نتيجة معاناتهم اليومية في العمل المروري الميداني، وخاصة فيما يتعلق بالمشكلات المتكررة لمواقف ذوي الاحتياجات الخاصة مع بعض من يستغلون الأماكن المخصصة لسيارات هذه الفئة من المجتمع، تمكن ثلاثة من الشباب الإماراتيين يعملون في القيادة العامة لشرطة الفجيرة، من ابتكار جهاز «مكاني»؛ وهو عبارة عن لوحة مرورية إلكترونية خاصة لضبط وتأمين مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ تمسكوا بفكرتهم في البداية وطوروها حتى استطاعوا إنجازها على أرض الواقع.
تعاون الملازم أحمد الحنطوبي، والملازم خالد الشامسي، والملازم أحمد اليماحي على إنجاز الابتكار الجديد، وخلال اجتماعهم في مقر عملهم ذات يوم، تواردت إلى أذهانهم فكرة هذا المشروع الذي يعتبر إماراتياً 100% بدءاً من الفكرة والتأسيس وانتهاءً بالتصنيع والتطبيق.
وحول آلية عمل الجهاز، يذكر اليماحي أن الجهاز يستشعر وجود المركبات في موقف ذوي الاحتياجات الخاصة، ثم يلتقط صورة للمركبة ومطابقة بيانات اللوحة عبر جهاز الكمبيوتر المركزي، ومن ثم يصدر تنبيهاً صوتياً ومرئياً لمدة زمنية تسمى «مدة التنبيه»، تصل إلى 30 ثانية لتنبيه السائق بأن هذا الموقف مخصص لذوي الإعاقة، وبعدها يتم قراءة لوحات المركبة للتعرف إليها فيما إذا كانت لذوي الاحتياجات الخاصة من عدمه، وفي حال عدم خروج المركبة من الموقف خلال فترة التنبيه يقوم الجهاز بالتقاط صورة المركبة، وتحرر مخالفة للمركبة، ويتألف ملف المخالفة من بيانات لوحة الأرقام، وموقع الجهاز، والوقت والتاريخ، بالإضافة إلى التقاط مقطع فيديو وصورة للمركبة، ومن ثم يتم إرسال البيانات عن لوحة الأرقام والموقع إلى إدارة المرور والدوريات.
وحول هذه الابتكار الذي وصف بأنه طرح جديد لأنظمة اللوحات المرورية الذكية، يقول الحنطوبي «يهدف الجهاز إلى تأمين مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنع الأفراد من استغلال تلك المواقف، ويعتبر الجهاز أحد البدائل التي لا تستدعي وجود رجل المرور بصورة مستمرة لمراقبة مخالفي قواعد السير لأنه يعتبر ذاتي المراقبة».
وحول فكرة الجهاز، يوضح «تم تصميمه بجهود شخصية من فريق العمل، ففي البداية تم رسم تصور لفكرة الجهاز على الأوراق والاستعانة بإحدى الورش لتصنيع الهيكل الخارجي له كما تم تصوره، وجاءت الفكرة من معاناة شبه يومية في مجال العمل المروري.
ويقول «نحن الثلاثة نعمل في مجال العمل المروري الميداني، والكل على علم
بأن لوحة ذوي الاحتياجات الخاصة المتعارف عليها تقتصر على وجود الرسم التوضيحي لهذه الفئة، وإضافة
عبارات تستنكر من يتعدى على حقوق هذه الشريحة من المجتمع».
تنفيذ الفكرة
حول الفترة الزمنية منذ انطلاق الفكرة إلى تنفيذها على أرض الواقع، يشير الشامسي إلى أنها استمرت إلى ما يقرب الثلاث سنوات، وترجع بدايات انطلاق المشروع إلى نهاية عام 2011 وبدايات 2012 كفكرة للترشح لـ «جائزة المدير العام والقائد» ضمن نطاق القيادة العامة لشرطة الفجيرة، مضيفا «لكن بعد تقدير الفكرة لاقينا الدعم والتشجيع ممن حولنا وكذلك من قمة الهرم بالقيادة الشرطية في الإمارة قائد عام شرطة الفجيرة لفكرة المشروع، ومن خلال ذلك أخذنا على عاتقنا قبول التحدي والمنافسة.
