الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أين لبنان العقلاء.. وماذا بعد؟

21 نوفمبر 2006 01:39
لم يعد الموقف في لبنان يحتمل أي منطق تصعيد للغة التهديد والوعيد والدفع بأجواء التشنج، بل يحتاج إلى منطق العاقلين لفرض الهدوء والاتزان والبحث عن أي بارقة أمل تبعد شبح الفتنة التي تشتد يوماً بعد آخر على وقع اتهامات هذا قال وذاك عقب والكل يدلي بدلوه مشترطاً ومهدداً والأسوأ محرضاً والشارع يغلي بانتظار ما سيحدث والذي لا يبدو إلا سوداوياً· كل الفرقاء في الداخل يدركون أكثر من غيرهم في الخارج أن الديمقراطية اللبنانية أساسها التوافق بغض النظر عن الأكثرية أو الأقلية أي لا مجال لحكم إلا بالتراضي، وهذا يعني ببساطة أن أي طرف لا يستطيع إملاء شروطه على الطرف الآخر إلا بما يتيحه أي اتفاق مشترك بينهما، وإلا فإن أي مسألة تمر بموافقة أحادية لا ثنائية تبقى هشة إذ قد يكتب لها النجاح اليوم لكن ليس إلى غد بعيد· ماذا استفاد لبنان من حوار وطني و''تشاور'' لحل المشاكل سوى منح إسرائيل بين فشل الأول في أواخر يونيو وفشل الثاني في نوفمبر فرصة شن حرب دامية مستغلة مدى الانقسام والفرقة التي يتبارى الساسة اللبنانيون في إظهارها بدلاً من العمل على إخمادها والسيطرة عليها· وماذا استفاد لبنان من نصرة هذا الفريق أميركا وفرنسا ونصرة الفريق الآخر سوريا وإيران سوى تأجيج نار الحقد وأتون الكراهية· فجأة يتم الاتفاق على بنود وفجأة ينسف الاتفاق··فجأة يتفق الطرفان على التهدئة والعودة إلى الحوار··وفجأة يبدأ أحدهما بالتصعيد فيلجأ الثاني إلى الوعيد، وكأنما لبنان ملك لهذا أو ذاك وما على اللبنانيين سوى السمع والطاعة حتى على حساب أرزاقهم وأمنهم الاجتماعي والاقتصادي· هذا الفريق يقول لنحتكم إلى الشارع إذا لم يرض الفريق الآخر المحسوب على الجهة الفلانية بشروطنا، و''الآخر'' يرد بالقول الشارع لنا ولن نرضى بشروط تفرض علينا من ذاك الفريق المحسوب على الجهة الفلانية الثانية، والأمر أصبح أشبه بردح المقاهي فيما العباد ترحل عن البلاد بطوابير يومية على أبواب كل السفارات· الأقلية تريد ''الثلث المعطل'' في حكومة عنوانها الوحدة الوطنية على اعتبار أنها لا تثق بالأكثرية المرهونة للخارج على حد تعبيرها··والأكثرية تقول كيف نترك الأقلية المرهونة أيضاً للخارج حسب تعبيرها أيضاً بأن تمسك زمام أي قرار مصيري وتعطله عندما يتضارب مع أجندتها· الأقلية تلوح بـ''التظاهرات السلمية'' لإجبار الحكومة على الاستقالة وكأنها تحمل مسبقاً الأكثرية أي مسؤولية أمنية قد تخرج هذه التظاهرات عن طابعها السلمي··والأكثرية تعد نفسها للشارع أيضاً بتظاهرات سلمية قد تقترب من حدود بعبدا لإجبار الرئيس إميل لحود على الاستقالة وهي أيضاً توجه مسبقاً الاتهام إلى الأقلية بتحميلها مسؤولية أي تعكير لصفو مسيرة أنصارها· الأقلية تقول إنها لا تريد اللجوء إلى الشارع إلا كخيار أخير ثم تعقد الأزمة بفرض شروط تعجيزية إما ''الثلث المعطل'' وإما الدعوة لانتخابات مبكرة· أما الاكثرية فترد بأن لجوءها للشارع هو للرد وليس للتصعيد ثم تعقد الأزمة أيضاً بكيل الاتهامات إلى الأقلية وتحميلها مسؤولية جر لبنان إلى حرب غير مسؤولة مع إسرائيل· دائرة مفرغة ولا أحد يدفع الثمن سوى لبنان واللبنانيين··دائرة مفرغة لم يعد فيها عقلاء وإنما مجموعة من الخطباء كل يرغي ويزبد من على منبره وكأن البلاد فجأة أصبحت بلا قانون وبلا دستور··دائرة مفرغة لأنه حتى وسيط الخارج أصبح طرفاً محسوباً على هذا الفريق أو ذاك وبالتالي فان وساطته مهما كانت حريصة على مصالح الجميع ستفسر على أنها تدعم طرفاً أكثر من الآخر··دائرة مفرغة لا تفيد أحداً إلا إسرائيل التي كشف إعلامها مؤخراً عن بدء جيشها الاستعداد للحرب المقبلة على لبنان، ولكنها فيما يبدو تستمتع بالحرب الداخلية اللبنانية الدائرة حالياً لأنها تخدمها أكثر من أي عمل عسكري· إلى أين؟··صعب الحديث عن أي إجابة في ظل أزمة الثقة الموجودة حالياً بين الفريقين الشهيرين بـ''قوى 8 مارس'' و''قوى 14 مارس'' ولكن هل التلويح بالشارع هو الحل؟· تاريخ الشارع للأسف لا يرحم فهو مشبع بالدماء والكل يتذكر مآسي الحرب الأهلية (1975-1989)، وفي النهاية إذا ما فاض الكيل يعود بعد الخراب ليردد مقولة رئيس الوزراء الراحل صائب سلام ''لا غالب ولا مغلوب''· هل يحتاج لبنان فعلاً إلى مرحلة دمار أخرى ليتعظ أم نأمل عل وعسى أن يستيقظ العقلاء ويعودون إلى طاولة الحوار لحل مشاكل وطن وليس مشاكل متبارين بالحديث عمن يمثل الوطن··الوطن للجميع لكن إذا بقي هناك من وطن·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©