الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإنفاق العسكري.. وجهوزية الردع

21 سبتمبر 2014 00:15
ربما تواجه الولايات المتحدة الآن أكثر البيئات الأمنية تعقيداً وتذبذباً منذ الحرب العالمية الثانية، ولعل ذلك هو ما تذكرنا به كافة الأحداث العالمية المأساوية التي وقعت خلال الصيف الجاري، من تفاقم خطر تنظيم «داعش»، والغزو الروسي لأوكرانيا، والحرب بين «حماس» وإسرائيل، والمواجهات العنيفة والضربات الجوية في ليبيا، والتوترات المتواصلة في شبه الجزيرة الكورية وفي بحري الصين الجنوبي والشرقي. وقد أفضت تلك الأحداث إلى دعوات متكررة للقيادة الأميركية كي تبقي على نظام عالمي يرتكز على قواعد من شأنها تعزيز الأمن والرخاء الأميركي. ولكن انتباهاً ضئيلاً فقط أعطي للتأكيد على وجود جيش قوي وجاهز قادر على ردع المعتدين، وطمأنة الحلفاء، وضمان أن أي رئيس أميركي حالي أو مستقبلي لديه الخيارات التي سيحتاجها في عالم يزداد خطراً. وقد توصلت «لجنة الدفاع الوطني»، المشكّلة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ويشرف عليها الكونجرس، في تقريرها الأخير إلى أن قانون «ضبط الموازنة» الذي تم إقراره عام 2011، كان «خطأ استراتيجياً فادحاً»، كبّل أيدي قادة «البنتاجون» بشكل كبير، وأجبرهم على إجراء تخفيضات تقشفية واسعة النطاق في النفقات الدفاعية، وهو ما يعرض البلاد إلى مخاطر استراتيجية تراكمية. وأكد التقرير أنه من دون تخفيف القيود على الموازنة، فإن القوات المسلحة الأميركية سرعان ما ستتعرض لخطر كبير يتمثل في عدم قدرتها على إنجاز استراتيجية الدفاع الوطني. وقد أسفرت أحكام قانون «ضبط الموازنة» بالفعل عن أزمة جهوزية داخل القوات المسلحة الأميركية، تاركة قليلاً من ألوية الجيش مستعدة للاستجابة في حالة الأزمات، ولاسيما أن الطيارين في القوات الجوية يعجزون عن الطيران ساعات كافية للحفاظ على مهاراتهم، وتعجز السفن التابعة لسلاح البحرية عن ضمان التواجد الأميركي الأمني في المناطق المهمة. وعلى رغم أن اتفاق الموازنة الذي أقره الكونجرس العام الماضي خفف بعض القيود بصورة مؤقتة، ولكن العودة إلى التقشف في موازنة عام 2015 وما بعده ستسفر عن قوة خائرة تذكرنا بنهاية حقبة السبعينيات. والجيش الأميركي أداة لا يمكن الاستغناء عنها في تعزيز العناصر الدبلوماسية والاقتصادية والاستخباراتية التي تشكل قوتنا الوطنية، فهو يحافظ على بقاء طرق التجارة الرئيسة مفتوحة، ويحفظ الاستقرار في المناطق الحيوية ويعزز التحالفات التي تخدم المصالح الأميركية والعالمية. ولهذا السبب حضّت «لجنة الدفاع الوطني» -وهو ما نكرره اليوم- على أن يبطل الكونجرس والرئيس قانون ضبط الموازنة فوراً، ومن ثم العودة -على أقل تقدير- إلى تمويل المستويات التي اقترحها وزير الدفاع السابق «روبرت غيتس» في ميزانية عام 2012. والتي طالبت بزيادات طفيفة في الإنفاق الدفاعي خلال ما تبقى من العقد الجاري بهدف تعزيز البرنامج الدفاعي. ويزعم التقرير أنه من أجل مجابهة التحديات المتزايدة في البيئة الأمنية العالمية المتدهورة، لابد أن يكون الجيش الأميركي قادراً على ردع أو وقف العدوان في جبهات متعددة، وليست جبهة واحدة، حتى عندما يكون منخرطاً في حرب واسعة النطاق. ويتطلب ذلك بصورة عاجلة التعامل مع حجم وشكل قواتنا المسلحة كي يمكنها حماية وتعزيز مصالحنا على الصعيد العالمي، وتوفير القدرات الضرورية لخوض الحروب من أجل تأكيد مصداقية القيادة واستراتيجية الأمن القومي الأميركية. وسواء تعلق الأمر بمواجهة تهديد «داعش»، أو طمأنة الحلفاء في آسيا، يجب أن تتوافر الخيارات أمام الرئيس، وتحتاج وزارة الدفاع إلى مرونة كي توفر أفضل البدائل التي تؤمن مصالحنا. ومن ثم، لابد أن يُعفى «البنتاجون» من تخفيضات الميزانية التي حدثت خلال الأعوام القليلة الماضية، ومن القيود على صلاحياتها في إجراء التخفيضات التقديرية التي تكون مطلوبة بدرجة كبيرة وأقل ضرراً على الأمن القومي الأميركي. يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©