الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر: تضرر الآثار من عدم الاستقرار

2 سبتمبر 2013 22:24
سيارات محترقة أمام مبنى مجلس محلي متضرر، وأكياس رمل بجوار مدخل نادٍ للضباط، وحواجز بدائية أقيمت في شارع من أحجار الرصف وإطارات السيارات المحترقة تدل عليها أكوام الأسلاك السوداء والرماد. هذا ما تبقى بعد أن هجم حشد مسلح قبل أكثر من أسبوعين على متحف مدينة ملوي بصعيد مصر ونهبوا معظم محتوياته. والمتحف الذي بني على غرار معبد مصري قديم كُسرت نوافذه واحترق عدد من حجراته. وفي الغرفة الرئيسية عالية السقف التي كانت تعرض فيها آثار الأسرة الثامنة عشرة من التاريخ الفرعوني القديم -منذ عام 1350 قبل الميلاد تقريباً- تناثرت شظايا زجاج صناديق العرض. وتقف صناديق العرض المكسورة مائلة أو مقلوبة وقد اختفت محتوياتها فيما عدا شظايا من الفخار القديم. وبطاقات التعريف بالمحتويات المكتوبة بخط اليد مبعثرة وسط الحطام. لقد نُهب المتحف يوم 14 أغسطس، عندما هاجم حشد من الغوغاء الكنائس ومنازل المسيحيين ومتاجرهم ومراكز الشرطة والمؤسسات الحكومية بعد أن فضت الشرطة اعتصامين لإسلاميين متشددين في القاهرة والجيزة بالقوة. وحالة الدمار التي أصابت المتحف تظهر الثمن الذي يدفعه الشعب المصري وتاريخه بسبب الاضطرابات المستمرة منذ ما يزيد على عامين ونصف العام بما في ذلك أحدث حلقات العنف الأخيرة. وقد صرّحت مونيكا حنا المتخصصة في الآثار المصرية، التي تحاول جذب الانتباه إلى ظاهرة نهب وتدمير المواقع الأثرية في السنوات القليلة الماضية، إن قطعاً أثرية مميزة قد سرقت من بين أكثر من ألف قطعة كانت في المتحف. وبعد الهجوم على الفور، سافرت مونيكا إلى ملوي لتنقذ ما تبقى من الآثار. وقالت إن الخسارة لن يشعر بها فقط المؤرخون والأثريون مثلها، بل أيضاً أهالي ملوي نفسها وتلاميذ المدارس وبخاصة الذين كانوا يحبون زيارة المتحف. ومن بين الأعمال التي سرقت، تمثال ابنة إخناتون والد توت عنخ أمون وزوج نفرتيتي. واشتهر إخناتون بأنه أول من نادى بعبادة الإله الواحد وليس مجمع الآلهة المصرية القديم أثناء فترة حكمه بين عامي 1350 و1334 قبل الميلاد. وتميزت الفنون في عصره بتصوير الفرعون والآخرين بملامح مبالغ فيها، في اختلاف كبير عن الفن قبله. وتقول مونيكا إن تمثال ابنة إخناتون المسروق «واحد من الأعمال الفنية الكبيرة النادرة جداً». وسرقت أيضاً أعمال فنية أخرى من الحقبة اليونانية الرومانية ومومياوات لحيوانات وأعمال فنية أخرى نهبت أو تعرض بعضها للدمار. وقد تعرض كثير من المواقع الأثرية في مصر للنهب والدمار منذ الانتفاضة التي أطاحت بنظام مبارك في عام 2011 وفتحت الباب لحالة من الاضطراب الواسع. وليس ببعيد عن ملوي، يأتي ناهبون كل يوم إلى موقع أنطينوبوليس الأثري أو ما يعرف حالياً باسم الشيخ عبادة لينبشوا الأرض بحثاً عن آثار كل يوم. وقال الموظفون إن أفراد شرطة السياحة الذين كانوا يتمركزون خارج المتحف القريب من مقر المجلس المحلي فروا عجزاً أمام الحشد الكبير المسلح. وأطلق المهاجمون النار على موظف بيع تذاكر دخول المتحف وقتلوه قبل الاقتحام ثم حرقوا غرف الإدارة ونهبوا المتحف. وقال نزيه حسني الموظف في المتحف إن المهاجمين أخذوا 1043 قطعة تاركين وراءهم أقل من 50 قطعة فقط من القطع الكبيرة التي لم يستطيعوا حملها فكسروها. وأكد أن الناهبين سرقوا المتحف خلال الليل، وأن قوات الأمن لم تتدخل على رغم أن المتحف لا يفصل بينه وبين مركز الشرطة إلا مبنى واحد. ومن جانبها أكدت مونيكا أنها قررت الذهاب إلى ملوي عندما أدركت أن السلطات لم ترسل أي أحد لإنقاذ ما تبقى. وعندما وصلت أبلغتهم أنها لن تغادر قبل نقل الآثار ووضعها في مكان آمن. وساعدت شرطة السياحة والآثار في نقل الأعمال الأثرية في اليوم التالي واستطاعت إنقاذ توابيت ومومياوات لحيوانات وبشر وأوراق بردي وغيرها. ولكن الكثير من الأعمال الأخرى لم يسرق فحسب بل تم تدميره. وقالت إيرينا بوكوفا مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) في بيان بشأن الهجمات على المؤسسات الثقافية في مصر إنها تمثل «ضرراً لا يمكن إصلاحه لتاريخ وهوية الشعب المصري». وعرضت المنظمة مساعدة السلطات المصرية لمنع الاتجار بالمسروقات الأثرية خارج مصر. وأعلنت الشرطة أن من يرد المسروقات فلن يُلاحق قانونياً وتمت استعادة 131 عملاً على الأقل حتى الآن. ولكن داخل المتحف، وقف الموظفون يراقبون المكان المنهوب وهم حزانى على فقدان زميلهم وعلى الأعمال المفقودة. وقال موظف يدعى مجدي تهامي «كل من يأتي إلى هنا يتحدث عن الآثار ولا أحد يذكر اسم الفقيد... اكتبي اسمه: سامح أحمد عبد الحافظ». كريستن تشيك مَلَّوي، مصر ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©