الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرطاسية «الماركات».. أبناء يتفاخرون وآباء يتذمرون

قرطاسية «الماركات».. أبناء يتفاخرون وآباء يتذمرون
3 سبتمبر 2013 14:09
من يزور المراكز التجارية يرى الكثير من المحال ذات الماركات العالمية تتفنن مع اقتراب العام الدراسي بجلب الكثير من الاحتياجات المدرسية للطلبة، والتي تنوعت بين الحقائب والأقلام والأحذية والملابس، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار تلك الماركات العالمية، إلا أنها تشهد إقبالاً كبيراً على اقتنائها، حيث يحرص كثير من طلاب وطالبات اليوم على شراء المستلزمات الدراسية «غالية الثمن» أو بمعنى أصح شراء «الماركات» ليتفاخروا بها أمام أصدقائهم، فيما يدفع رب الأسرة الثمن، كونه يحرص على توفير كل ما يحتاجه أبناؤه، حتى لا ينقص عليهم شيء إذا ما قورنوا بزملائهم في المدارس. يرجع حب جيل اليوم لاقتناء الماركات العالمية، خاصة في الأدوات المدرسية، لعوامل عدة، أبرزها وفق الخبير الاقتصادي مصطفى عمر انتشار الإعلانات وجذبها للمستهلك، وتأثير وسائل الإعلام بمختلف أشكالها على سلوكات وثقافة واتجاهات الجمهور المتلقي لها، وكذلك تفاوت شدة هذا التأثير باختلاف هذه الوسائل، وتفاوت مستويات وعي وإدراك المتلقي أيضاً، ذاكراً أن الانفتاح على الأسواق العالمية، وسيطرة السلع الأجنبية على الأسواق من دون منافسة من المنتج الوطني، ساهم في التأثير على نمط الاستهلاك في المجتمع. نمط استهلاكي حول خطورة هذا التوجه، يوضح مصطفى أن «هذه بعض العوامل التي شكلت النمط الاستهلاكي للأسرة داخل المجتمع، وينتقل هذا النمط إلى الأبناء، فتنمو معهم الرغبة في الشراء الاستهلاكي، والتطلع إلى اقتناء الماركات التي تروج لها وسائل الإعلام أو التي تحمل صور بعض الشخصيات المشهورة والأسماء العالمية، كما ينعدم لديهم الحس بقيمة الأشياء، فلا يحافظون على هذه المقتنيات، مؤكدا أن الاستهلاك والترف لم يعدان مسألة فردية، بل باتا مظهرا اجتماعيا، كما أنهما لم يعودا قضية وقتية حالية، بل مسألة تمتد إلى المستقبل. وتشعر عائشة المناعي بالحيرة حول اقتناء أدوات مدرسية من الماركات العالمية، فكل واحد من أبنائها يصر عليها، ومع صراخهم الذي يتعالى وتشتت ذهنها اشترت لكل واحد منهم ما يريده، راضخة للأمر الواقع، ودافعة 3000 درهم. تقول المناعي «مع بداية كل عام دراسي نعيش هذا الصداع المستمر مع الأبناء، فالكل يريد شراء أدوات المدرسة التي تحمل ماركة عالمية ومعروفة، ليتباهى كل واحد منهم أمام أصدقائه في الفصل، وطبعاً ذلك على حساب ميزانية الأسرة». وتضيف «عندما كان أبنائي صغاراً كانوا لا يدركون معنى «الماركة»، حيث يفرحون بالأغراض المدرسية التي أحضرها لهم، لكن الآن لا يقبلون إلاّ بها؛ لأنهم لا يريدون أن يكونوا أقل من أقرانهم». أما خميس الجابري، وهو أحد الآباء الذين قدموا لشراء القرطاسية والكتب لأولاده، فيقول «رأيت أن نوعية الماركات تجددت هذا العام، والأبناء يريدون الكثير، فأنا كأب لا أستطيع أن أرفض طلب ابني بشراء الأفضل أو أن أرفض اختياره ماركة ما، فحينما يأتيني بعلامات ممتازة فهو يستحق الأفضل». ويضيف «جيل اليوم لا يرضى إلا بالماركات العالمية في كل شيء فما بالنا باحتياجات المدرسة، فالمقارنة التي تحدث بينهم في الفصل هي التي تدفع بالكثير من الطلبة للتباهي بين بعضهم بعضاً، وبالطبع يكون ذلك على حسابنا نحن أولياء الأمور، هم يشترون الغالي، ونحن ندفع رغما عنا». ويرى أحمد خليفة أن «التحضير لافتتاح العام الدراسي الجديد يشكل ضغطا على الأهالي». ويتابع «موسم التحضير للعام الدراسي الجديد هو بمثابة مشروع غلاء للكثير من العائلات، فأنا أب لولدين وشراء احتياجات أبنائي للماركات يحتاج إلى ميزانية كبيرة، فمثلا دفعت مبلغ 2500 درهم مقابل ما اشتريت من المكتبة لأدوات تحمل شعار الماركة». ويضيف «أولادي في المرحلة الابتدائية لهم طلبات خاصة بخصوص بعض القرطاسية، فابني حمدان في الصف الثالث طلب حقيبة «نايك» وكذلك قرطاسيته، أما أخوه الأصغر فيفضل «لاكوست». تهافت كبير في أحد المحال التي تبيع الماركات، تقابلك وأنت تهم بالدخول، الواجهة الزجاجية التي علقت عليها العشرات من الأحذية والأدوات المدرسية بألوان مختلفة، بقصد جلب الزبائن، وفي