الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرار المصيري.. فرصة لاختبار الذات أم خطوة للوراء

القرار المصيري.. فرصة لاختبار الذات أم خطوة للوراء
2 سبتمبر 2013 20:15
يمثل القرار المصيري لكل منا أهمية كبرى، وعلى ضوئه يتحدد مسارنا في جهة ما، لكن الكثير من الناس يقفون أمام اتخاذ هذا القرار بنوع من الرهبة، وعدم القدرة على الحسم، الأمر الذي يترتب عليه حدوث مشكلات عاصفة، وعلى النقيض تماماً من ذلك، هناك أشخاص لديهم ثقة عالية بالنفس، وقدرة عارمة على اتخاذ قراراتهم المصيرية بمنتهى الثبات، فما الأسباب الحقيقية التي تجعل بعضنا قادراً على معالجة مشكلاته الشخصية؟ وطرح البدائل، ومن ثم النظر بدقة في المواقف الطارئة، واستخلاص النتائج، ومتى يمكن أن يصدر هذا قراره بمنتهى الجرأة وعدم التردد؟ وما الذي يجعل بعضنا لا يتجاسر على أن يحدد مصيره من دون خوف؟ وهل صحيح أن المقومات الشخصية والتربية الاجتماعية لها دور في أن يصبح المرء سيد قراره؟ أشرف جمعة (أبوظبي) - المواقف الحياتية البسيطة والمعقدة تجبر بشكل أو بآخر على أن نسارع بتقييمها، ومن ثم إصدار قرار مهم أو صعب في آنٍ، ربما تكون عواقبه خطرة، وربما التراخي فيه وإرجائه يعرضنا لمشكلات أخطر، وعلى الرغم من أن الحياة لا تخلو من التجارب الإنسانية التي تترك تراكمات فتشكل خبرة ما داخل النفس إلا أن الاستجابة البطيئة لما يتعلق بمستقبلنا قد تفوت علينا فرصاً أفضل، وعلى الرغم من ذلك فإن الكثير من الأشخاص في مجتمعاتنا يرون أن اتخاذ قرارات مصيرية ومهمة في حياتنا يحتاج إلى وقت طويل، حتى لا تكون العواقب وخيمة، والنتائج سلبية، في حين أن البعض الآخر يرى أنه يجب أن يتحلى الفرد بالشجاعة وروح المغامرة في المواقف التي تحتاج إلى البت فيها على وجه السرعة. استعداد نفسي حول طبيعة القرارات المهمة والصعبة في حياة أفراد المجتمع، يقول الأستاذ المساعد بجامعة بيل الأميركية، ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى مدينة خليفة الطبية الدكتور أحمد محمد الألمعي إن «الطبيعة الإنسانية بوجه عام تقف حيال القرارات المصيرية بشيء من التردد والقلق، نظراً لأن مثل هذه القرارات تمثل طبيعة خاصة في حياة الأفراد، ما يجعل أي شخص يتعرض لها يدخل في حالة من التفكير العميق، لكن هناك أفراداً في المجتمع يتمتعون بنشاط ذهني ولديهم خبرات سابقة وتجارب عميقة تتعلق باتخاذ قرارات حاسمة في السابق، هؤلاء الأفراد لديهم استعداد نفسي عال جداً لتحديد طبيعة المواقف الصعبة في حياتهم، ومن هذا المنطلق يكونون أكثر قدرة على الفصل في قراراتهم». ويوضح أن عدم الثقة بالنفس من العوامل التي تدفع الكثيرين إلى التردد والتيه والحيرة ،ولعل ذلك يرتبط لديهم بمشاعر مؤلمة سابقة نتجت عن خطوات مصيرية اتخذوها، لافتا إلى أن أفراد المجتمع هم أبناء البيئة التي نشأوا فيها، والتي تشكل شخصياتهم، وتصقلها وتهيئها لمواجهة ظروف الحياة بالأشكال كافة، ويرى أن الأشخاص الذين يعاونون أمراضاً نفسية لا تتوافر لديهم القدرة على التفكير المنطقي، وتسيطر عليهم في الغالب حالة من عدم الثقة بالنفس وهم ما يترتب افتقاد الشجاعة. ويحذر الألمعي من الاندفاعية عند اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بمستقبل الأفراد، مشيرا إلى أن الإنسان الذي يتمتع بصحة نفسية يدرس الجوانب الإيجابية والسلبية التي تترتب على اتخاذه قرار ما، إذ إنه من الطبيعي أن يفكر الفرد جيداً في أي خطوة يتخذها في حياته حتى يضمن ألا يتعرض لمشاعر مؤلمة في المستقبل. لحظات صعبة من بين الذين عاشوا لحظات صعبة في اتخاذ قرار مصيري يتعلق بحياته العملية والخاصة منصور عيسى (مهندس ديكور). ويورد أنه فوجئ بقرار من الشركة التي يعمل بها بضرورة تقديم عقد إيجار موثق من البلدية في مدة محددة، وفي حال تجاوز هذه المدة من دون تقديم العقد فإن الشركة سوف تخصم منه قيمة المبلغ الذي