الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكاية الكراكيز

حكاية الكراكيز
2 يناير 2013 20:34
الصمت ولا شيء غير الصمت يعم المكان. ينشر الظلام سواده. يجثم بقسوة على قاعة المسرح. تتوزع على الخشبة بعض الأجسام. جالسة القرفصاء. انكسار عميق يظهر جليا على قسمات تلك الوجوه الباهتة. زاد الحزن الطاغي اللوحة عمقا. بعد وجوم وتفكير تململ رئيس الكراكيز. اتجهت إليه كل الأنظار محدقة بلهفة محمومة كأنها تقول له: ? أنقذنا من صمتنا. من حرقتنا وضياعنا.. ! أعلم أنكم قد مللتم لعبة الكراكيز. تعبتم من الخيوط التي تشدكم وتحرككم منفذين إرادة الآخرين. يمشي بينهم. يتحسس وجه كل واحد منهم. يتابع والانفعال باد على وجهه: ? مصيركم بين أيديكم وحريتكم أنتم صانعوها.. ألا تريدون صنع حياتكم..؟! ألا تريدون التحرر؟! .. إن أحلامكم تغتال ما دمتم مشدودين إلى تلك الخيوط!...كثرت الهمهمات بين صفوف الكراكيز تابع حديثه: ? الخوف يمزق قلوبكم ويشل حركتكم. أحس بالتعاسة وسط عزلتنا. أحس بالتعاسة وسط لامبالاتكم رغم الملل الذي يحيطكم. وجوهكم تعلوها طبقات تخفي الرعب الذي يلون جباهكم..أشعر بالخجل ونحن نجهر بأنشودة الأمل على مسامع الأطفال. تحرروا من تلك الخيوط لتقوموا بأدواركم بدون مساعدة أحد يلعب لعبته وراء الكواليس يحرككم ويتكلم على لسانكم، أتكلم وأعلم أن حديثي يضيع وقد تعيه بعض الآذان. أصارحكم بشيء. أنا حزين لكني غير يائس. سأظل وراءكم حتى تنفجر تلك القوة الكامنة في أجسادكم لأني واثق أنكم تستطيعون الحركة بدون خيوط. ? يعود الصمت مرة أخرى يخيم من جديد ويبقى الحلم بدون كلمات. حلم الكراكيز بالتمثيل بعيدا عن تلك الخيوط التي تتحكم في مصائرهم.. لحظات صمت ترسم أمامهم لوحة الضياع وفقدان الهوية. الجرح ينزف بدون توقف. بخطى ثقيلة يعود العجوز إلى الوراء. يترك فسحة للأمل. أمل الأطفال في مشاهدة أحلامهم البريئة يجسدها عالم بريء. عالم خال من الزيف والتلوث. بانفعال ظاهر يتابع حديثه: ? بإمكان الحلم أن يتحقق لو نفضنا الرماد الجاثم على جماجمنا. بعيدا في ركن ما. انزوى العجوز لائذا بالصمت يهدهد حلمه، لكن الحلم توقف. يطلع النهار ليرفع الستار. تبدأ الخيانة. تتحرك الكراكيز. تحركها أيد خفية عن طريق خيوط مشدودة. تتعالى ضحكات الأطفال وينتهي العرض. يسدل الستار لتتم الخيانة بصمت والصمت لا يبوح...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©