الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«القُرطم» شجيرة عشبية تقاوم الجفاف والملوحة

«القُرطم» شجيرة عشبية تقاوم الجفاف والملوحة
26 أغسطس 2012
دبي (الاتحاد) - يعتبر القُرطم أحد المحاصيل متعددة الفوائد والاستخدامات، ويزرع في مناطق مختلفة من العالم، وينتمي القرطم إلى العائلة المركبة ويعتقد أن مصدره بلاد الشام، حيث زرع فيها منذ أكثر من 4000 سنة، وهو نبات يتحمل الملوحة وينمو في الأراضي ذات موارد مياه الري القليلة، وهو شجيرة عشبية سنوية ذات أفرع متعددة، تنتهي ببرعم زهري مكور الشكل، تحيط به قنابات قاسية، تشكل البادرات بعد الإنبات باقة من الأوراق، ثم تنمو الساق الرئيسية بعد حوالي الشهر من الإنبات، ليتراوح طولها بين 30 و150 سم قبيل موعد الإزهار. جذور قوية تنمو على ساق شجرة القرطم وفروعها أوراق ذات أشواك حادة، تمنع العديد من الحيوانات، مثل الماعز والأغنام والإبل، من أكل النبات، وتشتمل الزهرة المركبة على عدد يتراوح بين 20 و180 زهيرة، وتختلف ألوان الأزهار من الأبيض إلى الأصفر والبرتقالي، أما بذور النبات فهي بيضاء اللون، بجوانب أربعة وقشرة سميكة، لكنها ناعمة الملمس يتراوح طول البذرة بين 6 و7 ملم وتزن حوالي 40 ملجم، حيث يشكل الكيلوجرام الواحد منها حوالي 25000 بذرة، ويمتلك النبات نظاماً جذرياً طويلاً يصل طوله لحوالي 4 أمتار في أعماق التربة. حول هذا النبات، شارك في الحديث كل من الخبراء محمد شاهد، وعبد الله جرادات، وراو ناندوري، وجميعهم لهم خبرة في البحوث الزراعية حول البذور والنباتات والتملح، وطرق إحلال ما يمكن أن يحسن التربة ويساهم في إيجاد بيئات زراعية تعطي محاصيل غير مكلفة، وتوفر المياه وتتحمل الحرارة والملوحة، وقد بدأ الحديث محمد شاهد والذي يقول: تبلغ إنتاجية المحصول في الأراضي القاحلة 500 كيلو جرام في الهكتار، بينما تبلغ الإنتاجية في الأراضي المروية أكثر من 1000 كيلو جرام في الهكتار، ويمكن أن تتضاعف هذه الإنتاجية باتباع الممارسات الزراعية المحسنة، وتعتبر المكسيك أكبر منتج لبذور القرطم، تليها الهند التي يوجد فيها أكبر مساحة مزروعة في العالم، كما تعتبر الولايات المتحدة الأميركية وكازاخستان وإثيوبيا والصين من البلدان الأخرى المنتجة للقرطم بكميات وفيرة أيضاً. ويكمل شاهد: يعتبر القُرطم من المحاصيل المقاومة للجفاف وينمو بشكل جيد في المناطق الجافة أو شبه الجافة، طالما توافرت الرطوبة المناسبة عند الزراعة، ويتمتع النبات بجذور قوية وعميقة ومنتشرة، قادرة على اختراق التربة لتسهيل حركة الماء والهواء فيها، كما يتحمل النبات فترات الجفاف الطويلة، من خلال امتصاص المياه من باطن الأرض حتى عمق أربعة أمتار، كما تمثل الملوحة أحد العوامل البيئية التي تشكل تهديداً كبيراً لنمو المحاصيل المختلفة، حيث تحد ملوحة التربة والمياه من إنتاج المحاصيل بشكل كبير، خصوصاً في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، لكن القرطم يتحمل مستويات الملوحة المعتدلة والمرتفعة، فهو يتحمل الملوحة أكثر من محصول القمح، كما يماثل محصول الشعير في تحمله للملوحة، ولذلك يمكن زراعته في الأراضي المالحة. بديل الزعفران عبدالله جرادات يقول: يمكن الاستفادة من الأزهار «البتلات» لأغراض مختلفة أيضاً، حيث تستخدم بتلات القرطم بديلاً غير مكلف للزعفران لتشابههما في اللون والنكهة، وحيث إن الألوان الصناعية والأصباغ تشكل خطراً على الصحة، لذلك يمكن استبدال بعض منها ببتلات القُرطم الجميلة، التي كانت تستخدم في الماضي لصبغ الأقمشة وغيرها، كما تمتلك بتلات النبات بعض الخصائص الطبية لعلاج ارتفاع ضغط الدم والروماتيزم والتهاب المفاصل والعقم، وبعض الأمراض الأخرى، كما تتمتع أزهار القرطم بألوان جذابة يمكن استخدامها للأغراض التجميلية، وتحضير الزهور المجففة أيضاً، بالإضافة إلى فوائدها الكبيرة في استخراج الزيوت منها. ويضيف جرادات: في أوروبا على سبيل المثال، تبلغ تجارة زهور القرطم ملايين الدولارات سنوياً، لذلك بدأت الصين والهند وإيران والولايات المتحدة الأميركية مؤخراً، إنتاج الأنواع عديمة الأشواك من النبات لاستخدامها في تجارة الزهور، بالإضافة إلى استخدام بذورها لإنتاج الزيوت، ويستخدم القرطم أيضاً محصولاً علفياً، حيث يمكن استخدام الأنواع عديمة الأشواك لتغذية حيوانات المزارع، كما يمكن أيضاً استخدام الأنواع الشائكة في مرحلة مبكرة قبل نمو الأشواك لتغذية الحيوانات، ويستخدم النبات الأخضر لتصنيع السيلاج العلفي ذي القيمة الغذائية المرتفعة، والذي يسهم إلى حد كبير في زيادة خصوبة الأغنام. تنوع سلالاته الدكتور راو ناندوري، يؤكد : يحتوي بنك المصادر الوراثية النباتية في المركز الدولي للزراعة الملحية على 640 سلالة من نبات القرطم، وتنتمي إلى 20 بلداً من مختلف أنحاء العالم، وقد بدأ خبراء المركز تنفيذ مشاريع بحثية شاملة عليها، منذ عام 2000 لدراسة 20 مجموعة من الخصائص الفسيولوجية والظاهرية، لتصنيف السلالات ذات الاستخدامات التجميلية والعلفية والمنتجة للزيوت، بالإضافة إلى تحملها للملوحة، وأظهرت النتائج تنوعاً كبيراً لسلالات القرطم، خصوصاً بين السلالات التي منشأها الشرق الأوسط». ويضيف ناندوري: يعتبر الشرق الأوسط، الموطن الأصلي للنبات، وتسهم أبحاث المركز المستمرة على المحصول في إدخاله محصولاً متعدد الاستخدامات، كما يمكن لبرامج تربية النبات الاستفادة من التنوع الوراثي الكبير له في استنباط أصناف ذات صفات ملائمة لمختلف البيئات الزراعية، بما في ذلك منطقة الخليج العربي، ويقدم المركز الدولي للزراعة الملحية بذور القرطم للباحثين الزراعيين محلياً وعالمياً، حيث وزع أكثر من 450 عينة مختلفة من البذور، لمراكز البحوث الزراعية الوطنية والدولية في مختلف أنحاء العالم، لاختبارها في مختلف البيئات، خصوصاً البيئات المالحة. ويضيف ناندوري: يتمتع نبات القُرطم بحماية طبيعية من الطيور والقوارض والحيوانات الأخرى التي تهاجم المحاصيل المختلفة، بسبب الأشواك التي تحيط به، لذلك ينمو في تلك المناطق بسهولة وبأقل عناية، وتؤدي زراعته بين محاصيل الحبوب إلى تقليل إصابة هذه المحاصيل بالأمراض المنتشرة بينها، مثل تعفن تاج أو جذور النباتات، وذلك بسبب عدم نقله هذه النوعية من الآفات، كما تساهم زراعته في مناطق زراعة محاصيل الحبوب في تقليل تكاليف حرث وتجهيز الأراضي. وتحتوي بذور القرطم على ما نسبته من 24 إلى 36 في المائة زيوت، وهي عديمة النكهة واللون، وهي تماثل في جودتها زيت دوار الشمس، وتحتوي على أحماض دهنية غير مشبعة بحوالي ثمانين في المائة، كما يحتوي على حمض اللينوليك، ولذلك يعتبر مناسباً لإنتاج السمن وزيت الطعام، كما يستخدم في إنتاج مستحضرات التجميل، وفي الأصباغ ومواد التشحيم والنفط الحيوي. كما يعتبر مماثلاً لزيت الزيتون، وبذلك يكون مناسباً للقلي، وقد كشفت الدراسات العلمية المختلفة أن استخدام زيت القُرطم يومياً، يساهم في تخفيض نسبة الدهون في الجسم وزيادة وزن العضلات، كما أنه يساعد على تحسين نسبة السكر في الدم وتشكيل البروتين، وتستخدم بقايا البذور بعد استخراج الزيت منها لتغذية الدواجن والماشية، لاحتوائها على نسبة بروتين عالية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©