الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهمة أميركية جديدة في الشرق الأوسط

مهمة أميركية جديدة في الشرق الأوسط
21 سبتمبر 2014 00:15
إليكم السيناريو- الكابوس الذي قض مضاجع مسؤولي إدارة أوباما ومنع عنهم النوم في إحدى ليالي الصيف الجاري وهم يعاينون كيف اكتسحت ميلشيات «داعش» مناطق عراقية، فقد بات المسلحون أولاً على مرمى حجر من بغداد وربما يخلونها لإسقاط الحكومة العراقية، مكررين مشهداً مشابهاً لإخلاء السفارة الأميركية في سايجون بفيتنام، ثم إنهم قد يستهدفون بعض الدول الأخرى، الحليفة لواشنطن، ودولاً أخرى تعتبر حجر الرحى في أسواق النفط العالمية. وبالنسبة لأغلب الأميركيين تظل «داعش» هي ذلك التنظيم المروع الذي يمثل تهديداً إرهابياً باعتباره نسخة أكثر تطرفاً من «القاعدة»، بعملياته المرعبة وبذبحه لمواطنين أميركيين، وهي صورة سعى أوباما لتأكيدها في الخطاب الذي أطلق فيه حملته ضد «داعش». ولكن التنظيم أخطر من ذلك، إنه جيش من المتمردين دحروا وحدات عسكرية تقليدية في كل من سوريا والعراق وتضاعف عددهم بعد استيلائهم على السلاح وتجنيدهم للمزيد من العناصر، بل إن هذا التنظيم الإرهابي استطاع بسط السيطرة على مناطق شاسعة وإدارتها وهو ما لم يتأتَ لتنظيم «القاعدة» من قبل. وهذا التطور يجعل «داعش» خطراً محدقاً يطال معظم دول الشرق الأوسط تقريباً، فيما المنطقة تشهد أصلاً حالة من التخبط وعدم الاستقرار، بالإضافة إلى احتمالات الإرهاب المستقبلية، وهي الأمور التي دفعت أوباما -وليس فقط بسبب عمليات الذبح والقتل الجارية في العراق- لإطلاق حملته العسكرية الموسعة التي أعلن عنها في الأسبوع الماضي. وفي ضوء كل ذلك يظل الشرق الأوسط منطقة مهمة للولايات المتحدة، بل إنه لم يتوقف عن شغل المسؤولين الأميركيين، على رغم كل الحديث عن إدارة الظهر لمشاكل المنطقة والتوجه نحو مناطق أخرى. والسبب ليس فقط النفط، أو حتى إسرائيل، ومسعى محاربة الإرهاب، وإن كانت هذه العوامل مهمة في حد ذاتها، بل يكمن السبب الحقيقي لهذا الاهتمام المتجدد بعد أكثر من عقد من الحروب والثورات في أن النظام الإقليمي القديم للشرق الأوسط ببعض حكوماته غير الفعالة وغير الكفؤة، بدأ في الانهيار. فمع أن عقداً كاملاً من الحروب والانتفاضات الشعبية أضعف بعض الأنظمة في المنطقة، وأحياناً أطاح بها، إلا أنه لم يستبدلها بأنظمة أخرى فعالة وقادرة على فرض الاستقرار. ولم ينفع حتى الصعود الوجيز لحركات التغيير في بعض الدول خلال ما سمي «الربيع العربي» في معالجة إشكال المنطقة، بل على العكس من ذلك شرع الأبواب أمام حركات الإسلام الراديكالي المتطرفة، والانقسامات الطائفية والعشائرية. وما الإرهاب الذي نخشاه اليوم سوى نتيجة لهذه الفوضى التي ضربت الشرق الأوسط، ليبقى الهدف الاستراتيجي على المدى البعيد بالنسبة لأي رئيس أميركي وفقاً لمارتن إنديك، الذي شغل منصب كبير مفاوضي الشرق الأوسط في إدارة أوباما، هو «إقامة نظام جديد». وبالطبع لن يكون ذلك سهلاً، لاسيما أن الأميركيين ما زالوا يبكون خسائرهم من المغامرات العسكرية السابقة في العالم العربي، وهم اليوم مصممون على تقليص حضورهم في المنطقة. ولكن يبدو أن أوباما يتفق في الظاهر على الأقل مع هدف «إقامة نظام جديد» في الشرق الأوسط، ويدلل على ذلك أن الجهد الذي يبذله الرئيس في العراق يفوق حملتي مكافحة الإرهاب اللتين اعتبرهما نموذجاً في كل من اليمن والصومال. وفي غضون أسابيع قليلة فقط نشر أزيد من ألف عسكري أميركي في العراق وشن أكثر من 160 ضربة جوية لوقف تقدم «داعش». ويتابع مارتن إنديك موضحاً وعي أوباما بتحولات الشرق الأوسط والحاجة إلى نظام جديد حيث يقول: «لقد قلب الرئيس سياسته الشرق أوسطية رأساً على عقب، ففيما كنا نتهيأ للانسحاب من المنطقة، الأمر الذي أثر على قوة تأثيرنا على باقي الفاعلين، يبدو اليوم أننا نعود مجدداً بتدرج وتردد، ولكن الطريق باتت واضحة». ولعل المثال الأبرز على ذلك هو قرار أوباما بإعادة القوات المسلحة إلى العراق، حتى لو كانت مهمتها بعيدة عن المشاركة في القتال. ولكن يبدو أن التغيير في سياسة أوباما الشرق أوسطية لا يقتصر على العراق، بل يمتد أيضاً إلى سوريا، لاسيما فيما يتعلق بكيفية التعامل مع المعارضة المعتدلة التي كان ينظر إليها على أنها عاجزة ومشتتة لتغدو اليوم شريكاً أساسياً لأميركا في المنطقة. هذا ناهيك عن بعث التحالفات التقليدية مثل توثيق التحالف القديم بين الولايات المتحدة وبعض الحكومات السنية المحافظة، وذلك كجزء أساسي من أي استراتيجية أميركية في المنطقة إن هي أرادت أن تتفادى صورة الحملة العسكرية الغربية ضد المسلمين. وحتى عندما نشأ الخلاف بين واشنطن والرياض على خلفية الأحداث في مصر بعد الإطاحة بحكم مرسي، كانت الجولة الشرق أوسطية الأخيرة لوزير الخارجية، جون كيري، بحثاً عن مساعدة دول المنطقة في الحرب على «داعش» كفيلة بتبديد الخلاف. وقد كان لافتاً حضور وزير خارجية مصر في الاجتماع الذي استضافته جدة. والخلاصة أنه في هذه المرحلة التي يبرز فيها خطر «داعش» لم تعد أولوية الولايات المتحدة في العالم العربي هي الديمقراطية، بل عادت إلى الاستقرار، ولئن كان هذا التحول يبدو مألوفاً فلأنه يذكرنا بالسياسات التي انتهجتها أميركا على امتداد نصف قرن كامل قبل غزو العراق في 2003 ونافذة التغيير الضيقة التي فتحتها لفترة وجيزة أحداث ما سمي «الربيع العربي». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©