الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العسل المسموم

22 سبتمبر 2014 00:33
العديد من القنوات الإعلامية والإخبارية منها بالذات حازت على ثقة المواطن العربي فيم يصدر منها من معارف وأخبار، هي ثقافة عربية نشأت منذ البدايات الأولى للمذياع في الوطن العربي عندما انطلقت كلمات «هنا صوت العرب» في عام 1953 إذاعة ولدت وترعرعت محبوبة غالية أسعدت بشارة خروجها للوجود الشعوب العربية قاطبة، وفي فترة ليست بالطويلة استطاعت تلك المحطة بناء علاقات متينة مع العرب ترفدهم بالمعارف والعلوم والأخبار، فاستطاعت أن تحقق مكانة أهلتها لدخول البيوت والقلوب. هي الثقافة ذاتها التي تلعب على أوتارها العديد من القنوات متكئة في لعبتها على ثقة المواطن العربي وتسليمه المطلق في كل ما يصدر من القنوات التلفزيونية والإذاعية، فأتقنت دس السم في العسل مادام متلقوها لا يتوقعون غير عسلها الصافي، ولا يرون ما يحاك في أروقتها من المؤامرات والمكائد للنيل من الحكومات والأوطان حتى نجحت « وفق معايير النجاح الفاشلة»، فزرعت بذور الفتن الطائفية والدينية والقبلية ثم حصدت ذلك تلاسناً وخلافات وحروباً، وفازت بتفردها بما زرعت وجنت بعد سبقها الإعلامي بما اسمته بجرأة الطرح، وما أسماه مثقفو العرب إعلام الإثارة، لا أحد ينكر كم ساهمت تلك القنوات في رفع منسوب العلوم لدى مجتمعاتنا، بيد أنها العلوم التي يضر جهلها، ولا تنفع معرفتها، بل ساق التطرق لها إلى إشعال فتيل الفتن بين أفراد الشعب الواحد الذين عاشوا بسلام آمنين آلاف الأعوام والسنين، حتى خرجت تلك القنوات بأصواتها الشاذة تحرض وتستفز وتشجع على الرأي وخلافه الذي لابد من القضاء على أحدهما ليعيش الآخر. سألتني صديقة من دولة خليجية شقيقة عدة أسئلة تريد فهم شيئاً مما يحدث معولة على وجودي في الحقل الإعلامي، علها تجد ما يريحها ويشبع حاجتها المعرفية عن بعض ما يدور من خلافات بين الدول العربية، أجبتها مستنكراً استفهامها عن بديهيات الأمور وأبجديات الأوضاع لاسيما عندما يتعلق الأمر بخليجنا الغالي وأمواجه الطيبة وإن علت وهدرت بعض الأحيان فسرعان ما تهدأ وتعود إلى طبيعتها الفطرية، فاعتذرت صديقتي مبررة موقفها باختيارها ما تعتقد أنها أكثر المحطات الإخبارية «مهنية ومصداقية وثقة» حتى تبني استنتاجاتها على معارف موثوقة، وما أن أخبرتني بالقناة حتى ابتسمت وسردت لها بعضاً من إفرازات تلك القناة وما تمخضت عنه من مصائب وما تحمله رحمها من قنابل لا زالت تفجرها لحرق ما سلم من خير العرب وبقايا علاقات الشعوب والأوطان. إن الإنسان العربي لم يعد جاهلًا يستقبل المعلومة والخبر دونما إعمال لمعارفه وملكاته العقلية حتى يقع في فخ الاستغفال وشباك الاستخفاف بتفكيره، ولو استعرض المتلقي العربي منتجات المصنع الإعلامي لتلك القناة لأدرك أن لا هدف لها ولا غاية ترتجى سوى إثارة الفتن وشق الصفوف وتحريض الأقليات، منذ نشأتها وحتى ساعة كتابتي للمقال. أزيل الستار عن تلك القناة وأصبح قبح وجهها ظاهراً لمن يستطيع الرؤية بيد أنها لا زالت تجيد خداع من فقد البصيرة. نوره علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©