الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تراهن على استثمارات القطاع الخاص بتعديلات تشريعية وتنقية أسواق العمل والمال

الحكومة المصرية تراهن على استثمارات القطاع الخاص بتعديلات تشريعية وتنقية أسواق العمل والمال
21 سبتمبر 2014 21:40
جاء انعقاد مؤتمر «اليورومني»، الذي استضافته القاهرة الأسبوع الماضي، وسط أجواء متفائلة بمستقبل الاقتصاد المصري على ضوء التطورات الإيجابية المتلاحقة ليبرهن مجدداً على الثقة المتزايدة من جانب المستثمرين الأجانب بمستقبل هذا الاقتصاد. وتزامن مع فعاليات المؤتمر الإعلان عن تمام الاكتتاب في شهادات استثمار قناة السويس ليحّصل 64 مليار جنيه في ثمانية أيام فقط، الأمر الذي عزز من قناعة المشاركين في المؤتمر خاصة من الشركات والبنوك الأجنبية بعدم وجود مشكلة تمويل حقيقية في مصر، لأن ثمة سيولة هائلة متوفرة في السوق كلها تبحث عن توظيف جيد في مشروعات مدروسة بعناية. كما تزامن مع ذلك إعلان عدد من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تبرهن على بدء تعافي الاقتصاد الكلي، ومنها تراجع عجز الموازنة إلى حدود 11? خلال الربع الأول من العام المالي الجاري، وارتفاع معدل النمو إلى نحو 2. 8? لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وارتفاع محدود في الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي، وانحسار أزمة نقص الوقود - نسبياً- مع تراجع أوقات تخفيف الكهرباء عن المصانع والمنازل. من جانبها، انتهزت حكومة المهندس إبراهيم محلب فرصة انعقاد المؤتمر لتطرح على المشاركين رؤيتها للإصلاح الاقتصادي في المرحلة المقبلة، والمشروعات التي تسعى إلى تنفيذها سواء عبر بند الاستثمارات العامة أو بالتعاون مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وكذلك سلسلة التشريعات الجديدة التي تعكف اللجنة الوزارية التشريعية حالياً على تعديلها لتتواءم مع ظروف المرحلة الراهنة، وفي مقدمتها قوانين العمل والاستثمار والطاقة الجديدة والمتجددة وقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992. الرهان على القطاع الخاص وركزت الرؤية الحكومية المطروحة على المؤتمر، عبر جلسات حضرها وزيرا المالية والاستثمار على أن ثمة رهانا من جانب حكومة محلب على دور القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي لدفع عجلة التنمية في مصر في السنوات القليلة القادمة، عبر إتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية الجاذبة لهؤلاء المستثمرين في مجالات حيوية في مقدمتها مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة. وأكد وزير الاستثمار أشرف سالمان، على أن الحكومة سوف تعطي للقطاع الخاص في المرحلة القادمة أولوية كبرى للعمل في هذا المجال، بعد أن انتهت من إنجاز تعديل تشريعي - سوف يصدر بمضمونه قرار بقانون خلال أيام - يتيح للقطاع الخاص بناء محطات توليد الطاقة وبيعها للحكومة، على أن تقوم الحكومة بإعادة تسعير هذه الطاقة المشتراة، ثم بيعها بأسعار مدعومة للمواطنين. ومن المنتظر خلال أسابيع، طرح مناقصتين أمام الشركات العامة في قطاع الطاقة لإنتاج أربعة آلاف ميجاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح - مناصفة - باستثمارات تتجاوز 600 مليون دولار، وأنه جرى اختيار المواقع التي سيتم إنشاء المحطات الجديدة فيها. وبالتزامن مع ذلك - حسبما أكد وزير الاستثمار - سوف يتم إجراء تعديل تشريعي موازٍ للقانون 95 لسنة 1992 المنظم لنشاط سوق الأوراق المالية، بحيث يسمح القانون، باستحداث آليات تمويلية جديدة لمشروعات البنية التحتية. وفي مقدمة هذه الآليات، طرح سندات بمشروعات محددة والسماح لصناديق الاستثمار والأفراد بشراء هذه السندات، مع تقديم ضمانة حكومية حال استخدام الحصيلة في إنشاء مشروعات، بناء على طلب حكومي مثل مشروعات الطاقة ومياه الشرب والصرف الصحي والموانئ وغيرها. الأمر الذي يعني إيجاد سوق تمويلية كبيرة، يقدرها بعض الخبراء بنحو نصف تريليون جنيه خلال السنوات الأربع القادمة نظراً لضخامة حجم المشروعات المطلوب تنفيذها في معظم قطاعات البنية التحتية، تسهم بدورها في تعزيز النمو وحشد المدخرات المحلية، وإنعاش سوق المال وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد. ودلل سلمان على رهان الحكومة على القطاع الخاص بأن حجم الاستثمارات العامة المطلوب تنفيذها خلال العام الجاري 2014-2015 تدور حول 334 مليار جنيه، من بينها استثمارات حكومية لا تزيد على 60 مليار جنيه، والباقي سوف يتولاه القطاع الخاص، وبالتالي فإن هناك فرصاً كبيرة أمام القطاع الخاص للدخول بقوة، لاسيما بعد الاستجابة لمطالب المستثمرين