السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأوهام» اضطرابات ضلالية تشوه عمل الحواس الخمس

«الأوهام» اضطرابات ضلالية تشوه عمل الحواس الخمس
22 يناير 2013 21:35
«الوهم» أو «الأوهام»، مصطلح أو صفة شائعة تتردد كثيراً بين الناس..وعندما نصف شخصاً أو نتهمه إزاء موقف معين، ونقول له: «أنت واهم»، فإن ذلك يعني أننا ننسف كل أفكاره وقناعاته! فعادة ما تقترن الأوهام بالأفكار الخاطئة والخرافات، وتوصف في أحوال كثيرة بالضلالات، بمعنى أنها عرض لتشوه الحواس، وانحراف للإدراك العقلي المجرد. فكثير من تلك الأوهام تتأتى نتيجة افتراضات عامة يقوم بها الدماغ خلال إدراكه الحسي غير المنطقي، ومن ثم توصف بأنها «أوهام». لكن المشكلة الحقيقية تكمن في صعوبة الفصل بين الأوهام الطارئة إزاء ظرف أو موقف أو اتجاه معين أو فكرة محددة، وبين الأوهام والضلالات المرضية التي تكون أعراضاً لمرض نفسي أو عقلي معين. خورشيد حرفوش (أبوظبي) - مما لا شك فيه أن هناك مسافة شاسعة بين «الوهم» والحقيقة، وهناك من يعتبر الأوهام زيفاً وبهتاناً، وهناك من تكون أوهامه إيجابية، وتنحى منحى أحلام اليقظة الوردية، لكنها في النهاية أحلام مجافية للواقع، وقد تسبب المبالغة الوهمية في زيادة الضغوط أو الشكوك أو المخاوف المرضية، وقد تذهب إلى الاتجاه العكسي وتسبب لصاحبها تأثيرات سلبية عديدة. الدراسات العلمية الحديثة، تشير إلى أن هناك حالة واحدة من بين كل مائة مريض بمرض عضوي، لا يتأثر بالأوهام، في مقابل 99 % لديهم قابلية ما للتأثر بالأوهام! وهذه النسبة العالية تؤكد أن هناك علاقة قوية بين الأوهام والمرض أياً كان نوعه. الأمر يبدو مثيراً أن نرى أناساً يقصدون الطبيب النفسي للعلاج من الأوهام، وفي المقابل هناك من يعالجون نفسياً بالوهم والإيحاء!.. فما حقيقة الأوهام إذن؟ تشوه الحواس الدكتور محسن خليل، استشاري الطب النفسي، يوضح حقيقة الوهم، ويقول: «يعرف «الوهم»، بأنه سيطرة أفكار معينة على تفكير الشخص من شأنها أن تسبب تشوهاً في إدراك الحواس الخمس، أي أنه تشوه يَكشِف كيف يُنظم الدماغ ويُفسِّر الإثارة الحسية أو أنه يشوه الحقيقة، وبالتالي نجد أن الأوهام قد تكون ضلالات عقلية، أو أفكار سلبية أو مخاوف أو ضلالات بصرية أو سمعية أو حتى أحاسيس غير واقعية للطعم والتذوق أو الشم أو الإحساس بالألم العضوي. فالأفكار هي نتيجة ما لإحدى العمليات الإدراكية في المخ، والأوهام التي تصيب حاسة السمع تكون عبارة عن سماع أصوات لا وجود لها، أما أوهام كل من حاسة اللمس والتذوق والشم، فتكون بسبب تلف أجزاء من المستقبلات العصبية للسان أو لمحفزات اللمس والشم. ومن المؤكد أن هناك علاقة مباشرة وطيدة بين الأمراض النفسية والعضوية على وجود الأوهام وأشكالها ودرجة خطورتها، ومن ثم علينا أن نتحرى الدقة في تشخيص الأوهام، هل هي بسيطة أم متطرفة أم نتيجة لوجود مرض معين كالتي نراها عند المرضى الذين يعانون اضطرابات ذهنية «عقلية». لكن يلاحظ أن بعض الأوهام تكون نتيجة مرض أو اضطراب، ولكل نوع منها سماته وشروطه الخاصة به. فعلى سبيل المثال، يعاني كثير من مرضى الصداع النصفي أوهام العتمة الجدارية، في حين نجد الذين يعانون «الرهاب» قد يتخيلون أنهم يشاهدون أشباحاً تمشي في الظلام وهكذا». صور خادعة يكمل الدكتور خليل: «كثيراً ما يشكو الشخص من رؤيته لأشياء غير موجودة في الواقع أو يعاني الخداع البصري أو رؤية كائنات تتحرك أمامه وتسبح في الفضاء أو يعاني الأوهام والهلاوس السمعية، وسماعه أصواتاً غريبة وصراخاً أو نداءات غريبة لا يألفها أو ما شابه ذلك أو أنه يشعر أن أشياء تمشي على جسده، وغيرها من حالات أوهام حاسة اللمس، أو أنه يشعر بأن طعم الأشياء كلها مالحاً أو مراً أو أنه يشم رائحة معينة غير مريحة أو حتى رائحة عطر محبب إلى نفسه أو حتى أوهام في أحلام مخيفة وكوابيس مرعبة. وعلى الطبيب المعالج أن يتأكد من أن شكوى المريض يكتنفها الخداع والضلالة دون أن يتعمد هو ذلك بكل تأكيد، فهناك افتراض سائد بوجود أوهام فسيولوجية تحدث بشكل طبيعي، بالإضافة إلى أوهام معرفية يُمكن أن تتمثل في حيل بصرية معينة