الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات العالمية تفتش عن أموال الطبقة الوسطى الأفريقية

الشركات العالمية تفتش عن أموال الطبقة الوسطى الأفريقية
27 أغسطس 2012
لم يجد سكان القارة السمراء حظهم من الخدمات المناسبة ذات التكلفة العالية. وتسعى شركة “يوني ليفر” العالمية للاستفادة من زيادة معدل إنفاق الطبقة الوسطى عبر صناعة منتجات مخصصة للمستهلك الأفريقي بأسعار وأذواق مناسبة. ويقدر حجم اقتصاد أفريقيا بنحو 1,8 تريليون دولار، مع توقعات تشير إلى بلوغ عدد سكان القارة نحو 1,3 مليار نسمة بحلول 2020. وتمكنت اقتصادات “الأسود” لدول مثل غانا ورواندا، من تحقيق معدلات نمو أسرع من كوريا الجنوبية وتايوان واقتصادات “النمور” الأخرى في دول شرق آسيا خلال السنوات الخمس الماضية. و”يوني ليفر” ليست الشركة الكبيرة الوحيدة التي تطرق أبواب أفريقيا. وتشكل القارة 3% من مبيعات “نستله”، أكبر شركة للسلع الغذائية في العالم، والتي تراهن بشدة على القارة باستثماراتها التي بلغت نحو مليار فرنك سويسري خلال 2011 و2012 مقابل إجمالي نفقات رأس المال البالغة 4,8 مليار فرنك سويسري في العام الماضي. وتملك الشركة 29 مصنعاً في القارة مع التخطيط لتشييد عدد أكبر في المستقبل. وتنبع جاذبية القارة لمثل هذه الشركات من بروز الطبقة الوسطى الجديدة التي يعرِّفها “بنك التنمية الأفريقي” بأي فرد يتراوح معدل إنفاقه بين 2 إلى 20 دولارا في اليوم قياساً على تعادل القوة الشرائية. وتشير تقديرات البنك، إلى أن أكثر من 34% من الأفارقة أي نحو 326 مليون نسمة، ينطبق عليهم هذا الوصف، بزيادة عن نسبة 27% التي كانت خلال 2000. وأشار سوليفان أوكارول، مدير “نستله” في أفريقيا، إلى أن التحدي يكمن في صناعة منتجات في متناول الجميع والى أن شركته تقوم بصناعة منتجات بأسعار منخفضة تستهدف سد النقص في السلع الغذائية المعروفة. وتحتوي على سبيل المثال “نسبراي” بودرة الحليب سريعة الذوبان، على الكالسيوم والحديد والزنك التي تشكل جميعها أهمية كبيرة بالنسبة للأطفال. وصناعة منتجات تناسب السكان المحليين، ليست سوى جزء من التحدي. وفي جنوب أفريقيا التي تتميز بأفضل بنية تحتية، يصعب الوصول إلى المستهلك رغم رغبته الكبيرة في الشراء. وتقوم “نستله” بالتوزيع المباشر للمحلات التجارية الصغيرة غير الرسمية والتي تشكل 30% من سوق التجزئة الكلية في البلاد. وتقع العديد من هذه المحلات في مناطق نائية لا يملك أصحابها سيارات لنقل البضائع، مما حدا بالشركة إنشاء 18 مركزا للتوزيع. ولا تقتصر المشاكل على ذلك، بل يشكل الأمن أحد الهواجس الكبيرة مما جعل “نستله” بالإضافة إلى تدعيم بودرة الحليب بالحديد، تدعم به المراكز أيضاً. وتعرضت السيارات التي تقوم بجمع الأموال من المراكز للعديد من حالات الاعتداء والنهب المسلح. بالإضافة إلى “نستله”، تقوم “دانون” الفرنسية لصناعة السلع الغذائية، بتوزيع الزبادي على 8,500 منفذ في جنوب أفريقيا. وتجد الشركة صعوبة في التوزيع في دول أخرى مثل أنجولا ونيجيريا وجامبيا، نظراً لعدم توفر الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء بشكل مستدام. وتُعد جنوب أفريقيا نقطة مناسبة للانطلاق إلى الأجزاء الأخرى من القارة، لكن من الخطأ اعتقاد أن ما يمكن تسويقه في بلد يمكن في الآخر. ولا يزال أكثر من خمسي شعوب القارة يعيشون على ما لا يتعدى 1,25 دولار في اليوم. ويدرك الخبراء أن العلامات التجارية لا تشكل أهمية كبيرة كما هو الحال بالنسبة للأسعار في عدد كبير من دول أفريقيا. ومع أن العديد من سكان القارة من الفقراء الذين لا يشغلون بالهم بالإعلانات ومعرفة العلامات التجارية العالمية المشهورة، بدأ هذا التوجه في التحول مع انتشار أجهزة التلفزيون والهواتف المحمولة. ويشكل الفساد واحدا من هموم القارة الكبيرة، حيث من الممكن أن تمكث الشاحنات على الحدود بين تنزانيا وكينيا لأسبوع أو أكثر في حالة رفض سائقيها دفع الرشاوى المناسبة ما يعرض بعض السلع الغير قابلة للتخزين للتلف. ولا تخلو الموانئ من المشاكل أيضاً، وبينما يتميز ميناء ديربان في جنوب أفريقيا بسرعة إجراءاته التي لا تتعدى سوى أيام قليلة، من الممكن أن يستغرق نفس الإجراء في موانئ أخرى من القارة أسابيع عديدة. وكلما زاد التأخير، كلما زادت الضغوطات لدفع الرشاوى. ويمثل نشاط :يوني ليفر” في أفريقيا عودتها إلى حظيرتها القديمة، حيث كانت خمس أرباح المؤسسة تجئ من القارة في سبعينات القرن الماضي قبل أن تحول أنظارها نحو دول آسيا. أما الآن، فعادت إلى القارة بتوظيف نحو 30,000 فيها واستثمارات تبلغ نحو 3 مليارات يورو (3,7 مليار دولار) من مجموع 46 مليار يورو حول بقية أنحاء العالم. وتعتبر الشركة أكبر مورد للسلع الاستهلاكية في القارة في الوقت الحالي مع تخطيطها لمضاعفة مبيعاتها في غضون الخمس سنوات المقبلة عبر زيادة حجم استثماراتها وجلب المزيد من العلامات التجارية. وعلى الرغم من وجود المخاطر، تحدو رجال الأعمال أمال كبيرة في أفريقيا. وكانت الحكومات الأفريقية قبل عقدين تضع العديد من العراقيل أمام قيام الأعمال التجارية. لكن تتميز السياسات الحالية بالمزيد من الجاذبية للاستثمارات الخارجية على الرغم من عدم خلوها من بعض الإخفاقات، حيث حظرت زامبيا على سبيل المثال مؤخراً استخدام الدولار الأميركي في عقد الصفقات المحلية. ويقول كلاوس شواب، مؤسس “المنتدى الاقتصادي العالمي”، :”تحول التشاؤم حول أفريقيا إلى تفاؤل، ولدينا إحساس قوي بأن الأشياء متجهة نحو الأفضل ولم يعد الاهتمام بأفريقيا متعلق بمواردها الطبيعية من نفط وغاز وغيرهما. ولا تزال القارة في حاجة إلى تخطي عقبة القناعة العمياء في مقدرة القارة على تحقيق توقعاتها”. نقلاً عن: «ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©