السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاسن الحمصي: الوطن عرضي

محاسن الحمصي: الوطن عرضي
7 سبتمبر 2011 23:51
قاصة أردنية ترفض التهميش وتحذر من الأقلام التي تشترى تصف نفسها بأنها عربية ولدت ككل نساء الكون الطبيعيات تحمل قلبا رقيقا متسامحا محبا للأسرة والوطن في زمن يكتظ بالنكبات والانتكاسات والنزاعات واحتلال ينغص الحياة، بما يبقيك ثائرا محتجا وحزينا على بلاد مباركة تدنس من همجية متحضرة تدعي الديمقراطية. القاصة الأردنية محاسن الحمصي التي تقيم بين عمان وباريس لا تنتظر مقابلا للعطاء وترفض الظلم والضيم، ولا تسكت عن المطالبة بحقوق مشروعة.. ترفض التهميش وتتصرف ببساطة ولباقة ودبلوماسية.. تحترم من حولها وتجد مبررات وأسبابا لهفوات الغير وتصفح كثيرا ولكن لا ترضى بالمهانة ولا تترقب شهرة أو مركزا أو أضواء. وبعد صدور مجموعتها القصصية الأخيرة "لن يعد ليّ إلا أنت" أطلق عليها العديد من النقاد "الكاتبة الأرستقراطية". وفي بداية حديثها لـ"الاتحاد الثقافي" قالت: الوطن هو عرضي وأرضي، أتمناه دوما الأفضل والأعلى وحين انتقد بعض الممارسات السيئة والأداءين الاجتماعي والسياسي، فلا يعني ذلك التطاول عليه ولكن حين تكون البطانة غير صالحة أو من يدير الحكومة لا يكترث بالمواطن واحتياجاته، عندها تكتب وتحاسب المسؤول بالحقائق والأرقام وتبين الخلل فمصلحة الوطن أهم من مصلحة زمرة فاسدة". وهنا نص الحوار معها: ? لماذا الكتابة وماذا تمثل لك.. وإلى من تكتبين؟ ? انت لا تسأل نفسك لماذا تتنفس أو تأكل أو تتحرك أو تمشي وتفكر، لأن ما تقوم به أساسيات الحياة خلقت بها وتعيش من خلالها، والكتابة هي عطاء وكرم من الله وميزة ولدت معي لأهذبها وأنميها، تعطيني الدافع للعيش والتواصل والتعبير وتفريغ طاقات كامنة في داخلي تريحني، وقد أقدم بها فائدة وخدمة للمجتمع بالكلمة والفكرة والهدف. أحاول أن أكون كاتبة شاملة توظف القلم في مقال سياسي ساخر أو محاولة كتابة قصيدة، ولكنني أجد نفسي في كتابة القصص القصيرة والقصيرة جدا، وأعكف الآن بتشجيع من الروائي الكبير حنا مينه على كتابة رواية "خطوات نحو قبر مفتوح" وهي شبه سيرة ذاتية بشخوص واقعية وحقيقية. لا أخترع شخصياتي ? شخصياتك هل هي واقعية أم من خيالك على اعتبار أن الأدب يتضمن الكثير من الخيال؟ ? التواصل مع الناس والمجتمع والأسفار والأحداث على الساحة العربية والعالمية والتغير الملحوظ في العادات والتقاليد والتطور السريع سلبيا ام إيجابيا لا بد وان ينعكس على كتاباتي وعلى أشخاص عايشتهم أو صادفتهم واختزنت قصصهم في ذاكرتي، ومشاكل اجتماعية وواقعية تهز المشاعر وتحرك القلم. اردفها بالخيال الخصب والأسلوب السردي وارسمها على الورق. نادرا ما اخترع شخصية لأن كل الشخصيات موجودة في عالمنا ومن حولنا، لا احتاج ابتكارها خاصة في القصص القصيرة. ? القصة أدب مستورد من فرنسا فلماذا نتمسك به بعد أن نعاه الكثير من النقاد آخره ما حصل في ملتقى القصة قبل الأخير بعمان؟ ? لماذا من فرنسا؟ القصة عالمية وليست حكرا على بلد بذاته يأتي من اميركا اللاتينية أو من إسبانيا واليابان وبريطانيا والصين والهند، والاطلاع على أدب الغرب ليس بالضرورة تقليده او محاكاته بل نوع من التبادل الثقافي. وشخصيا لم أتواجد في ملتقى القصة الثاني ولم استمع الى نعي القصة العربية من النقاد. قد تكون القصة الفرنسية فيها روح وتشابه مع العربية في السرد من حيث المشاعر الرومانسية والوطنية، كما لا ننسى تأثير الاحتلال والحروب ووجود المستعمر الفرنسي والانجليزي في سوريا ولبنان وشمال افريقيا العربية قد اثر على المجتمع والثقافة والذي خلق جيلا من الكتاب يجند نفسه من خلال القلم لمحاربة المحتل سردا أو شعرا. ? في ملتقى القصة الثالث الذي انعقد قبل أسبوع في عمان غاب الربيع العربي عن القصة والقاصين.. بماذا تفسرين ذلك؟ ? الربيع كان متواجدا من تونس واليمن ومصر وفلسطين والسودان وسوريا والعراق، لكن الوقت والمدة وعدد المشاركين في ملتقى القصة الثالث والورشة التعليمية للشباب في فن القصة القصيرة التي استمرت ثلاثة أيام مكثفة للقراءة مع سبعين مشاركا خصصت عشر دقائق تقريبا لكل قاص، اضافة لحفل تكريم الروائي محمود الريماوي وإحياء ذكرى غسان كنفاني من الأسباب التي حالت دون أن يعرض القاص ما لديه من إبداع او قراءة عدة نصوص. أقلام تشترى ? بعض المثقفين يرون أن المثقفين صنعوا الظلم والاستبداد في الوطن العربي.. هل تتفقين مع هذا الرأي أم لك رأي آخر؟ ? هناك المثقف الحر قولا وفعلا ورأيا الذي لا يتخلى عن مبادئه، وهناك مثقف السلطة الذي يتملق وينتهز ويمدح، والأمة العربية منذ عقود تعيش في أزمة احتلال وحروب وأحزاب وطوائف وحالة اقتصادية متردية، الأمر الذي رفع أعداد الأقلام التي تُشترى لتقف الى جانب المال والمركز فتمجد السلطان وتكون في خدمة ميوله ورغباته وتعدد أفضاله على الشعب وتروج له ما ليس فيه ليصدق السلطان انه الواحد الأحد ويقمع بعدها كل معارض.. أعتقد أن هؤلاء المثقفين باتوا قلة ومكشوفة ولن يتأثر بهم أحد. ? شخصياتك قوية أم منكسرة وهل تتدخلين في مسارها أم تتركينها تتصرف على طبيعتها؟ ? لا أميز بين انكسار المرأة أو انهزام الرجل، بل أترك شخصياتي تتصرف بتلقائية في الضعف والقوة.. الحب والكراهية.. أتركها تعبر عن ذاتها في نهاية مفتوحة قابلة للإصلاح.. التقدم أو التراجع. ? يوصف الوسط الثقافي في الأردن بأنه غير متماسك وغير منضبط في مواقفه تجاه القضايا العربية.. ما رأيك كقاصة تحتلين مكانة مرموقة بين أقرانك؟ ? الوسط الثقافي كأي وسط اجتماعي آخر لديه مواقف وتصرفات ومبادئ يتأثر بالحدث أو يتجاهل الأحداث حرصا على مصالح عامة او خاصة سواء وظيفية أو بيئية او عشائرية، فيكون ملتزما نوعا ما ويؤثر الصمت، لكن خلال هذا العام بدأت الآراء تقريبا تجتمع وتلتف حول مطالب محلية وعربية وتقف الى جانب التغيير والإصلاح، وبات هناك نوع من التوافق تتخلله أخطاء تجد من يتصدى لها يحاكمها وينتقد سلوكياتها. أعتقد أن الوسط الثقافي بدأ يمشي في مسار لصالح المواطن وقضايا الشعوب العربية، يكتب ما يشاء وينتقد فالكلمة الحرة ليس لها سقف او خوف من السجون.. أكتب مقالات سياسية ساخرة انتقد فيها الحكومات ولم أجد من يوقفني وان وجدت فلن أتراجع عن مبادئ وطنية وعربية. ? يلاحظ أن كاتبات القصة في الأردن يتفوقن على الرجال عددا ونتاجا بماذا تفسرين ذلك؟ ? هي ظاهرة في كل مكان وليس فقط في الأردن، ربما لأن المرأة كانت مغيبة في المجتمع لعقود من الزمن خرجت بعدها تتعلم وتعمل وتستقل ماديا وتعتمد على ذاتها، فوجدت ضالتها بالتعبير والدفاع عن حقوق المرأة بالكلمة والقصة والسرد، إضافة إلى أن المرأة الاردنية حتى لو كانت موظفة او عاملة تتمتع بقسط لابأس به من الدلال والرفاهية والراحة نسبة الى النساء في أماكن أخرى، فتجد الوقت لتعطي وتمارس هواياتها أو لتكتب القصة والشعر والمقال. أحارب المرأة الضعيفة ? كقاصة.. هل أنت مسكونة بنون النسوة أم تتمردين عليها وهل تحصلين على حقوقك إعلاميا؟ ? أنا مسكونة بكل هموم المجتمع من نساء ورجال واطفال.. أتمرد على المرأة الضعيفة وأحاربها.. أناكفها، أمسك بيدها حتى تتناسب وتتعايش مع زمن لا يرحم، ولا أحب المرأة المستكينة والمسالمة.. أحبها أن تأخذ حقوقها بالمنطق والحوار والوعي، وتستخدم ذكاء وحنان وقلب المرأة في عرض مطالبها لا بالخوف من إرهاب عائلي او ذكوري. كما أتعاطف مع الرجل لأنه النصف الآخر من المجتمع.. أحترمه وأحبه أقف إلى جانبه، فكثير من الأحيان يكون مظلوما هو ايضا من جانب امرأة لا تفهمه او لم تستطع تربيته. أما بالنسبة لحقوقي الإعلامية في النشر فأحمد الله أنها لا تشكل أي عقبة ولا أواجه مشاكل فيها، واعتقد أن كتاباتي فرضت نفسها واحترامها على الصحافة المطبوعة، إضافة لوجود قارئ يتابع باهتمام ما أكتب. وفي معظم القصص التي كتبتها غالبا ما كان الرجل إنسانا مثقفا باعتبار أن المجتمع مفتوح له منذ عقود، نهل من العلم وجبل بالتجارب، لكنه يبقى شرقي النزعة يشد الحبل ويرخيه للمرأة حسب مزاجه، وبالمقابل يواجه امرأة رقيقة تعمل على ترويضه بالحوار والإقناع والمسايسة، وحين تفشل بالحسنى تتمرد وتشتد وتمسك زمام مبادرة الخلاص من الرق والعبودية. نقد بلا إثارة ? يقال إن النقد في الأردن مجاملاتي لا يعتمد على نظرية بنائية ولم يساعد الأجناس الأدبية على التقدم خطوة واحدة.. ما رأيك بهذه القضية؟ ? يوجد نقاد وتوجد جمعية النقاد الأردنيين وأعتقد أن المشكلة ليست في المزاجية والمجاملات، وانما في طريقة عرض المطبوع والدعاية الاعلامية له، واسم المؤلف، فتجد القراءات النقدية تتنافس عليه حد الاشباع، فيعرض عنها القارئ وتحترق الاثارة والرغبة في الحصول على الكتاب، وان اختلفت طريقة النقد من قلم لآخر. وعدد من النقاد يلجأون الى نقد كتاب عالمي أو عربي كي لا يجاملوا كاتبا اردنيا على حساب آخر.. اعتقد أن قراءة نقدية جادة من قلم ناقد مميز او كاتب مميز تغني. ? هناك تجربة جديدة في الأردن تقوم على مسرحة القصة أمام كتابها أدتها الفنانة أسماء مصطفى هدفها تمثيل القصة أمام كاتبها ليرى شخوصه.. كيف تنظرين لهذه التجربة؟. ? القصة لا تحتاج عرض قراءة مسرحية ليراها الكاتب أمامه هو حين يكتب يرى شخصياته ويعرف مقدرتها على الإقناع في الحركة والاشارة وحتى الصمت. أما في حالة الفنانة أسماء مصطفى، وهي الوحيدة التي طرقت هذا الباب، فقد قدمت القراءة نيابة عن القاصة العراقية لطيفة الدليمي إثر تعرضها لالتهاب حاد في الحنجرة. أدت أسماء النص بطريقة جميلة وصوت مميز لكنها لم تجذب الأسماع للتركيز على القصة ذاتها. هناك فرق بين المسرحة وتحويل النص الى مسرحية. تجارب مرة ? شخصيا هل لك تجربة غير إيجابية أدبيا؟ ? أثيرت قضية اقتباس احد نصوصي من كاتبة عربية احترمها وتعجبني كتاباتها، وتداولتها المواقع وبعض الصحف المشهورة لكني لم اكترث او أتابع، فأحيانا تتشابه الخواطر والأفكار، وأغلق الموضوع، كما نسب شاب إليه قصيدة كتبتها عن الشهداء فطالبت الموقع بالاعتذار او تقديم شكوى لاتحاد كتاب الانترنت فاعتذر. أما السرقة الأدبية الحقيقية التي جرحتني وأبكتني فهي تبادل رسائل خاصة ورقية بيني وبين كاتب مشهور قبل ان يكون الانترنت موجودا، وقد نشرها في الصحف دون ان يأخذ رأيي ووضعها باسمه وأنها من كتاباته، ورغم أنه انتقل إلى الرفيق الأعلى لكنني حتى اليوم لا استطيع مسامحته رغم الاعتذار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©