الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا تبخسوا مصر حقها

8 فبراير 2017 22:48
لم يكن هذياناً أن أعلّق كل الآمال على المنتخب المصري ليكون الأقدر بين سفراء كرة القدم العربية في مونديال أفريقيا بالجابون، على رفع التحدي واختراق الأدغال للمنافسة على التاج الأفريقي، لقد كنت في ذلك مستنداً إلى ذاكرة التاريخ القريب والبعيد، أسستُ هذا الاعتقاد الجازم على معطيات فنية وذهنية أبداً لا تكذب، وكنت موقناً من أن ما تفرق في كل منتخبات عرب أفريقيا تجمَّع في فراعنة النيل، إذ رغم أن منتخب مصر تخلَّف عن الدورات الثلاث التي سبقت نسخة الجابون لإكراهات كثيرة، فإنه كان يبرز بقوة مرجعيتَه كرقم صعب في معادلة السباق نحو اللقب القاري. وأبداً لم تشذّ دورة الجابون عن القاعدة، فقد كان منتخب مصر أميناً على الحلم العربي الجميل الذي سيغطي على كوابيس المنتخبات العربية الثلاثة، فرغم أن النجمة الثامنة سقطت من بين يديه في نهائيٍّ غريب الأطوار أمام الكاميرون، فإنه نجح بامتياز في تشريف الكرة العربية في الاستحقاق الأفريقي. وكان الأكثر إيلاماً للذات أن أجد بعضنا قد ذهب تحت تأثير الإحباط بعد ضياع اللقب من المنتخب المصري إلى الحديث عن نوبات الحظ وعن كل ما يتعلق به المهزوم نفسياً من أوهام لتصريف الحزن، بل إن بيننا من شن غارات نقد قوية على المدرب هيكتور كوبر بسبب أنه أسقط عقدة إدمان الفشل في النهايات على منتخب مصر، الأمر الذي ما حدث معه منذ نهائي عام 1963 أمام إثيوبيا. لا حق لأحد أن يجرد هذا المنتخب المصري من النفحة الأسطورية التي صدّرها من الجابون، وهو يغالب الكثير من الإكراهات من أجل أن يقدم نفسه فارساً للدورة بعد سقوط أبطال مفترضين مثل الجزائر وكوت ديفوار والسنغال، لا حق لأحد أن ينفي عن لاعبي مصر صفة البطولية، التي كشفوا عنها وهم يتصدرون مجموعتهم ويتقدمون للمباراة النهائية بعبور دورَي الربع والنصف بكل حرفية. قد نسائل هيكتور كوبر عن نهجه التكتيكي الذي اختاره لمنتخب مصر في هذه الدورة تحديداً، والتي جعلته يتمرد على الاستحواذ وعلى صناعة فرص التهديف حتى الإسهال، ويفرض عليه اصطياد الأهداف من أنصاف الفرص، وقد نسائل الطاقم الفني على الاستنزاف الذي حدث للمخزون البدني، فجرّد اللاعبين من كل قدرة على ترويض أسود كاميرونية هائجة في الجولة الثانية للنهائي، إلا أننا نرفع القبعة وننحني إجلالاً لفراعنة النيل الذين علَّمونا كعرب أن نرفع الرؤوس في كل كأس أفريقية صبّوا فيها رحيقهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©