الخاصة بتنقية مناخ الاستثمار وتعديل قوانين الاستثمار والعمل وسوق المال، وتقليم أظافر البيروقراطية الحكومية، وإتمام التسويات مع العديد من المستثمرين العرب والأجانب، وحل بعض المشكلات العالقة مع الحكومة منذ سنوات سواء تلك المتعلقة مع الحكومة منذ سنوات سواء حول تخصيص الأراضي أو بيع شركات حكومية لهؤلاء المستثمرين ضمن برنامج الخصخصة. معدلات النمو أما وزير المالية هاني قدري، فقد ركز على طرح رؤية الحكومة لمعدلات النمو والعجز في السنوات القادمة والخطط المطروحة، عبر العديد من المؤشرات الرقمية التي اعتبرها كثير من المشاركين في المؤتمر دلالة قوية على بدء خروج الاقتصاد المصري من أزمته. وكشف الوزير عن توقعات بوصول معدل النمو هذا العام إلى 3. 5? ليرتفع تدريجياً ليصل إلى 6? في العام 2017، استناداً لحركة التشغيل والاستهلاك القوية التي بدأت دورتها في الصعود في السوق المصري مع بدء تنفيذ المشروعات القومية الكبرى الثلاثة، وهي محور قناة السويس، وإنشاء 3200 كيلومتر من الطرق الجديدة، وإطلاق تنمية الساحل الشمالي الغربي ليستوعب أكثر من 30 مليون مواطن في غضون السنوات العشرين القادمة، إلى جانب مشروع استصلاح أربعة ملايين فدان تضاف إلى الرقعة الزراعية التي لا تزيد حالياً على عشرة ملايين فدان، وتتعرض للتآكل التدريجي نتيجة استمرار البناء على الأراضي الزراعية الخصبة في الوادي والدلتا. وقال هاني قدري إنه من المتوقع كذلك تراجع العجز في الموازنة العامة إلى نحو 10? فقط مع نهاية السنة المالية الحالية على خلفية إجراءات ضبط الإنفاق الحكومي وزيادة الموارد الضريبية مع بدء تطبيق الضريبة العقارية، وتحصيل جانب مهم من المتأخرات الضريبية للممولين لسداد هذه المتأخرات في جداول زمنية محددة. وأشار إلى أن عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات سجلا تراجعاً ملموساً في الشهور الأخيرة، نتيجة زيادة حصيلة الصادرات بالنسبة للأول ونتيجة ارتفاع معدلات تحويلات المصريين العاملين في الخارج بالنسبة لميزان المدفوعات، وبالتالي تشهد تحسناً ملموساً للاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي على الرغم من التزام مصر بسداد مستحقات خارجية سواء لمديونية دول نادي باريس أو رد الودائع القطرية التي كانت مصر قد حصلت عليها، حيث يستعد البنك المركزي حالياً لرد نحو 2. 5 مليار دولار للحكومة القطرية في شهر نوفمبر المقبل. وقال وزير المالية إنه سيتم إصدار مجموعة من القوانين في الفترة القادمة بهدف ضبط الأداء المالي للحكومة وزيادة الموارد السيادية للبلاد خاصة الضرائب قياساً بالدخل القومي ومنها قانون الضريبة المضافة وغيرها، الأمر الذي من شأنه المزيد من التيسير أمام المستثمرين وإطلاق المجال أمام القطاع الخاص. ويرى خبراء اقتصاديون أن مؤتمر «اليورومني» هذا العام جاء ليعزز مناخ الثقة في الاقتصاد ويعطي الحكومة المصرية قوة دفع جديدة تساعدها على المضي قدماً في تنفيذ الإجراءات الإصلاحية التي وعدت بها، لاسيما على صعيد منظومة دعم الطاقة بعد أن نجحت الحكومة في أول اختبار في هذا الشأن مطلع شهر يوليو الماضي، ومن ثم فإن «المؤتمر» يعطي رسالة قوية للخارج بأن الأمور في مصر - سياسياً واقتصادياً - تمضي في الاتجاه الصحيح، وأن تحسناً قوياً يشهده الاقتصاد الكلي على ضوء الخطوات الإصلاحية الجارية. رسالة إيجابية وفي هذا الإطار، يؤكد هشام الخازنداد، العضو المنتدب لمجموعة القلعة الاستثمارية، أن المؤتمر أعطى رسالة إيجابية للأطراف الداخلية والخارجية، لاسيما وأنه جاء في توقيت مهم للغاية بعد نجاح عملية طرح شهادات استثمار قناة السويس بما يخفف العبء عن الموازنة العامة ويعطي انطباعاً إيجابياً للمستثمر حول جدية الحكومة في الإصلاح. وقال إن الحكومة المصرية اتخذت خطوات جدية لإصلاح الاقتصاد من خلال مرحلتين، الأولى الحد من الإنفاق العام، والثانية مشروع محور قناة السويس، والثالثة التي نطالب بها كرجال أعمال هي إصلاح البيئة التشريعية الحالية، لكي تتمكن مصر من تحسين فرصتها التنافسية، وبما يشجع المستثمرين على ضخ مزيد من استثماراتهم في مصر. لكنه في المقابل، أكد أن تشريعات الاستثمار الحالية تمثل إعاقة للمستثمرين ولم تعد تتواكب مع المقتضيات الاقتصادية للعصر الحالي، ويجب تعديلها في أسرع وقت لفتح الباب أمام المستثمرين من أجل ضخ مزيد من الاستثمارات في السوق المصري، مشيراً إلى أن الحكومة بدأت تخطو خطوات صحيحة حيث بدأت إجراء إصلاحات في المنظومة الضريبية وإجراءات أخرى للحد من الإنفاق العام من خلال إقرار الحد الأقصى للأجور وإجراءات الرفع الجزئي للدعم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©