سياحة أبناء العم

هناك صورة راسخة في الأذهان في الوطن العربي عن السائح بصفة عامة·· إنه ذلك الشخص صاحب الشعر الأصفر والعيون الزرقاء، الذي يتحدث بلغة أجنبية··! وهذه الصورة الملازمة لكلمة السائح طبيعية، فقد كانت صناعة السياحة لفترات طويلة في الوطن العربي تعني الرجل القادم من دول أوروبا· ومع مرور الوقت تغيرت الصورة قليلاً، وصارت الكلمة مرتبطة أيضا بالسائح القادم من آسيا، ثم السائح العربي، إلا أنها لاتزال متلازمة لأول وهلة مع ذلك السائح الأوروبي ولانزال نجد صعوبة في إطلاق كلمة السائح على الشقيق العربي، فهو بالنسبة إلينا ابن العم القادم لزيارة بلاده··! وهذا التصور يجعل بعض الهيئات السياحية في الوطن العربي لا تلتفت كثيراً للسائح العربي، ولا تبذل الجهود نفسها أو تنفق الأموال نفسها للترويج في المنطقة العربية مثلما تنفق على السائح الغربي أو الشرقي، باعتبار أن ابن العم يعرف كل شيء عنا، ولا يحتاج إلى دعاية وترويج مثل السائح الأجنبي، وهي بذلك تقع في خطأ كبير من وجهة نظري· لهذا اعجبني اهتمام هيئات السياحة الإماراتية بالسائح العربي بشكل عام، والخليجي بشكل خاص حتى أن تصريحات المسؤولين في هيئة سياحة أبوظبي خلال سوق السفر العالمي في لندن، لم تغفل السائح الخليجي على الرغم من أننا كنا في قلب أوروبا· وقد أكدت هذه التصريحات أن هناك حملات ترويجية لجذب السائح الخليجي فضلاً عن دراسات تتم حالياً لمعرفة احتياجاته لتوفيرها، وهذا الاتجاه المحمود لابد وأن يجد كل الدعم من الجهات كافة، وإذا كانت هيئة سياحة أبوظبي تقوم بواجبها ودورها في جذب السائح الخليجي وتوفير احتياجاته، وتهيئة أجواء سياحية تناسبه، فلابد أن تشارك جهات أخرى في هذا العمل، نظراً لأهمية السائح الخليجي في تطور السياحة المحلية · على سبيل المثال لابد من العمل على تطوير الطرق البرية التي تربطنا بدول الخليج، وتوفير الخدمات والاستراحات لتشجيع السائح الخليجي الذي يفضل استخدام سيارته في كثير من الأحيان، ولابد أيضاً من التفكير في افتتاح خطوط طيران منتظمة بين أبوظبي ومدن خليجية جديدة غير تقليدية، لتشجيع نوعيات جديدة من السياح على زيارتها، ولابد من العمل على وضع جداول سنوية ثابتة تتناسب مع مواسم الإجازات الخليجية والعربية لإقامة مهرجانات واحتفالات تناسب العائلات العربية· فسياحة أبناء العم ليست ترفاً، وليست مجاملات بين الأشقاء، ولكنها هدف مهم لسياحتنا، فهي خط الدفاع السياحي الأول في حال تعرض صناعة السياحة في العالم لأي هزات، وهي المصدر الرئيسي خلال فترة الصيف التي تقل فيها أعداد السياح الأجانب، إضافة إلى ارتفاع معدل إنفاق السائح الخليجي، فهو الأقرب إلينا مهما حققنا من إنجازات في الأسواق العالمية· إبراهيم الذهلي رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية