إعداد - عدنان عضيمة:
قبل بضع سنوات فحسب، لم تكن معارض السيارات المتكررة التي تنظم في الصين تعني شيئاً بالنسبة للمحللين الاقتصاديين أو حتى للشركات المهتمة بهذه الصناعة؛ إلا أن النمو السريع الذي تحققه الصين في مختلف أوجه النشاطات الصناعية والاقتصادية، جعل منها في غمضة عين ثاني أضخم سوق للسيارات في العالم بعد الولايات المتحدة، ويعتقد كثير من متابعي هذا التطور أن السوق الصينية سوف تنتزع موقع الريادة من الولايات المتحدة قبل نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين·
وقد تفسّر هذه الحقائق المشاركة المكثفة لكبريات شركات صناعة السيارات العالمية في دورة عام 2006 لمعرض بكين الدولي الذي يفتتح أبوابه اليوم الثلاثاء أمام الجمهور ويستمر حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، وربما كانت من أكثر المظاهر تعبيراً عن مدى أهمية السوق الصينية هو أن العديد من شركات صناعة السيارات ''مثل بويك'' تبنّت فكرة إنشاء مصانع في الصين تنتج طرزا معينة مخصصة لهذه السوق المحلية العريضة فقط، ولقد تم جمع هذه الطرز في جناح خاص في معرض بكين تحت شعار ''للصين فقط''· وأشار مسؤولون في اللجنة المنظمة للمعرض إلى أن طرز السيارات الصينية تمثل ثلث العدد الإجمالي للسيارات المعروضة الذي بلغ 572 سيارة، وهو عدد قياسي في تاريخ هذا المعرض الذي ينظم كل سنتين·
ومن الظواهر الأخرى الدالّة على السرعة الكبيرة لتطور صناعة السيارات في الصين، هي الطرز الكثيرة من أنواع مختلفة من السيارات التي تم إنتاجها على أساس الشراكة الإنتاجية والتسويقية بين صنّاع السيارات المحليين والعالميين مثل الشاحنات الخفيفة والثقيلة والسيارات العادية التي تعرضها شركة FAW وبلغ عددها 29 طرازاً والتي تأتي نتاجاً للتعاون بينها وبين كل من فولكس فاجن الألمانية وتويوتا اليابانية· وسوف يشاهد زوّار المعرض اليوم لأول مرة السيارة الرياضية السريعة التي تنتجها هذه الشركة تحت مسمى "HQ3" والتي تحمل محركاً تبلغ سعته 4,3 لتر ويمكنه دفع السيارة من حالة الاستعداد للانطلاق وحتى بلوغ سرعة 100 كيلومتر في الساعة خلال 7,3 ثانية، وهذا يعد إنجازاً كبيراً وفق المقاييس الميكانيكية الحديثة لمحركات السيارات·
وتعد شركة ''دونجفينج'' Dongfeng إحدى كبريات الشركات الصينية الناشئة المتخصصة بصناعة السيارات، ولقد أثبتت وجودها القوي في المعرض من خلال تقديم 15 طرازاً، سبعة منها هي ابتكارات صينية صرفة لم تشاركها فيها أي شركة أخرى· وتشتمل المجموعة التي تقدمها ''دونجفينج'' على فئات متنوعة كالسيارات الصغيرة وسيارات السباق وحتى سيارات السيدان الهجينة· وأما شركة ''جيلي'' Geeٌ؟ الصينية التي تصنف في فئة الشركات المتواضعة، فلقد أثبتت وجودها في هذه الدورة من خلال عرض مجموعة من طرزها التي توزّع في العديد من بلدان العالم وخاصة أفريقيا والشرق الأوسط والهند· ونجحت ''جيلي'' مؤخراً في إبرام صفقة شراكة مهمة مع شركة البرونز المانجنيزي القابضة الإنجليزية تقضي بإنتاج سيارات التاكسي اللندنية السوداء وتشغيلها في المدن الصينية الكبرى· وتقدم ''جيلي'' أيضاً سيارة تصوّرية جديدة وأخرى من صنع شركة ''شانغهاي مابل'' التابعة لها·
وتتعدد أسماء الشركات الصينية المهتمة بصناعة السيارات وتتنوع، ومنها مثلاً شركة ''شنغهاي أوتوموتيف'' و''جريت وول'' أو ''السور العظيم''، و''شيري''، وكلها جاءت إلى هذه الدورة من المعرض لتثبت وجودها القوي، وتمثل الطرز المصنوعة محلياً، ربع المبيعات الصينية من السيارات إلا أن المشاركة الأكثر أهمية للصينيين هي التي تكمن في الصناعات المكمّلة كالمقاعد والفرش الداخلي والزجاج وحتى صفائح الفولاذ وأنواع الألياف الزجاجية والكربونية المستخدمة بكثرة في صناعة السيارات·
ويمكن لأحدث الأرقام الإحصائية الموثوقة أن تعبر بشكل أفضل عن نمو قطاعي إنتاج وبيع السيارات في الصين حيث توقعت نشرة رسمية صادرة عن الرابطة الصينية لصناعة السيارات أن يتجاوز الإنتاج المحلي في العام الجاري 7 ملايين سيارة· ومع تزايد أعداد مشتري السيارات في الصين، فإن الخبراء يؤكدون أن السوق الصينية سوف تشهد تنافساً حاداً بين الشركات المحلية والأجنبية· ويقول تقرير تحليلي صادر عن مركز''إيه سي نيلسن'' للدراسات الإحصائية إن الرابح الأكبر في سوق السيارات الصينية الجديدة هي شركة تويوتا اليابانية التي ارتفعت نسبة مشاركتها في السوق من 1% عام 2004 إلى 7% العام الجاري فيما بلغت نسبة مشاركة''هوندا'' العام الجاري 6%· ومن المنتظر أن تزداد عوائد الشركات الأجنبية لصناعة السيارات بشكل كبير من السوق الصينية مع النمو السريع في الدخل الفردي السنوي للصينيين خاصة أولئك الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى·
عدد اليوم
