الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمية تحدٍ يواجه المغاربة في ظل ارتفاع نسبة التسرب المدرسي

الأمية تحدٍ يواجه المغاربة في ظل ارتفاع نسبة التسرب المدرسي
7 سبتمبر 2011 00:25
(الرباط) - يشكل بدء العام الدراسي مناسبة لتسليط الضوء على آفة الأمية بالمغرب ومناقشة مجمل الإجراءات المتخذة لمكافحة الهدر المدرسي وتشغيل الأطفال الذين يعتبران السبب الرئيسي في استفحال الأمية في صفوف المغاربة، كما يعد فرصة سانحة لمختلف الفاعلين المعنيين بموضوع التعليم والطفولة، للوقوف عند الأسباب التي تجعل الأطفال يغادرون مقاعد الدراسة ليتوجهوا إلى سوق العمل في سن مبكرة، وآثار انعكاس هذه الظاهرة على مستوى التنمية الاقتصادية والبشرية بالبلاد. جهود حثيثة استحدث المغرب وكالة محاربة الأمية التي تهدف إلى المحو لتام للأمية في أفق عام 2015، وستعمل الوكالة على اقتراح برامج عمل على الحكومة تهدف إلى محاربة الأمية والقضاء عليها، والبحث عن الموارد لتمويل البرامج المسطرة وتطوير التعاون الدولي الثنائي ومتعدد الأطراف، وإعداد تقرير كل سنة حول وضعية الأمية والمجهودات المبذولة للقضاء عليها. لكن مراقبين يشككون في إمكانية القضاء على الأمية في هذه الفترة القصيرة، لأن المؤشرات تؤكد أن هذه الآفة لا تزال مستفحلة بشكل كبير لاسيما في أوساط القرويين والطبقة الفقيرة، حيث تشير نتائج البحث الوطني حول الأمية وعدم التمدرس والانقطاع عن الدراسة أن نسبة الأمية لدى السكان البالغين 10 سنوات فما فوق تصل إلى 30.5 في المائة، منها 54 في المائة في الوسط القروي، و47 في المائة عند النساء مقابل 31 في المائة لدى الرجال، والباقي أطفال. وبحسب إحصاءات رسمية يتوجه نحو 7 ملايين تلميذ إلى مدارسهم، بينما يتسرب آخرون خارجها وينقطعون عن الدراسة لأسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية، كما يؤكد سعيد الحجي (مسؤول تربوي)، قائلا “أسباب الانقطاع عن الدراسة مختلفة ومتشعبة منها ما هو مرتبط بحاجة الأسرة إلى معيل، ومنها ما هو مرتبط بالمستوى الثقافي للأسر حيث أن بعضها لا يعتبر أن تعليم الأبناء ضروري ومهم لاسيما مع استفحال أزمة البطالة في صفوف المجازين، وعجز سوق العمل عن استيعاب خريجي المعاهد والجامعات، إضافة إلى العوامل الاجتماعية الناجمة عن تفكك الأسرة والرسوب الدراسي بسبب غياب المراقبة”. ويشير إلى أن الهدر المدرسي ينتج عنه ظواهر اجتماعية خطيرة كأطفال الشوارع وارتفاع نسبة الأمية والفقر والبطالة، حيث أن الحقول والمراعي والورشات الصناعية لم تعد قادرة على استيعاب التلاميذ الذين ينقطعون عن المدرسة. ومن أجل القضاء على الانعكاسات السلبية لظاهرة الهدر المدرسي التي تهدد الجهود الرامية إلى تقليص نسبة الأمية وتعميم التعليم، يقترح الحجي تنفيذ برنامج عاجل يضمن التحاق كل التلميذات والتلاميذ بالمؤسسات التعليمية، من خلال توعية الأمهات والآباء بخطورة انقطاع أبنائهم عن الدراسة وتشجيع التلاميذ الجدد والقدامى على الالتحاق بفصولهم