تتصل بكيفية عمل أنظمة الإنسان الحسية. وتبني دماغ الإنسان عالماً داخل رؤوسنا يعتمد على عينات من البيئة المحيطة. ومع ذلك، يحاول الدماغ في بعض الأحيان تنظيم هذه المعلومات التي نراها جيدة، في حين نستخدمها في سد الثغرات في أوقات أخرى. وتعتبر هذه الطريقة التي تعمل بها الدماغ أساس الأوهام التي تصيب الإنسان. الأوهام السلبية أما عن الأوهام السلبية، فيقول الدكتور خليل: «تشمل أوهام حاسة اللمس، الأطراف الوهمية، ووهم الشواء الحراري، ووهم جلد الأرنب، وآخر غريب يحدث عند وضع إصبع الوسطى والسبابة على الأنف، بحيث يكون كل إصبع على كل جانب، ما يؤدي إلى الإحساس بوجود أنفين منفصلين. ومن المثير للاهتمام، أن مناطق الدماغ التي تنشط خلال أوهام حاسة اللمس هي المناطق نفسها التي يتم تفعيلها خلال الإدراك الفعلي لحاسة اللمس. كما تسبب المبالغة في البحث عن أعراض لآلام أو مرض معين في زيادة الشك والخوف عند المرض، وهي ما تسمى بحالة التأثير الوهمي السلبي. فتوقعاتنا تؤثر على مسار مرضنا وتؤدي إما إلى اختفاء أعراض المرض أو تولدها، فالشخص الذي يقرأ مقالاً عن تسبب الإشعاع الكهرومغناطيسي للهواتف المحمولة في الإصابة بالمرض، فإنه يستوحي إصابته بصداع في الرأس حتى ولو لم تكن هناك أي إشعاعات مغناطيسية أو هاتفه المحمول لا يعمل. وكل شخص مصاب بالسرطان، يمكن أن يموت بشكل أسرع، إذا كان مقتنعاً بأنه سيعيش فقط لبضعة أشهر، حتى ولو أظهر تشخيص المرض أن الورم لم يعد ينمو. ويطلق على هذه الحالة اسم ظاهرة «التأثير الوهمي السلبي». ويضيف الدكتور خليل: «إن التأثير يكون قوياً جداً عندما يكون الإنسان خائفاً من المرض المصاب به، وخائفاً من مداومة العلاج، ما يؤدي إلى أعراض جانبية أكثر خطورة. إن القلق يولد الإجهاد للجسم ويمكنه أن يضعف جهاز المناعة الذي يصبح فريسة سهلة للالتهابات، ما يؤدي إلى آلام في أماكن من المستحيل أن يشعر بها المريض في الحالات العادية. وعادة ما يبدأ الإنسان في ظاهرة «التأثير الوهمي السلبي» بالإحساس في اللاشعور بالضعف والاستسلام، بينما يشعر الشخص في ظاهرة «التأثير الوهمي الإيجابي» بالتحسن والانسياب من قبضة المرض. فظاهرة التأثير الوهمي الإيجابي تقنع الشخص بأنه سيتلقى المساعدة على سبيل المثال عن طريق الأدوية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تعافيه إذا تناول الأدوية حتى لو كانت وهمية، وحيث ترجع ظاهرة «التأثير الوهمي السلبي» أساساً إلى غزارة المعلومات التي يعرفها المريض في كثير من الحالات». العلاج بالوهم والإيحاء شاع توظيف تكنيك العلاج بالإيحاء أو ما يعرف بالتنويم المغناطيسي، على نطاق واسع في نهاية القرن العشرين، رغم أنه يعد من أقدم الطرق التي عرفتها الشعوب منذ العصور القديمة، وارتبط بالطقوس الدينية، واكتنفه كثيراً من الغموض والسرية، والدجل والشعوذة أيضاً، فيما يمكن أن يقدم للمرضى من وعود بالشفاء. ولوحظ أن العلاج بالإيحاء له تأثير إيجابي على الشفاء من كثير من الأمراض، حتى العضوية منها، ويرجع ذلك إلى التحفيز الإيجابي للجهاز المناعي ـ بحسب كثير من الدراسات ـ إلى حد أن العلاج بالإيحاء قد نجح في خفض صدمات الذبحة الصدرية بنسبة 82 إلى 93%، وقلل نسبة حدوث الصداع النصفي «الشقيقة» بنسبة 50%، وشفاء القروح الاثني عشرية من 50 إلى 60% وقلل آلام المفاصل والاكتئاب والقلق. ويرجع الأطباء إلى أن السر في تأثير العلاج بالإيحاء إلى تحسن الحالة النفسية للمرضى، ومن ثم يقتنع المريض بفائدته ويوحي إلى نفسه بالشفاء. وهناك كثير من القصص الواقعية التي يسوقها المعالجون بالإيحاء، ففي مستشفى مونتريال بكندا قام الأطباء بعمليات جراحية وهمية لمرضى الزهايمر ـ لم يفعلوا خلالها غير فتح الجمجمة ثم إعادة لحمتها ـ ومن المعروف أن هذا المرض ناجم عن تآكل حقيقي لبعض خلايا الدماغ، لكن الأطباء أقنعوا المرضى أنهم سيزرعون في أدمغتهم خلايا بديلة، وحين استيقظوا وشاهدوا آثار جراحة حقيقية شهد ما يقرب من 33% منهم تحسناً فورياً، وكأنه واقع بالفعل تحت تأثير الفاليوم أو المورفين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©