الداخل كان المحل مكتظا بالزبائن من مختلف الأعمار، كل يدقق ويسأل عن أثمان أداة مدرسية. ويقول نويل جان، بائع في المحل، إن أغلب زبائنهم لا يترددون في اقتناء ما جادت به «الماركة»، مشيراً إلى أن الأسعار تختلف حسب نوع الحذاء وماركته. وعلى الرغم من ذلك يؤكد تهافت الكثير على شراء الماركات، خاصة الأحذية وبعض الأدوات المدرسية. وفي محل آخر لماركة عالمية معروفة، يؤكد البائع نبيل أيمن أنهم قبل العام الدراسي الجديد كانوا حريصين على إحضار المستلزمات المدرسية ذات الجودة ومن أفضل الماركات العالمية، لأن تلك الماركات تحمل الجودة والتميز، فالمشترون بهذا الموسم يبحثون بشكل عام عن الماركة والجودة، خاصة ما يتعلق بالحقائب المدرسية والقرطاسية، لافتا إلى أنه الأطفال يمارسون شتى أنواع الضغوط على الأهل ليرضخوا في النهاية ويشتروا لهم ما يريدون مهما كان ثمنه. وتفضل منيرة عبد الرحمن (طالبة ثانوية) أن تكون حقيبتها من الماركات العالمية المشهورة، إضافة إلى مناسبتها للحذاء والساعة التي سترتديها بالمدرسة. وتقول إن الكثير من الطالبات، خاصة في المرحلة الإعدادية، تختلف توجهاتهن عن الحقائب الخاصة عن طالبات مرحلة الروضة والابتدائية، فهن يحرصن على اقتناء حقائب مناسبة لأعمارهن كحقائب الماركات العالمية مثل «شانيل» و»كرستيان ديور»، وأن تكون الحقيبة مع الساعة والحذاء والجورب طقماً كاملاً. وتوافقها الرأي صديقتها ميسون عبد العزيز (طالبة ثانوية)، مشيرة إلى أن «الماركات» مكلفة، لكن النظرة السلبية تجاه أي طالبة لا تحمل حقيبة مدرسية أو لا ترتدي حذاء غالي السعر تجبرها على رفض المستلزمات الأخرى، مشيرة إلى أن جميع صديقاتها يشترين الحقائب والأحذية التي تتميز بمواصفات عالية الجودة، على الرغم من ثمنها المرتفع، لأنها أفضل من ناحية الألوان والتصاميم وتدوم لفترة أطول من الصناعات الأخرى، وتؤكد «لا أقبل أن يكون مظهري أقل منهن». ثقافة «التميز»! حول الظاهرة، يوضح عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماع بجامعة الشارقة أحمد عموش «نلاحظ مع بداية العام الدراسي التنافس حاد بين الطلاب على الشكل والظاهر، بينما الاهتمام على المحتوى الفكري وجودة ما في هذه المقتنيات والماركات من كتب ومعلومات ومحتوى علمي أقل من المطلوب»، مضيفا أنه «ما زالت الأسرة تمارس أدوارها التقليدية في عملية غرس القيم والعادات والتقاليد، التي تحدد اتجاهات الأبناء وتحولها إلى نمط سلوك يستمر معهم مدى الحياة». ويقول عموش إن «السلوك الاستهلاكي عند الأبناء انعكاس لحقيقة ما يتم تعليمهم داخل الأسر في الجانب الاقتصادي، وما تتأثر به الأسرة ينتقل عن طريق التنشئة الاجتماعية للأبناء ويؤثر على توافقهم داخل المجتمع»، ذاكراً أن من العوامل التي تساهم في تعزيز هذا النوع من الشراء عند الأبناء غياب الثقافة الاستهلاكية العقلانية، حيث أصبحنا ننتظر الفرص والمواسم للتهافت على الأسواق والتزود بالسلع التي نحتاجها أو لا نحتاجها، وكأن الموضوع لا يعني سوى نزعة استهلاكية لدى العديد من شرائح مجتمعنا نحو التسوق الفائض عن الحاجة والتبضع المفرط، ويعزز هذا النوع من الشراء إلى «ثقافة التميز»، فالبعض عند اقتناء ماركة مميزة يشعر بتوازن نفسي مصطنع، يكسبه الشعور بالتميز ومساواة الآخرين». ويردف عموش «حب المظاهر والمباهاة والافتخار صفات تلازم الكثير من الأبناء، بسبب الرغبة في تقليد الآخرين، ومحاولة الظهور في صورة مزيفة تخالف الواقع»، مضيفاً «البعض يقلد غيره ويرغب في ارتداء ملابس ثمينة بما لا يتناسب مع واقع ظروفه وأحواله، ما يستلزم علاجاً نفسياً وملء الخواء الروحي بكثافة حقيقية ووعي زائد ورؤية صائبة». الماركة أولاً من جانبه ، يقول محمد رفيق - صاحب مكتبة إن معظم الأهالي يبحثون عن الماركة أكثر من الشكل والتصميم. ويضيف «من خلال عملي في المكتبة وجدت أن البحث عن الماركة وبالأخص في القرطاسية كان أكثر من البحث عن الشكل الجميل، وبشكل عام الطلاب يبحثون عن ماركات وقرطاسية وحقائب تحمل صوراً للاعبي كرة قدم، وموسيقيين، وصوراً من أفلام الكرتون، وفوجئت كثيراً حينما رأيت أطفالاً صغاراً يعرفون أسماء ماركات معينة أكثر بكثير من أي شخص لديه خبرة في العمل في المكتبات».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©