ويذكر «تقدمنا بطلب براءة اختراع في 10/ 3/ 2013 وفي 11/ 6/ 2013، وكانت المفاجأة إعلان قبول الفكرة الإبداعية «مكاني» ووضعها لوحة مرورية ذكية لضبط وتأمين مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة.
عن الصعوبات التي واجهت الفريق، يوضح الشامسي «في البداية اعتمدنا في تصنيع الجهاز على بعض الورش، وشراء بعض القطع المتوافرة في السوق المحلي، وقمنا بتجميعها وتنفيذ مشروعنا ليحاكي الواقع الذي تصورناه في شكله المبدئي، وعانينا من عدم تقبل بعض الورش استقبال تطبيق بعض أفكارنا لصعوبة إنجازها من قبلنا لعدم توافر الأجهزة والمعدات التي يصعب علينا استخدامها وكذلك اقتناؤها، ورغم الصعوبات التي واجهتنا على أرض الواقع، لم نفقد الأمل، ومضينا في تنفيذ المشروع بمتابعة حثيثة ومستمرة من قيادات وزارة الداخلية.
تصميم عصري
عن شكل الجهاز، يصفه اليماحي بأنه عبارة عن تصميم عصري حديث ذي شكل جذاب قابل لبعض الإضافات كشاشة عرض توعوية يمكن إضافتها في مراحل متقدمة من المشروع، موضحا «تم تجديد الجهاز بناء على بعض ما تلقيناه من مقترحات أثناء عرض الجهاز في محافل عدة داخل الدولة».
وترجع تسمية الجهاز «مكاني»، بحسب اليماحي، إلى أن هذا الاسم هو الأقرب للتعبير عن المواقف المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، فالموقف هو المكان، وكان نتاج عصف ذهني في ما بين المبتكرين الثلاثة لاختيار أحد الأسماء التي طرحت للنقاش.
ويلفت اليماحي إلى أن الفكرة نجحت بالفعل والدليل عمل الجهاز التجريبي مند أكثر من أربعة أشهر وبصور جيدة في مواقف أحد مراكز التسوق بإمارة الفجيرة، خاصة وأنه يعتبر الجهاز الأول من نوعة المخصص لمثل هذه الأماكن.
ويؤكد اليماحي «هناك فكرة لتعميم الجهاز على مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة بالفجيرة من قبل القيادة العامة لشرطة الإمارة، وهناك أيضا متابعة حثيثة لتعميم الفكرة على إمارات الدولة كافة، لمعرفة مدى فعالية الجهاز وردود فعل الجمهور عن الفكرة، وجار العمل على تصنيع أجهزة أخرى لتعميم الفكرة على مستوى إمارة الفجيرة على مراحل عدة.
وحول مشاركة جهاز «مكاني» في المعارض المختلفة، يذكر الشامسي أنه تم عرض الجهاز في المعرض الدولي (آيسنر 2014) في العاصمة أبوظبي، وفي فعاليات المعرض الخليجي المشترك الخامس عشر بمركز إكسبو الشارقة، وفي مناسبات عدة بالقيادة العامة لشرطة الفجيرة آخرها حفل تكريم شركاء القيادة، الذي أقيم في فندق نوفوتيل بالفجيرة، كما تلقوا عروضا للمشاركة في معارض داخل الدولة وخارجها.
علامة فارقة
المبتكرون الثلاثة لجهاز «مكاني» يقولون إن الاختراع غير مجرى حياتهم، واعتماد الفكرة حول الحلم إلى واقع، وهم يتطلعون الآن بشغف إلى مزيد من الإنجازات والابتكارات التي ستضاف إلى سجل إنجازاتهم .
عدد اليوم
