بما يدفع المقاتلين إلى الانضواء تحت لوائهم. غير أنه إذا كانت ثمة تجاوزات من قبل الجنود الأميركيين في العراق (يذكر هنا أن برقية دبلوماسية أميركية أفرج عنها موقع ويكيليكس مؤخراً تشير إلى شكوى للأمم المتحدة من أن الجنود الأميركيين شاركوا في قتل 10 مدنيين والتستر عليه بالقرب من مسقط رأس صدام عام 2006)، فإن العراقيين أصبحوا يدركون أن المدنيين يُقتلون بشكل أكبر على أيدي جهاديين يدَّعون محاربة "المحتلين". وفي وقت تستعد فيه الولايات المتحدة للخروج من العراق - ولا توجد فيه مؤشرات واعدة إلى أن رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي سيوافق على تمديد بقاء الولايات المتحدة بعد تاريخ الحادي والثلاثين من ديسمبر، فإن التنظيمات التي على شاكلة "القاعدة" أصبحت تبدو على نحو متزايد كقتلة للمواطن العراقي العادي. هذا لا يعني أن المشكلة ستزول. ذلك أن الانقسامات الطائفية في العراق مازالت كبيرة والجروح التي خلفتها الدماء الكثيرة التي أريقت على المخيلة الوطنية لا يمكن أن تشفى وتلتئم بين ليلة وضحاها بسهولة. كما أن بعض أسباب التوتر الطائفي مازالت موجودة، ولا يمكن القول إن إعادة إشعال حرب صريحة مستحيلة. فعلى سبيل المثال، صعَّد هجوم جهادي على ضريح الإمام العسكري في العراق، الذي يعد من الأماكن المقدسة لدى الشيعة في البلاد، في فبراير 2006، الكراهية الطائفية إلى مستويات جديدة. ثم إن العمل الشاق المتمثل في المصالحة في العراق ومداواة جروح الحرب قد بدأ للتو فقط. ولكن الرسالة الفورية لكل الدماء التي أريقت على أيدي انتحاريين هو أن "القاعدة" وأصدقاءها أظهروا مرة أخرى أنه يجب القضاء عليهم. فكيفما يكن الرأسمال السياسي الذي كان يتمتع به التنظيم على الشارع العراقي باعتباره "مقاومة" للولايات المتحدة، فإنه قد تضاءل وتقلص وأصبح موجوداً بين أنصاره المتشددين فقط. وبذلك يمكن القول إن طموحات التنظيم في ما يخص العراق قد فشلت. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©