الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا.. تنازلات من أجل التهدئة

20 سبتمبر 2014 00:45
يبدو أن التنازلات التي قدمها الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، لإنهاء القتال الدائر شرق البلاد، والتي بدأت بعض ملامحها تتضح في الأفق، لن تمر من دون ثمن سياسي، ذلك أن كتلته الناخبة التي تدعمه ولا تخفي توجهاتها القومية تضع تلك التنازلات والخيانة في مرتبة واحدة، ومن ضمن تلك التنازلات التي تثير جدلاً واسعاً مشروع القانون الذي طرحه الرئيس وصادق عليه البرلمان يوم الأربعاء الماضي، حول الوضع الخاص للمناطق الشرقية التي يسيطر عليها المتمردون الموالون لروسيا، كما صادق البرلمان أيضاً، وفي سياق التنازلات، على نسخة معدلة ومخففة لاتفاقية الشراكة والتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، والتي اقتصرت فقط على إلغاء أوكرانيا الرسوم الجمركية على البضائع الأوروبية بنهاية 2015، هذه التنازلات هي أقل في بعض النواحي، وأكثر في أخرى مما انتزعه بوتين من الرئيس الأوكراني المخلوع، فيكتور يانوكوفيتش، علماً بأنها جاءت بعد سقوط عدد كبير من الضحايا، وخسارة الثقة وانهيار العلاقة بين البلدين. وفي تفاصيل القانون المتعلق بالوضع الخاص في المناطق الشرقية، تتوقف الحكومة الأوكرانية عن خطابها القديم في وصم المتمردين بـ«الإرهابيين»، بل أصبحت تسميهم «المشاركين في الأحداث بدونيتسك ولوهانسك»، بالإضافة إلى استفادتهم من عفو شامل، فيما حُظر على المنظمات الأوكرانية التمييز ضد المتمردين على أساس مشاركتهم في الأحداث الجارية بالمناطق الشرقية، يُضاف إلى ذلك أن تلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الموالين لروسيا أُعطيت صلاحيات الحكم الذاتي الواسعة على امتداد السنوات الثلاث التي تعقب الانتخابات المحلية المقرر عقدها في التاسع من نوفمبر المقبل، هذا الحكم الذاتي يشمل تعيين تلك المناطق لقوات الشرطة الخاصة بها، فضلا عن القضاء والنواب العامين، كما سيسمح للحكومة المحلية بالتعاون مع السلطات الروسية عبر الحدود «لتعميق علاقات حسن الجوار». أما فيما يتعلق باللغة، فإن القانون يتيح للمناطق الشرقية استخدام اللغة الروسية في تعاملاتها، بينما تحافظ اللغة الأوكرانية على وضعها في غرب البلاد، ولن يُسمح لوزراء الحكومة المركزية في كييف بإدارة شؤون المناطق الشرقية والمشاركة فيها إلا من خلال اتفاقيات يتم التوقيع عليها مع الحكم المحلي، لكن ذلك لا يعفي كييف من تخصيص حصة من موازنتها لترميم الأضرار التي لحقت بالمناطق الشرقية من جراء أعمال القتال الجارية فيها. وإذا كانت هذه التنازلات تمثل لأوكرانيا خلق منطقة لتجميد حالة الحرب المندلعة في الشرق، فإنها تبقى بالنسبة لروسيا أفضل السيناريوهات الممكنة بإحداثها لمنطقة عازلة على حدودها مع أوكرانيا، فهي ليست دولة قائمة تنتزعها روسيا من جارتها ولا يعترف بها أحد، بل جيب معترف به داخل أوكرانيا تتحمل كييف مسؤولياته المالية، لكن دون نفوذ واسع على شؤونه، غير أن هذا القانون لم يتجرعه الأوكرانيون بسهولة، وهو ما يوضحه الصحفي، مصطفى نعيم، المرشح لمقعد في البرلمان الأوكراني، قائلا «ما كنت لأصوت على هذا القانون لو كنت مشرعاً، فأنا لا أرى أي فائدة من تنازلات ستقود حتماً إلى انقسام في كييف وتبادل الاتهامات بالتفريط في الحقوق الوطنية والخيانة»، فيما اتهم البعض الآخر الرئيس بوروشينكو «بالسعي إلى تعزيز سلطته الشخصية مهما كلفه الثمن حتى يتمكن من إدارة البلاد من خلال نفس المسؤولين الفاسدين الذين اغتنوا في عهد النظام السابق». لكن التنازلات لا تقتصر على منح المناطق الشرقية الموالية لروسيا صلاحيات واسعة في حكم نفسها، بل تمتد أيضاً إلى اتفاقية التجارة مع أوروبا التي كان رفض التوقيع عليها في السنة الماضية من قبل يانوكوفيتش سبباً رئيساً في اندلاع الاحتجاجات والإطاحة به، وهي اليوم تنحصر في مجموعة من الخطوات الأوروبية لدعم الاقتصاد الأوكراني، بحيث سيسمح للشركات الأوكرانية بتصدير منتجاتها من دون رسوم جمركية إلى داخل الاتحاد الأوروبي ضمن حصص متفق عليها، فيما ستظل البضائع الروسية خاضعة للرسوم الجمركية، وذلك إرضاء لموسكو التي تقول إنها ستخسر ثلاثة مليارات دولار في السنة بسبب دخول البضائع الأوروبية إليها عبر أوكرانيا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©