الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استخدام متطرفين منابر الإعلام بين الحريات والاستغلال

استخدام متطرفين منابر الإعلام بين الحريات والاستغلال
21 سبتمبر 2014 20:55
كثيرة هي الفترات في التاريخ المعاصر التي جرى خلالها استخدام وسائل الإعلام كمنبر فعال للقائمين على عمليات الخطف أو العنف الدموي. وتنقسم الآراء حول الموقف من هذا الأمر بين مؤيدين ومعارضين، فمنهم من يرى ضرورة وقف استغلال الإرهاب للإعلام بشكل قاطع، ومنهم من يعتبر أن الإعلام يلعب دور قناة لا بد منها لأجل التخاطب والتفاوض، وأنه لا يجب بالتالي حرمان أحد من استخدام حرية الإعلام، بما في ذلك حق المخطوفين وأهاليهم بأن يكونوا جزءاً من هذا التخاطب. حرية الوصول بعدما اُستخدمت وسائل الإعلام على نطاق واسع عمليات خطف رهائن أجانب في المنطقة في فترة الثمانينيات من القرن الماضي في قضية الصراع العربي الإسرائيلي ومناصرة القضية الفلسطينية، برزت أصوات بعض الإعلاميين الغربيين التي طالبت بحرمان الخاطفين، أو من أسموهم «إرهابيين»، من حرية الوصول إلى منافذ الوسائل الإعلامية، ومن هؤلاء على سبيل المثال، مراسل صحيفة «واشنطن بوست» ديفيد برودر، الذي وصف التغطية الإعلامية للعمليات «الإرهابية» بمكافأة لهم على أفعالهم. واعتبر أنها تؤدي إلى نوع من التفهم لمطالبهم وشعاراتهم، وتجعلها جزءاً من أمر واقع لا فكاك منه. لكن مثل هذا الرأي أصبح الآن متعذراً أكثر في ظل الحرية الواسعة، التي منحتها شبكة الإنترنت لمختلف المستخدمين، بمن فيهم القائمين على أكثر أنواع العنف دموية، حيث بات بوسع المتطرفين نشر أفكارهم وبياناتهم وتصريحاتهم وكتبهم وأفلامهم وتسجيلاتهم من دون حدود، وعلى امتداد العالم بسهولة ويسر غير مسبوقين. وحتى لدى من يقدر عاليا دور الشبكات الاجتماعية في بعض التغيرات الإيجابية. وأخذ استخدام التطرف لهذه الشبكات يثير استياء واسعا. بهذا الصدد، يقول الباحث المختص بشؤون الإعلام السياسي والدعاية الدكتور خالد العزي إن «الآثار النفسية للصور المروعة التي تنتشر كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي ستترك أثرها فيما بعد على أشخاص كثيرين مهما كانت حالة التأجيل»، معتبرا أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت «مصدراً من مصادر نقل العنف المباشر وتصفية الحسابات، والتي تتطور كل يوم بشكل سريع، ولا سيما على صعيد نقل الأخبار والصور من مختلف بقاع الأرض، حيث تقوم بنقل الواقع المعاش في تلك البقاع مع ما يحمله من حسنات أو سيئات، وأحياناً من دون رقيب أو حسيب، أو حتى أي مراعاة للشعور الإنساني، وما ينتج عن ذلك من أذى نفسي للشخص المتلقي». اتساع النطاق لا يتوقف هذا الاستياء على آراء بحثية أو فردية، فقد دفع اتساع نطاق استغلال الشبكات الاجتماعية بالكثير من الأقلام في مؤسسات رصينة إلى رفع الصوت عاليا لمواجهة ما بلغته الأمور، وتحدثت صحيفة الاقتصادية، في افتتاحيتها في 7 أبريل الماضي، تحت عنوان «العنف يتنفس من خلال شبكات التواصل الاجتماعي» عما أسمته «فئة ضالة تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي لبث رسائل تحريضية»، معتبرة أن «مهمة الأجهزة الأمنية أن تتحرى الحسابات التحريضية والتكفيرية لوضع حد لها، لأن شبكات التواصل الاجتماعي وُضعت لفائدة المستخدمين وليس لما يلحق الضرر بأمن المجتمع ومصالحه وحياة كل فرد فيه»، مشيرة إلى ما هو أخطر من ذلك حيث إن بعض تلك الحسابات «تستخدم للترويج للجهاد وتبادل المعلومات وتنفيذ عمليات إرهابية وتمرير الأخبار والمعلومات، حيث يظهر التزاوج بين شبكات الإنترنت والإرهاب والجريمة المنظمة، التي أصبحت تجد لها فضاء واسعاً تسبح فيه بلا قيود أو معوقات، ليكون الفضاء الإلكتروني أخطر الأسلحة فتكاً وتأثيراً في المجتمع، بل يتحول الإنترنت إلى عنصر فاعل ومساعد قوي للأعمال المخالفة للشرع والقانون». ومن المفارقات شديدة الدلالة تمسك البعض بالسكوت عن استغلال الإنترنت بهذا الشكل الخطر في وقت تجيز فيه أكثر الأنظمة «ديمقراطية» التدخل، والحد من حريات استخدام الإنترنت في قضايا كثيرة قد تكون أقل خطورة أو اتساعا، مثل عنف المراهقين أو الجرائم الإلكترونية المالية والجنائية والإجرامية، وليس أدل على ذلك من تكثيف أجهزة الشرطة والأمن في الكثير من هذه الديمقراطيات لمكافحة ما تسميه العنف المنتشر بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال عدد متزايد من المراهقين الذين ينشطون على سبيل المثال في قضايا تستهدف سرقة منتجات مثل هواتف آيفون أو أجهزة الآيباد اللوحية. (أبوظبي - الاتحاد) تساؤل مشروع إذا كان من الجائز لمثل هذه الدول الديموقراطية ملاحقة مراهقين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي لنشر تهديدات بالقتل أو صور لإثارة الفزع، يصبح من المثير حقا الدفاع، باسم حريات التعبير والإنترنت، عن حق استخدام تنظيمات تطرف إقليمية أو عالمية لمثل هذه الشبكات من أجل زرع الرعب الجماعي والتهديد بمزيد من عمليات الخطف والذبح والقتل، وابتزاز مجتمعات بأكملها أصبحت تعيش حاليا كوابيس ليلية ونهارية بفضل مثل هذه الحريات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©