حددته له في عقد والخاص ببند السكن، ويشير إلى أنه كان يعيش في شقة مكونة من غرفة وصالة في فيلا، وليس لديه ما يثبت استئجاره للعين التي يقيم بها، بالإضافة إلى أنه لم يجد شقة بالمواصفات ذاتها في بناية، وفي حدود المبلغ الذي حددته له الشركة، وهو ما يعني أنه سينفق جزءاً كبيراً من راتبه من أجل الحصول على سكن مستوف للشروط وعلى الرغم من هذه الحيرة التي وقع فيها إلا أنه حصلّ على عقدين لشقتين متقاربتين في السعر، لكن إمكاناته المادية لا تسمح باستئجار إحداهما، وبعد تفكير عميق اتخذ قراره المصيري بالتضحية بنصف راتبه من أجل حل هذه المشكلة الطارئة. أما مها البنا، وهي أم لثلاثة أولاد أكبرهم يدرس في إحدى جامعات ألمانيا، فتذكر أنه قبل أن يسافر ابنها إلى الخارج كانت مترددة جداً في أن يتجه إلى هذا البلد الغربي خصوصاً وأنه ليس لديه ثقة بنفسه، ودائما يحتاج إلى من يعنيه على أمور حياته، وتلفت إلى أن أنها استأذنت الزوج في أن تقيم مع ابنها في بداية الفصل الدراسي الأول، حتى تهيئة إلى العيش في ألمانيا بمفرده، وعلى الرغم من أن الزوج سمح لها بذلك، إلا أنها ظلت مترددة، ولم تتخذ هذا القرار إلا بعد فوات الأوان، إذ إن النتائج الدراسية النهائية أظهرت رسوبه في كل المواد تقريباً، وهو ما جعلها تبكي بشدة، وتقرر بعد ذلك أن تسافر معه في بداية العام الدراسي الجديد، وتؤكد أنها تلوم نفسها بقوة على عدم قدرتها على اتخاذ هذا القرار من البداية، لكنها تعترف بأن تجاربها السابقة مع القرارات الحاسمة التي سارعت باتخاذها كانت نتائجها سلبية، وهو ما ترك في نفسها آثاراً نفسية رهيبة لم تستطع التخلص منها إلى الآن. العماني يتحدى الزمن المطرب يوسف العماني له قصة مثيرة مع القرارات المصيرية المؤثرة في حياته، إذ يشير إلى أنه في بداية مشواره الفني سجل إحدى حفلاته الغنائية الخاصة على «سي دي» وذهب بها إلى أحد الأشخاص في الوسط الفني، وطلب منه مساعدته في تسجيلها لينتقل من مرحلة الهواة إلى احتراف الغناء، لكن رد هذا الشخص كان قاسياً جداً على العماني، إذ قال له «هذا العمل لن ينجح». ويقول العماني «نظرتُ له بتحد، وقلت له كيف تحكم عليه من دون الاستماع إليه، فأجاب أنا أعرف أنه لن ينجح، وفي اللحظة ذاتها رد عليه سأصبح في القريب فنانا له مكانه بين أهل الفن». ويضيف العماني «دارت الأيام والتقيت هذا الشخص في إحدى المناسبات الفنية وساعتها شعر بحرج بالغ، وفي هذه اللحظة انتصرت لذاتي ولقراري المصيري في أن أجتهد فنياً، وأن أترك كل شيء من أجل الفن، ويلفت إلى أنه اتخذ أيضاً قراراً مهماً في حياته بعد معاناة حيث كان دائماً يرجئ مسألة إنقاذ وزنه إلى أن تجاسر واستطاع أن ينقصه 11 كيلو جراماً ثم 15 أخرى»، لافتا إلى أن وزنه كان 106 كليو جرامات قبل الرجيم. الشامسي ينتصر للحب لم يكن من السهل على الإعلامي علي الشامسي مقدم برنامج «احسبها صح»، الذي يعرض على تلفزيون أبوظبي الإمارات، اتخاذ قراره النهائي في عدم الالتحاق بأي وظيفة في السلك الدبلوماسي وفقاً لمجال تخصصه، إذ إنه درس العلاقات الدولية. إلى ذلك، يقول «التحقت بالمجال الإعلامي لحبي الشديد له، وقبل أن يحدث ذلك عشت فترة وأنا في حيرة بين العمل في الإعلام الذي أحبه، ورغبتي الجارفة في الالتحاق بوظيفة في السلك الدبلوماسي، وعلى الرغم من أن أغلب المحيطين بي كانوا يدفعونني دفعاً نحو العمل في السلك الدبلوماسي إلا أن حبي لمجال التقديم التلفزيوني انتصر في النهاية، واتخذت قراري هذا بجسارة، ولا أخفي أنني كسبت الرهان في نهاية هذا الصراع، إذ إن النجاح كان حليفي في التقديم التلفزيوني، فضلاً عن أنني أحب أن أقدم للناس ما يفيدهم، لكنني لا أنكر أن حسم القرارات المصيرية مسألة ليست سهلة بالمرة، وتحتاج إلى نوع من الحزم وقوة الشخصية، حتى لا يجني صاحب أي قرار من هذا النوع الخسران والندم».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©