الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من ملامح الصورة الفنيّة في بعض الأحاديث النبويّة

من ملامح الصورة الفنيّة في بعض الأحاديث النبويّة
1 ديسمبر 2010 19:56
القرآن الكريم المُعجز دستور المسلمين الذي أنزله الحقّ تعالى على نبيّه المصطفى المختار سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، والسنة المحمّدية الشريفة الأحاديث النبوية الشريفة التي يعتمد عليها المسلمون في بيان الأحكام المستمدة من القرآن العظيم والحديث الشريف. والحديث النبوي هو ما ورد عن رسول الإسلام محمّد عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو صفة خُلقية أو سيرة سواء قبل البعثة ـ أي بدء الوحي والنبوة ـ أو بعدها حسب الدين الإسلامي. وقد اهتم المسلمون بحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم وتدوينه والعناية به، ونشأت علوم كثيرة ومتنوعة، منها” علم أصول الحديث”، وبه يكون الدليل على ما يقبل وما يترك من أحاديث، ومعرفة رواتب نقلة الحديث من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، والتفاوت بينهم، والتفاوت في الأسانيد من حيث الاتصال أو الانقطاع والسلامة من العلل، ومصطلح الحديث لمعرفة مرتبة الحديث ومعرفة طريقة أخذ الحديث بين الرُواة، ودراسة ألفاظ تقع في متنِّ الحديث من حيث الغرابة والإشكال. وعلم دراية الحديث هو: علم تتعرف منه أنواع الرواية، وأحكامها، وشروط الرواية، وأصناف المرويات، واستخراج معانيها. وقد قيل في فضل الحديث النبويّ الشريف: “إن العالم لا يطلق يوم القيامة إلاّ على المُحدث وأما غيره فيتميز بعمله إن كان له عمل، ويُحشر في عموم الناس، وأما أهل الحديث فيحشرون مع الرُّسل وهم ورثة الأنبياء”. وقد اهتم العلماء المسلمون بتدوين الحديث الشريف، وهناك تسعة كتب للسُنة هي: “صحيح البخاري، صحيح مُسلم، سُنن النسائي، سُنن أبي داود، سُنن ابن باجة، مُسند احمد، وموطأ مالك، وسُنن الدارمي”، كما توجد شروح لها وهي: “فتح الباري شرح صحيح البخاري، صحيح مُسلم بشرح النووي سُنن النسائي، شرح السيوطي وحاشية السندي، سُنن ابن ماجة بشرح السندي، والمنتقى شرح موطأ مالك”. من هذا المنطلق ولأهمية الحديث النبوي الشريف عند المسلمين عقد الشاعر والباحث العراقي محفوظ فرج إبراهيم موضوعات كتابه الصادر في بغداد والموسوم بـ”من ملامح الصورة الفنيّة في بعض الأحاديث النبوية” ليوضح من خلالها لبعض الملامح والصور الفنية من خلال التشبيه، والاستعارة، والطِباق، كما وجد للموسيقى الداخلية أثر في التسامي بالصورة من خلال التوازي الصرفي، وتداعي الحروف في الأحاديث النبوية الشريفة. وأشار في مقدمة كتابه إلى أنّه درس هذا الموضوع: “لأنّ الدراسات قليلة ونادرة في تتبع البناء الفني والصورة الفنية في الحديث الشريف”، وقد اعتمد في صحة رواية الحديث النبوي الشريف على الأحاديث المرويّة في الصحيحين للإمامين البخاري ومُسلم، أما مصدره الوحيد في الدراسة ـ الكتاب ـ فهو كتاب “رياض الصالحين من كلام سيّد المُرسلين” للإمام النووي. ملامح أسلوبيّة استشهد محفوظ فرج لست وعشرين حديثاً من الأحاديث النبوية الشريفة، وجاءت عنوانات تلك الأحاديث التي خضعت للدراسة على النحو الآتي: “ملامح أسلوبية، ثنائية الصورة، مستويات الصورة، الصورة البلاغية، التجليات الفنية، التوازي والأضداد، التداعيات الفنية، المشاهد المترامية، المعادل الموضوعي، الحدود الواضحة، المقابلة، الارتقاء الفني، الوحدة الموضوعية، اختصار الرؤية، التسامي، الدهشة، الأنماط الفنية، الصورة في المثل، البناء الفني، التجسيد الفني، السرد القصصي، الوضوح والبيان، الهدف التربوي، وحدة الصياغة، أسلوب الإنشاء، وأخيراً بلاغة الإشارة”. ونشير إلى دراسة الحديث الشريف الأول في كتاب محفوظ فرج: “ما من مُسلم يغرس غرساً إلاّ كان ما أُكل منه له صدقة، وما سُرِق منه له صدقة، ولا يرزؤهُ أحدٌ إلاّ كان له صدقة”. حيث أوضح للملامح الأسلوبية لهذا الحديث الشريف من أنّ فصاحة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وسلّم تتفوق على الصور المجازية، من خلال دقة في التعبير بوضعه الجملة الموضع الذي يتطابق مع مقتضى الحال، لتتحول إلى صورة يتلقفها السامع والقارئ كما في قوله “ما من مُسلم يغرس غرساً إلاّ كان ما أُكل منه له صدقة، وما سُرِق منه له صدقة”. ثنائية الصورة أما الحديث الشريف: “إنّ مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنّما هي قيعان لا تُمسك ماءً ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فَقُه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسِلت به”. فيرى المؤلف في هذا الحديث الشريف صوراً متعددة تنطلق تفرعاتها المًحَسّة وغير المُحَسّة بدقة مُتناهية لا مثيل لها عندما جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نفسه من الهدى والعلم بمنزلة الغيث في نزوله على الأرض. أما ثنائية الصورة في الأرض، فتندرج في: طائفة طيبة، وطائفة منها أخرى إنما هي قيعان، في حين ثنائية الصورة في طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تُمسك ماءً ولا تنبت كلأ مثل: مَن فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله فعلم وعلّم، ومثل مَن لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به. أما الحديث النبوي: “إيّاكم والحسد فإنّ الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، إنّما أهلك الذين من قبلكم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ”. فتبرز التداعيات الفنية وأول هذا التكثيف، والإيجاز في جملة “إيّاكم والحسد” كان الحذف من ملامح الدقة، والبلاغة إذ نرى في “إيّاكم” حذف الفعل، وفاعله وجوباً، وكذلك “الحسد”، والتقدير أحذر وإيّاكم وتجنبوا الحسد، كما أنّ “الكاف” تكرر ثلاث مرّات في “إيّاكم، يأكل، تأكل”، و”الحاء” تكررت أربع مرات “الحسد، الحسد، الحسنات، الحطب”، و”النون” تكررت ثلاث مرات “إن، الحسنات، النار”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©