الدراسية، وإشراك فعاليات المجتمع المدني في عملية التحاق المتمدرسين بالمؤسسات التعليمية. الهدر الجامعي لا يقتصر الهدر المدرسي على المرحلة الابتدائية بل أن الظاهرة تمتد إلى المستوى الجامعي حيث يؤدي الفشل الدراسي إلى انقطاع الطلبة عن الجامعة، وعدم استكمال مرحلة التخرج والحصول على شهادة تؤهل الطالب إلى دخول سوق العمل، ويقول الباحث الاجتماعي محمد العماري إن الانقطاع عن الجامعة تعد واحدة من الإشكاليات الرئيسية في الواقع التعليمي بالمغرب، وسبب هذه الظاهرة المعقدة هو الفشل في الدراسة حيث يؤدي الاختيار السيئ لشعبة التخصص في الجامعة، وتكاسل الطالب بعد الحصول على الثانوية العامة إلى الفشل في اجتياز اختبارات الكلية وبالتالي الانقطاع عن الدراسة. ويشير إلى أن التكرار والهدر على مستوى التعليم العالي يسجل مستويات مرتفعة، ويضيف “أفضت دراسة حديثة إلى أن التكرار السنوي في السنة الأولى جامعة يسجل معدلات مرتفعة ما بين 34 و 49 في المائة، بينما يقدر معدل التكرار السنوي على مستوى الإجازة بـ 17 في المائة بالنسبة لجميع الشعب”. ويعتبر العماري أن توجيه الطالب التوجيه الصحيح بعد نيله شهادة الثانوية العامة سيساعد على معالجة ظاهرة انقطاع الطلبة عن الدراسة الجامعية، ويضيف “الإعلام والتوجيه يلعبان دورا أساسيا في الحد من التكرار لذلك من الضروري إيلاء أهمية لتطوير التوجيه ومساعدة الطلبة على العودة لصفوف الدراسة وتوجيههم بشكل يلائم امكانياتهم وتطلعاتهم”، مشيرا إلى أهمية المواكبة النفسية والاجتماعية للطلبة، وإعادة إدماجهم في الدراسة، وبحث العوامل الكامنة وراء تسربهم من صفوف الدراسة، ومساعدتهم على التغلب على الفوارق الاجتماعية والوضعية الصعبة لبعض الأسر والتكفل بمصاريف دراستهم وتحسين شروط عيش أسرهم، ودعم الجهود والعمل الميداني اليومي لعلماء التربية والنفس والاجتماع. التركيز على العنصر النسوي يبلغ عدد الأميين في المغرب نحو 8 ملايين، أغلبهم نساء، ومن أجل تجاوز التباين الواضح في نسبة الأمية بين الرجال والنساء يعمل المغرب على إعطاء الأولوية في برامجها للعنصر النسوي بوضع برامج مندمجة، بتعاون مع الجمعيات الفاعلة في هذا المجال، ودعم مشاريع محو الأمية الموجهة أساسا للنساء والهادفة إلى تعزيز استقلاليتهن. وقد أسهمت برامج محو الأمية في إكساب النساء معارف ساعدتهن على الرقي اجتماعيا وتحسين وضعيتهن الاقتصادية وتمكينهن من المساهمة في اتخاذ القرار ضمن محيطهن الأسري والاجتماعي، حيث أصبحت المستفيدات من برامج محو الأمية يسيرن وحدات إنتاجية ويعملن في أنشطة مدرة للدخل، ومنهن من اجتزن بنجاح امتحانات لنيل الشهادات التعليمية. وعلى مستوى المناهج التعليمية تم إدراج مجموعة من المضامين والمفاهيم المساهمة في الرقي بالعنصر النسوي ضمن المقررات المعتمدة، كحقوق المرأة والطفل، والصحة الإنجابية، كما جرى إعداد كتيب حول مدونة الأسرة مبسط وموجه إلى النساء المستفيدات من دروس محو الأمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©